تمر اليوم الأربعاء الذكرى الثلاثين، لتأسيس حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" ، في ظل ظروف يصفها مراقبون بأنها "معقدة" داخليًا وخارجيًا، تفرض عليها تحديات عدة، أهمها رفض إعلان الرئيس الأمريكي الصهيوني دونالد ترامب أن القدس عاصمة كيان العدو الصهيوني، ومقاومة أخطر فصول اتفاق القرن الذي يمضي في تنفيذه قائد الانقلاب السفيه السيسي، ويتمثل في ضم غزة إلى أجزاء واسعة من سيناء وتوطين الفلسطينيين عليها وإسقاط حق العودة.
تعريفها
حركة حماس، هي حركة مقاومة، إسلامية، شعبية، وطنية فلسطينية، وكلمة حماس اختصارا لجملة حركة المقاومة الإسلامية، وهي جزء من حركة النهضة الإسلامية، تؤمن أن هذه النهضة هي المدخل الأساسي لهدفها وهو تحرير فلسطين كاملة من النهر إلى البحر.
وهي أكبر الفصائل الفلسطينية حسب آخر انتخابات، جذورها إسلامية؛ حيث يرتبط مؤسسوها فكرياً بجماعة الاخوان المسلمين.
تعمل على توفير الظروف الملائمة لتحقيق تحرر الشعب الفلسطيني وتحرير أرضه من الاحتلال الإسرائيلي، والتصدي للمشروع الصهيوني المدعوم من قبل قوى الاستعمار الحديث. و تعتبر أرض فلسطين وقف إسلامي ووطن تاريخي للفلسطينيين بعاصمتها القدس. تعتمد النظام المؤسساتي تنظيمياً، وتعتمد الشورى في اتخاذ القرار.
تأسيسها
تأسست "حماس" على يد مجموعة من قادة جماعة الإخوان المسلمين في قطاع غزة، كان أبرزهم الشيخ أحمد ياسين، حيث أعلن عن تأسيسها الشيخ أحمد ياسين بعد حادث الشاحنة الصهيونية في 6 ديسمبر 1987، حيث اجتمع سبعة من كوادر وكبار العمل الدعوي الإسلامي معظمهم من الدعاة العاملين في الساحة الفلسطينية وهم: أحمد ياسين، ومحمود الزهار، وإبراهيم اليازوري، ومحمد شمعة (ممثلو مدينة غزة)، وعبد الفتاح دخان (ممثل المنطقة الوسطى)، وعبد العزيز الرنتيسي (ممثل خان يونس)، وعيسى النشار (ممثل مدينة رفح)، وصلاح شحادة (ممثل منطقة الشمال)، ومحمد الضيف. وكان هذا الاجتماع إيذانًا بانطلاق حركة حماس وبداية الشرارة الأولى للعمل الجماهيري الإسلامي ضد الاحتلال الذي أخذ مراحل متطورة لاحقاً.
وزعت الحركة بيانها التأسيسي في 15 ديسمبر 1987، إبان الانتفاضة الأولى التي اندلعت في الفترة من 1987 وحتى 1994، ثم صدر ميثاق الحركة في أغسطس 1988، لكن وجود التيار الإسلامي في فلسطين له مسميات أخرى ترجع إلى ما قبل عام 1948 حيث تعتبر حماس نفسها امتدادًا لجماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في مصر عام 1928.
وقبل الإعلان الفعلي عن الحركة في 1987 كانت الحركة تعمل في فلسطين تحت اسم: "المرابطون على أرض الإسراء"، واسم: "حركة الكفاح الإسلامي".
لا حق لليهود
لا تؤمن حماس بأي حق لليهود الذين أعلنوا دولتهم عام 1948 في فلسطين، ولكن لا تمانع في القبول مؤقتًا وعلى سبيل الهدنة بحدود 1967، ولكن دون الاعتراف لليهود الوافدين بأي حق لهم في فلسطين التاريخية.
وتعتبر صراعها مع الاحتلال الصهيوني "صراع وجود وليس صراع حدود"، وتنظر إلى إسرائيل على أنها جزء من مشروع "استعماري غربي صهيوني" يهدف إلى تمزيق العالم الإسلامي وتهجير الفلسطينيين من ديارهم وتمزيق وحدة العالم العربي.
وتؤكد الحركة أن الجهاد بأنواعه وأشكاله المختلفة هو السبيل لتحرير التراب الفلسطيني، وتردد بأن مفاوضات السلام مع الإسرائيليين هي مضيعة للوقت ووسيلة للتفريط في الحقوق.
وتعتقد حماس أن مسيرة التسوية بين العرب وإسرائيل التي انطلقت رسميًا في مؤتمر مدريد عام 1991 أقيمت على أسس خاطئة، وتعتبر اتفاق إعلان المبادئ بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل والذي وقع عام 1993 ومن قبله خطابات الاعتراف المتبادل ثم تغيير ميثاق المنظمة وحذف الجمل والعبارات الداعية إلى القضاء على دولة إسرائيل تفريطًا بحق العرب والمسلمين في أرض فلسطين التاريخية.
وتعتبر حماس أن إسرائيل هي الملزمة أولا بالاعتراف بحق الفلسطينيين بأرضهم وبحق العودة، وتنشط حماس في التوعية الدينية والسياسية وتقديم الخدمات الصحية والاجتماعية، وتتوزع قياداتها السياسية ما بين فلسطين والخارج.
تطورات الحركة
تمثل "كتائب عز الدين القسام" الجناح العسكري لحركة حماس و قد أثارت عملياتها الاستشهادية في السابق جدلاً دولياً انعكس على الداخل الفلسطيني و كان يثير الكثير من المخاوف لدي الجانب الصهيوني، وظل اتباع نهج العمليات الاستشهادية حتى وقت قريب إذ بدأت كتائب القسام في تطوير نفسها و زيادة كفائتها من حيث السلاح و التدريب فامتلكت صواريخ القسام عن طريقها يمكن إيصال المواد المتفجرة إلى عمق الكيان "الإسرائيلي" دون خسارة أرواح مجاهديها.
خلال الانتفاضة الثانية نقلت كتائب القسام الى جانب فصائل المقاومة الأخرى المعركة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 والمستوطنات الصهيونية بتنفيذ العديد من العمليات الاستشهادية، وكذلك عمليات الأسر للجنود الصهاينة التي ابتدأت بأسر "أفي ساسبرت" عام 1988 ونحشون فاكسمان عام 1994 مرورًا بأسر جلعاد شاليط وأخير أسر "شاؤول أرون" في معركة العصف المأكول الأخيرة.
في عام 2006 خاضت حماس الانتخابات التشريعية الفلسطينية و حققت فوزًا كبيرًا بحصولها على 76 مقعدًا من أصل 132 مقعدًا، مما أعطاها الأغلبية في المجلس الشريعي.
لاحقًا قامت قوات الاحتلال باعتقال ما يقارب الـ50 نائبًا وعلى رأسهم رئيس المجلس عزيز الدويك وما زال عدد كبير منهم معتقلاً حتى الآن.
وسلمت حماس قطاع غزة لحكومة رام الله تفاديا لمؤامرة كانت تدبر ضدها من الجانب المصري والصهيوني، وكانت الحركة تدير في السابق قطاع غزة وتشرف على منظومة واسعة من المؤسسات الأهلية والإغاثية، وهو ما مكنها من التغلغل في الشارع الفلسطيني.
ورغم انتشار الحركة في الضفة الغربية، وبعض التجمعات الفلسطينية، في بعض الدول العربية والغربية، فإن ثقلها الرئيسي يكمن في قطاع غزة، الذي سيطرت عليه في صيف عام 2007.
ويرأس حماس حاليًا يحيى السنوار، وأثارت منذ نشأتها وحتى يومنا هذا الكثير من الآراء والجدل في الوسطين العربي والعالمي إزاء نشاطاتها ومواقفها، ومع أحداث المنطقة المشتعلة ومؤامرة اتفاق القرن تعود الحركة لتثبت مرة أخرى -و بما لا يدع مجالاً للشك- أنها أولاً وأخيرًا حركة فلسطينية مقاومة تسعى بكل مواردها إلى رد العدوان ودحر الاحتلال.
ورصد محللون 5 تحديات تواجهها الحركة في المرحلة الراهنة، تمثلت في الاعتراف الدولي، وتحقيق المصالحة مع خصمها السياسي؛ حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، ومواجهة أزمة العلاقات مع الانقلاب العسكري في مصر، التي شهدت توترات في ظل موجة ثورات الربيع العربي، والتمويل بعد حصار عصابة الخليج لدولة قطر، وأخيرًا القيام بمراجعات تساعد في إعادة تقديم نفسها كحركة مقاومة جامعة.
أضف تعليقك