• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
منذ ثانيتين

تقول لهم إن وزيرة صهيونية أعلنت أنه لا مكان لدولة فلسطينية إلا في سيناء، يأتيك الرد: هذا كلام لا يستحق الرد، وأن المتحدّثة لا تمثل إلا نفسها.

ثم يأخذونك إلى منطقة أخرى من العبث، مستشهدين بواحد من الاسكتشات المسلية لرئيس سلطة رام الله، محمود عباس، يزعم فيه، بين يدي لميس الحديدي، احتفاءً ومجاملة لسلطة الانقلاب في مصر، إن هذا الكلام أثير في لقاء له مع الرئيس الأسير محمد مرسي، قبل الانقلاب عليه.

في اللقاء المشار إليه أعلاه، لم يقل محمود عباس إن الرئيس مرسي طرح عليه مشروع توطين الفلسطينيين في سيناء، بل ذكر عباس إنه أبلغ الدكتور مرسي بأن هناك تفكيراً إسرائيلياً في إقامة دولة فلسطينية في سيناء"قلت له إن إسرائيل تريد أن تلقي بغزة في سيناء، وهذا يخرّب المشروع الوطني الفلسطيني"، فاستنطقته المذيعة "سمعت إنه قال لك يعني همه كام يعني مليون ونص"، فنطق عباس"قال لي نحطهم في شبرا".

في الحوار بدأ عباس متحفظاً على أن يقول كلاماً على الرئيس مرسي وهو في السجن، وفضّل أن يترك له الحديث عن الأمر، حينما تسمح الظروف، لكنه تحت إلحاح المذيعة، قرّر أن يطلق نكتة التوطين في شبرا.

هنا عدة ملاحظات أساسية: أولاها إن مرسي لم يطرح موضوع سيناء بديلاً للدولة الفلسطينية، بل أن عباس هو الذي أثاره. الثانية أن الرئيس مرسي، وفقاً لرواية عباس التي تلقفها إعلام الانقلاب لم يذكر سيناء على الإطلاق، وإنما سخر من النكتة الصهيونية السمجة بالقول "نحطّهم في شبرا".

الملاحظة الأهم، أو السؤال الأخطر: لو كان الرئيس مرسي يريد تحقيق الرغبة الصهيونية بالتخلص من غزة في سيناء، فكيف تفرّط إسرائيل في حاكم عربي بهذه المواصفات، وتحرك وتدعم انقلاباً عليه؟ لماذا لم يعضّ عليه الصهاينة بالنواجذ، بدلاً من أن ينفقوا المليارات للتخلص منه، كما اعترف بذلك عسكريون وسياسيون صهاينة، وأيضاً سياسيون وبرلمانيون في نظام عبد الفتاح السيسي، منهم النائب عماد جاد الذي أشاد بالدعم الإسرائيلي المبكر لمشروع إطاحة الرئيس مرسي؟

عباس، مثل السيسي، كلاهما جاء إلى السلطة عبر انقلاب مدعوم إسرائيلياً، الأول وصل إلى الحكم على جثة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، والسيسي وصل، بمباركة إسرائيل ودعمها اللامحدود، فوق آلاف الجثث، وكلاهما يدرك أن بقاءه في السلطة مرهون بإرادة الكيان الصهيوني.

في العام 2003 فرضت إسرائيل وأميركا محمود عباس رئيساً لحكومة فلسطينية، لسحب السلطة من الرئيس المنتخب ديمقراطياً ياسر عرفات، وبعد تعيين عباس، شنّ شارون هجوماً كاسحاً على عرفات، من زاوية أن رئيس الوزراء الفلسطيني لا يستطيع العمل بهدوء، وجهوده تتعرّض للتخريب، والسبب عرفات "الذي لا يزال العقبة الرئيسية" قبل الإسلاميين، "أمام كل محاولة للسلام".

ثم في سبتمبر/ أيلول 2004، أعلنت إسرائيل أن حكومتها الأمنية المصغرة وافقت مبدئيا على قرار " إزالة عرفات"، وهو القرار الذي أثار شجبا دوليا واسعا، لكن واشنطن استخدمت  حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن على قرار يدين القرار الإسرائيلي.

ولأن عباس هو النسخة المدنية من السيسي، المصنوعة إسرائيلياً، فمن العبث أن تتوقع منه شهادة محترمة بحق رجل يوشك على فقدان بصره وحياته كلها في سجن الانقلاب، لكن السؤال هنا: لماذا لم تستعن سلطة السيسي بأكاذيب عباس، لتلفيق قضية إضافية للرئيس مرسي، بتهمة بيع أراضي سيناء؟ ولماذا لم يبادر عباس نفسه بتحريك دعوى قضائية ضد الرئيس مرسي بشأن الموضوع ذاته؟

تقول ذاكرة الأيام إن عباس التقى الرئيس مرسي أكثر من مرة، وفي كل مرة كان يؤكد "أنه لمس خلال لقائه مع الرئيس المصري محمد مرسي دعم مصر المطلق والمستمر للقضية الفلسطينية"، قائلًا "إن موقف مصر لا لبس فيه ولا إبهام وهو موقف داعم ومستمر لقضيتنا".

لماذا، بعد ذلك كله، يغير عباس رأيه، ويطلق هذه التفاهات ضد الرئيس مرسي؟

هذا الهراء العباسي الذي استخدمه إعلام السيسي على أوسع نطاق، ردّت عليه حركتا حماس وفتح، وأحيلك هنا إلى رد سفير فلسطيني سابق، وقيادي في حركة فتح، هو عدلي صادق، الذي قال إن "عباس أخطأ في ادّعائه أن مرسي عرض عليه ألف كيلو متر مربع من سيناء، والخطأ، هنا مثلث؛ أي سياسي، وأدبي، وتنظيمي فتحاوي". 

أضف تعليقك