يعتبر مسئولو الحكومة المصرية أن بلوغ قيمة الاستثمار الأجنبي بمصر، في العام المالي الأخير 6.9 مليار دولار، بزيادة حوالي نصف مليار دولار عن العام المالي الأسبق، بمثابة نجاح لبرنامج الإصلاح الاقتصادي.
ورغم أن الرقم يقل كثيرا عما كان عليه قبل تسع سنوات، حينما بلغ 13.2 مليار دولار، في العام المالي 2007/2008، أو بالعام المالي السابق له حين بلغ 11 مليار دولار، إلا أن الخبراء لا يهتمون بقيمة الاستثمار الأجنبي؛ بقدر اهتمامهم بنوعيته، وبالتالي، مدى تأثيره في زيادة القدرات الإنتاجية والتشغيل والتصدير.
ويشير التوزيع النسبي لقطاعات النشاط الاقتصادي، التي اتجه إليها الاستثمار الأجنبي المباشر في السنوات الخمس الأخيرة، إلى تصدر قطاع البترول، بنسبة 5,62 في المئة من الإجمالى، بينما كان لقطاع الصناعة 33 في المئة فقط، وقطاع الزراعة نصف بالمائة والإنشاءات 22 في المئة، وقطاع الخدمات 10.2 في المئة؛ موزعة ما بين: 2.5 في المئة لقطاع التمويل، ومثلها لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، و1.2 في المئة للقطاع العقاري، و2 بالألف لقطاع السياحة.
وهكذا، كان النصيب الأكبر لقطاع البترول، وهو قطاع ناضب ولا يُسهم بتشغيل عدد كبير من المصريين، بينما انخفض نصيب الصناعة والزراعة، الأمر الذي استمر معه العجز التجارى.
والمهم في الاستثمارات الأجنبية أن يكون لها عائدا تنمويا؛ متمثلا في المزيد من التوظيف والمزيد من توليد النقد الأجنبي عبر التصدير، والمساهمة بالتحديث التكنولوجى، ووجود علاقات أمامية وخلفية تربطه بالأنشطة الاقتصادية الوطنية.
النوعية مسؤولية الطرف المحلي
ولا يقع القصور في ذلك على الجانب الأجنبي الذي يسعى لتحقيق مصالحه، وإنما تقع المسؤولية أولا على الجانب المحلي المستقبل لتلك الاستثمارات، بوضع الحوافز الكفيلة بتوجية الاستثمارات الوافدة، حسب احتياجات التنمية المحلية، سواء من حيث النوعية أو مكان إقامتها، أو نوعية التكنولوجيا التي تستخدمها، كأن تكون كثيفة استخدام التكنولوجيا أو كثيفة استخدام العمالة.
وحتى لا يظن البعض أن الاستثمارت الأجنبية المباشرة تأخذ شكل إقامة مشروعات جديدة بمصر، فقد تعددت أشكال ذلك الاستثمار، حيث أن شراء نسبة 10 في المئة فأكثر من أسهم شركة محلية يعد استثمارا مباشرا. ومن هنا، يعتبر الاستحواذ على نسب مؤثرة من أسهم شركة وطنية؛ استثمارا مباشرا، رغم أن ما حدث هو مجرد تغيير المالك لمشروع قائم بالفعل.
وهكذا، تتعدد أشكال الاستثمار الأجنبي المباشر لنحو 11 نوعا، أهمها إقامة مشروع أجنبي بالكامل، وهو النمط الأكثر إفادة للدول المستقبلة للاستثمارات، ومنها إقامة فرع لشركة عالمية، أو مشروع مشترك، وكذلك عقود الإدارة. وهناك عمليات تسليم المفتاح التي تستورد كامل مستلزمات المصانع، والفرانشايز والتوكيلات والاستشارات، وأيضا الدراسات والبحوث وتحليل النظم، والتدريب الفني وبناء القدرات، ونظام البناء والتملك والتشغيل وتحويل الملكية.
58 في المئة من الاستثمار من دولتين
أيضا اتسم الاستثمار الوارد لمصر بآفة التركز بعدد محدود من الدول، حيث يشير التوزيع النسبي له في السنوات الأربع الأولى من الانقلاب العسكري؛ إلى استحواذ بريطانيا وحدها على نسبة 44 في المئة من الإجمالي، تليها الولايات المتحدة الأمركية بنسبة 14 في المئة، وغالبية استثماراتهما بقطاع البترول، وبالمركز الثالث الإمارات العربية بنسبة 8 في المئة، ومثلها لبلجيكا، وبالمركز الخامس السعودية بنسبة 3 في المئة.
وهكذا استحوذت الدول الخمس على نسبة 77 في المئة، من بين أكثر من خمسين دولة كان لها استثمارات مباشرة بمصر في السنوات الأربع.
وبالنظر لنوعية استثمارات الإمارات، نجد فيها عددا من البنوك، إلى جانب شركة اتصالات مصر وعدد من الشركات العقارية، مثل إعمار مصر للتنمية والفطيم للتنمية العقارية وشركة العقاري، إلى جانب شركة داماك للتنمية وشركة أبو ظبى للاستثمارات السياحية.
وبالمركز السادس جاءت فرنسا بأقل من 3 في المئة، وهولندا بأقل من 2 في المئة، وألمانيا 1.5 في المئة، والكويت والبحرين بحوالي 1 في المئة لكل منهما، وبالمركز الحادي عشر قطر، بينما كانت تركيا بالمركز التاسع عشر.
وهذا يعني على الجانب الآخر؛ تضاؤل قيمة الاستثمارات المباشرة الواردة من دول عديدة، حيث بلغت قيمتها 200 ألف دولار من أستونيا في السنوات الأربع، و300 ألف دولار فقط من البرتغال، ومليون و400 ألف دولار من كل من بلغاريا ولاتفيا. وأقل من 5 ملايين دولار من تايوان، ولتقل القيمة عن 15 مليون دولار من ست دول هي: تونس وكرواتيا والمجر وبولندا ورومانيا واليمن.
ورغم الزيارات الخارجية الكثيرة التي قام بها الجنرال، واستقبال مصر العديد من وفود رجال الأعمال، فقد بلغت قيمة الاسثمارات الواردة من النمسا 38 مليون دولار، وسنغافورة 41 مليون دولار، وسلطنة عمان 43 مليون، والهند 49 مليون، واليونان 53 مليون دولار في السنوات الأربع.
أضف تعليقك