في 1 يوليو 2013 ومنذ ما يقرب من 4 سنوات، اخُتطف الدكتور محمد مرسي، أول رئيس جمهورية مدني لمصر، من قبل ميليشيات تابعة للقوات المسلحة بقيادة السفاح عبد الفتاح السيسي، لوضعه في سجون الانقلاب، لتبدأ قصة صمود وثبات الرئيس المناضل الذي رفض المساومة والرجوع عن الحق.
ومنذ دخوله السجن، بدأت سلسلة من الانتهاكات ضد الرئيس بقصد الإذلال والانتقام منه ومن أسرته، لتأتي آخر شكاوى الرئيس اليوم الاثنين، حيث شكا خلال جلسة الاستراحة اليوم بالقضية الهزلية المعروفة إعلاميًا بـ"اقتحام سجن وادي النطرون" إبان ثورة 25 يناير2011 من الحاجز الزجاجي العازل للصوت داخل القفص المودَع به، مشيرًا إلى أنه معزول تمامًا عن المحكمة والجلسة، وأنه لا يرى هيئة المحكمة ولا تراه.
وتابع: بأنه حاول التحدث للمحكمة بخصوص القضية ولم يستطع، وأن ذلك الحاجز يصنع انعكاسًا للصورة يصيبه بالدوار، وأشار إلى أنه حاضر الجلسة كالغائب قائلاً "أنا حاضر غائب لوقائع المحاكمة"، لافتًا إلى أنه لا يسمع دفاعه الا متقطعًا، وكذلك الشهود.
وذكر الرئيس مرسي أنه لم يرَ دفاعه منذ شهور، وأن كلام الشهود لا يتمكن من الرد عليهم، وذكر على سبيل المثال بأن الشاهدة التي أدلت بأقوالها الجلسة الماضية -زوجة أحد الضباط المختفين في سيناء في غضون ثورة 25 يناير- أراد أن يرد عليها لأنها ذكرت كلامًا غير صحيح، ولم يتمكن من ذلك.
وأضاف الرئيس مرسي "أنا محاصَر سواء في مكان إقامتي أو في مكاني هذا وأنا أحاكم غيابيًا".
وتساءل "ماذا أفعل.. الشهود قالوا أقوالًا غير صحيحة على الإطلاق وأردت الرد عليهم ولم أستطِع"، وأستطرد "المحاكمة بالنسبة لي غيابية ولا أرى إلا خيالات ولا أرى دفاعي.. وأنا متأكد أن المحكمة لا تراني على الإطلاق بسبب القفص الزجاجي"، مضيفًا "أنا مستاء جدًا أن المحكمة تحاكم محمد مرسي بهذه الكيفية".
وتابع موجهًا كلامه للمحكمة، "إذا لزم الأمر لمحاكمة خاصة فأنا أوافق على ذلك كي أستطيع الحديث للمحكمة وأقول لها ما يقال لي فأنا مهدد وحياتي مهددة بشكل خطير".
تاريخ مشرف
د. محمد مرسي هو الرئيس الخامس لجمهورية مصر العربية وأول رئيس مدني منتخب للبلاد، بعد إعلان فوزه في 24 يونيو 2012 بنسبة 51.73 % من أصوات الناخبين المشاركين.
وتولى الرئيس محمد مرسي منصب رئيس الجمهورية رسميًا في 30 يونيو 2012 بعد أداء اليمين الجمهوري حتى تم الانقلاب 2013، ولا يزال معتقلاً لكنه حر شريف في قلوب أحرار العالم.
تعرض د. مرسي للاعتقال عدة مرات، أبان حكم المخلوع حسني مبارك، فقد قضى سبعة أشهر في السجن بعد أن اعتقل صباح يوم 18 مايو 2006 من أمام محكمة شمال القاهرة ومجمع محاكم الجلاء بوسط القاهرة، أثناء مشاركته في مظاهرات شعبية تندِّد بتحويل اثنين من القضاة إلى لجنة الصلاحية وهما المستشاران محمود مكي وهشام البسطاويسي بسبب موقفهما من تزوير انتخابات مجلس الشعب 2005 واعتقل معه 500 من الإخوان المسلمين، وقد أفرج عنه يوم 10 ديسمبر 2006.
كما اعتقل في سجن وادي النطرون صباح يوم جمعة الغضب 28 يناير 2011 أثناء ثورة 25 يناير مع 34 من قيادات الإخوان على مستوى المحافظات لمنعهم من المشاركة في جمعة الغضب وقامت الأهالي بتحريرهم يوم 30 يناير بعد ترك الأمن للسجون خلال الثورة، لكن رفض مرسي ترك زنزانته واتصل بعدة وسائل إعلام يطالب الجهات القضائية بالانتقال لمقرِّ السجن والتحقق من موقفهم القانوني وأسباب اعتقالهم، قبل أن يغادر السجن؛ لعدم وصول أي جهة قضائية إليهم.
تلفيق الاتهامات
في مطلع سبتمبر 2013 أحالت النيابة العامة الرئيس محمد مرسي لمحكمة الجنايات ولفقت له اتهامات بالتحريض على القتل وأعمال العنف خلال المظاهرات التي جرت أمام قصر الاتحادية الرئاسي نهاية عام 2012.
وفي يوم الثلاثاء 17 فبراير 2015 أحالت النيابة العامة الدكتور محمد مرسي إلى محكمة عسكرية لأول مره منذ بدء محاكمته في 4 نوفمبر 2013 وبعد ساعات قليلة من الإعلان عن إحالة محمد مرسي إلى القضاء العسكري، تم الإعلان عن استبعاده من المحاكمة أمام القضاء العسكري.
يوم الثلاثاء 21 أبريل 2015 أصدرت المحكمة حكمًا بالسجن لمدة 20 سنة وفى 18 يونيو 2016 أصدرت المحكمة حكمًا بالسجن لمدة 15 سنة في هزلية التخابر مع قطر إلى جانب السجن المؤبد.
رمز للصمود
توالت رسائل الرئيس مرسي للأحرار من خلف القضبان، ففي أحد رسائله قال : "أعلن بكل وضوح أنني قد رفضت ولا زلت أرفض كل محاولات التفاوض على ثوابت الثورة ودماء الشهداء، تلك المحاولات الهادفة إلى أن يستمر المجرمون وينعموا باستعباد شعب لم يستحقوا يوما الانتماء له، وإنني كذلك أشدد تعليماتي لكل الثوار الفاعلين على الأرض بقياداتهم ومجالسهم وتحالفاتهم ورموزهم ومفكريهم وطلابهم أنه لا اعتراف بالانقلاب، لا تراجع عن الثورة ،ولا تفاوض على دماء الشهداء.
كل عام وأنتم ثوار وأنتم أحرار، أما أنا فإن يقيني بفضل الله لا يتزعزع في نصر الله لثورتنا وثقتي لا تهتز في عزائمكم المتوقدة وبأسكم الشديد.
وإن شاء الله لن أغادر سجني قبل أبنائي المعتقلين ولن أدخل داري قبل بناتي الطاهرات المعتقلات وليست حياتي عندي أغلى من شهداء الثورة الأبرار وقد استقت عزمي من عزم الشباب المبدع في كل ميادين الثورة وجامعاتها ، ولم ولا ولن أنسى أبنائي من المجندين الشهداء الذين يطالهم غدر الغادرين بعد أن أحال الانقلاب الوطن إلى بحور جراح أعلم أن الثورة طبيبها ، وأن القصاص منتهاها ... فاستبشروا خيرا واستكملوا ثورتكم والله ناصر الحق ولن يتركم أعمالكم.
وإن شاء الله نلتقي قريبا والثورة قد تمت كلمتها وعلت إرادتها".
أضف تعليقك