• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
منذ ثانيتين

في يوم واحد يسقط من المصريين 305 شهداء و150 مصابًا، في فاجعة لم تشهدها المساجد المصرية من قبل، حيث هاجم مسلحون مسجدًا بقرية الروضة غرب مدينة العريش بشمال سيناء، أثناء صلاة الجمعة، في سابقة هزت العالم.

وأثبت الحادث أنه ليس أدل على فشل العسكر أو "تواطئهم" من العمليات اليومية التي تجري في سيناء، وغالبًا ما تخلف ضحايا وجرحى وتؤكد على فشل الخطة الأمنية، وأن قادة الانقلاب العسكري فاشلون، وأن استمرار هؤلاء وخططهم، ما هو إلا قرار بقتل المصريين، ما بين جنود ومسلحين ومدنيين وأطفال.

يوم دام

فوجئ المصريون يوم الجمعة الماضي بقيام مسلحين مجهولين في وقت صلاة الجمعة بمهاجمة مسجدًا بقرية الروضة غرب مدينة العريش بشمال سيناء، حيث قاموا بتفجير عبوة ناسفة، ثم أطلقوا نيران الأسلحة الآلية والقذائف الصاروخية على المصلين الذين كانوا يتدافعون إلى خارج المسجد وسط حالة من الهلع والخوف. 

ولم يكتف المهاجمون بقتل المصلين، بل قاموا عقب فعلتهم تلك بإحراق سيارات مواطنين كانت متوقفة أمام المسجد، قبل أن يلوذوا بالفرار على متن سيارات دفع رباعي كانت في انتظارهم.

وأعلنت نيابة الانقلاب العامة أن نحو 30 مسلحًا يحملون علم تنظيم داعش فتحوا النار على المصلين خلال أدائهم صلاة الجمعة.

وكشف شهود عيان لوسائل الإعلام تفاصيل الهجوم، وقال أحدهم إن المهاجمين ظلوا يطلقون الرصاص لمدة تجاوزت نصف الساعة، وإن بعض الناجين اختبؤوا خلف أعمدة المسجد.

وذكر بعض الشهود أن المسلحين حاصروا المسجد بكافة المركبات، ثم زرعوا قنبلة خارج المبنى، وبعد الانفجار، أطلقوا النار، مما تسبب في ذعر المصلين الذين كانوا يفرون، لكنهم عجزوا عن ذلك بفعل النيران التي أضرمت في سيارات كانت متوقفة في المكان.

بينما كشف شاهد آخر لوكالة الصحافة الفرنسية أن المهاجمين كانوا يرتدون الأقنعة والزي العسكري.

وفور وقوع الهجوم الدموي، قدمت سلطات الانقلاب حصيلة أكدت سقوط عشرات القتلى والجرحى، لكنها أعلنت لاحقًا أن الحصيلة ارتفعت إلى مئات القتلى والجرحى، وأعلنت النيابة أن حصيلة الضحايا بلغت 305 قتلى بينهم 27 طفلًا، وأصيب أكثر من مئة بجروح، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أن بين القتلى مجندين في الجيش المصري.

فشل يغذي الإرهاب

يظل الفشل الذريع لسياسيات قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، هو المتهم الأول في سقوط الضحايا المصريين بهذه الأعداد الكبيرة، فالسيسي لا يعرف إلا وسيلة وحيدة للحكم هي العنف الغاشم والقمع، وفشله المستمر من الواضح أنه سيودي بمصر لمستقبل مرعب.

فمنذ انقلابه العسكري واستيلائه على الحُكم، يقوم السيسي بعقد الصفقات العسكرية المتطورة باهظة الثمن تحت دعوى مكافحة الإرهاب، وبالرغم من نجاحه في ضم طائرات الرافال الفرنسية، وصواريخ إس 300 الروسية، وطائرات إف 16 الأمريكية، إضافة إلى المركبات المضادة للألغام التي أهدتها واشنطن لمصر خصيصًا لتستخدم في العمليات ضد التنظيمات المسلحة في سيناء، إلا أنّ إنجازات السيسي المزعومة سُرعان ما تتلاشى حين نسأل عن الشبح الخفي الذي يُقاتل منذ سنوات؛ فالمفاجآت تتوالى حول كيفية إنفاق المليارات من أجل تحقيق الأمن، في حين أن التنظيمات المسلحة، تمتلك ترسانة من الأسلحة المتطورة.

كما أن حرب الانقلاب على ما تسميه الإرهاب تشمل مخالفة كبيرة للقوانين دون محاسبة المسئول، فهي مليئة بالانتهاكات في قصف بيوت عن طريق الخطأ، واعتقال مئات من أبناء القبائل خلال حملات القبض العشوائي، أو في الكمائن، إضافة لعمليات الاختفاء القسري، وتنفيذ إعدامات خارج إطار القانون.

وبحسب مؤسسة "هيومان رايتس ووتش"، فإن الجيش نفذ عمليات إعدام في سيناء، مؤكدة أن أعمال القتل - التي وصفتها بالبشعة - تؤكد أن حملة مكافحة الإرهاب المصرية في سيناء خرجت عن السيطرة، كما دعت الدول التي تقدم مساعدات عسكرية لمصر بتجميد مساعداتها.

وبالرغم من حالة التعتيم الإعلامي التي فرضها نائب عام الانقلاب بحظر النشر عن سيناء فإن إرث الكراهية الذي حمله أهل رفح للسلطة منذ عام 2014 ازداد عقب ترحيلهم لإقامة منطقة عازلة بعرض 1.7 كيلومتر من الحدود وبطول 14 كيلومترًا، وتُتهم حكومة الانقلاب بعدم تقديم تعويض عادل للسكان الذين حذروا بقية أهل سيناء من قيام الحكومة بسياسة إخلاء سيناء، وهو ما ظهر بالفعل في الدعوات البرلمانية التي طالبت بتهجير أهالي مدن رفح والشيخ زويد والعريش بزعم مواجهة العناصر المسلحة بعد الفشل الأمني، وهو ما قوبل بالرفض، بالرغم من ترويج الإعلام لها.

ربما أحد أكبر الأسباب التي تُطيل الحرب، هو رفض معظم قبائل سيناء التوحُّد مع الجيش لقتال التنظيم؛ إضافة للتعاطف الذي تكسبه الجماعات المسلحة بسبب انتهاكات الجيش، والذي يتحوَّل أحيانًا إلى انضمام فعلي، وتدورُ الدائرة ولا تنتهي حتى الآن.
 

 

 

 

أضف تعليقك