• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانية واحدة

كل هذه المعاناة ، وكل هذا الصخب ، وكل هذا الضجيج حولها ، لم ينسيها أنها أنثي ، وكل هذا الجمال ، وكل هذه الأنوثة ، وكل هذا التفرد بكل مقومات البهاء وسمات الحسن ، التي كُتبت في كل قصائد الغزل من فحول الشعراء ، وفي مدونات العاشقين ، واجتمعت فيها وحدها ، كل ذلك لم ينسيها أنها مسلمة وصاحبة عقيدة ومبدأ ، وصاحبة قضية ، فلم تغتر يومًا بحسنها وجمالها ، ولم تنفقه وتبعثره علي أيادي اللهاة في مشاتي الخطيئة ومصايف القبح والرذيلة.

 

ظلت هي كما هي ، ببهاء وجهها الذي أضفاه الله عليها بفطرتها النقية ، وجمال قلبها كما هو ، فلم تتزاحم فيه أسماء الشخوص ، ولم تفنيه تجارب الخطيئة وتباريح الهوى ، بل ظل ذلك الغض الطري ، لم تلوثه أسلحة البغاة من الفاسدين ، ظلت محافظة عليه أبيضًا كبياض ضوء الشمس صبيحة ليلة القدر الذي يسري بغير شعاع.

 

وعت رسالتها منذ أن تَلَقْت أول سطورها ، في بيتها ، من ذلك الصوت الذي يتسرب إلي مسامعها ، من لقاء لم يخطئه أبيها ولا إخوانه حينما يجتمعون ليستفتح أحدهم بالقرآن وآخر بالدعاء ، ويجددون جميعًا نواياهم ويصححوا قبلتها ووجهتها صوب الله ويرجون منه القبول .

 

كانت تري النور الذي يملأ أركان البيت إذا ما انعقد اللقاء ببيتهم ، شبت علي هذا الرحيق ، غدت زهرة تنمو وسط حديقة الأزهار ، ترتقي في سيرها لربها ، وتسلك إليه أعلي مدارج السالكين.

 

لهوها حديث عزٍ تبثه في أقرانها ، ولعبها مخطط تعده لكفالة الأيتام... تسعد إذا ما شاركت في حمل عائلات حيها ، وحفَّظت أبناءهم آيات القرآن ، تعلم كل المعوزين من جيرانها ، تحفظ مقاسات أثوابهم وكذلك الأحذية .

 

إذا لم تلتقي في دروس عصرها بأحدهم ، كانت في المغرب تتفقد أحواله وتصطحب معها من يُسر برؤيتهم قلبها.

 

منشغلة بهم ، تتودد إليهم ، تعلمهم ، تساعد في تجهيز من أشرفت منهن علي الزواج ، تتعاهدهم في أورادهم وعباداتهم ، تسير بهم نحو الله.

 

تذكرتْ كل هذه الذكريات وهي تبكي ، وتستعد للزيارة ، التي تتوق إليها نفسها ، وتضع قطعتين من الحلوى وزجاجة صغيرة من العصير لابن شقيقتها في الكيس الذي ستسلمه لهم في زيارة هذا الأسبوع فهذا موعده فقد طلبت أن تراه فقد اشتاقت إلي ضحكاته حينما كانت تمسكه بين يديها وترفعه إلي السماء ، فما رأته منذ أن اقتحم الأمن بيت أبيها فجرًا وأخذوها معهم وغموا عينها بتهمة... الإرهاب.. ومرت سنة والثانية علي وشك المرور.. ولم يَقل عزمها... أبيةٌ أنتي كإباء أشراف الرجال وإباء أمهات المؤمنين...

أضف تعليقك