• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانية واحدة

حسب تحقيق صحافي نشرته "الأهرام" المصرية قبل شهور، فقد انقلب يوسف زيدان على يوسف زيدان، فيما يخص موقفه من قضية القدس، إذ تقول الصحيفة إنه قبل عام 2014، كان زيدان مدافعا عن تاريخ القدس، مؤكّدا عروبة المدينة وإسلاميتها، حيث كتب في مقالة القدس (بيت المقدس) الموجود على موقعه الإلكتروني، موقع يوسف زيدان للتراث والمخطوطات، نصا: ونعود للقرآن الكريم، فنجد للقدس إشارات لا تحصى.. يقول المفسّرون عن قوله تعالى "ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين" هي بيت المقدس.. وقوله تعالى "وواعدناكم جانب الطور الأيمن" أي بيت المقدس.. وقوله تعالي "وجعلنا ابن مريم وأمه آيتين، وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين" يعني بيت المقدس.. وقوله "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصى" في بيت المقدس.. ولا تنتهي الإشارات القرآنية، ناهيك عن الأحاديث النبوية التي أفاضت في فضل بيت المقدس، وانتهت المقالة بالجملة الآتية: المدينة ما لبثت أن عادت إلى حضن الإسلام، وظلت قرونا طويلة في قلب دولة الإسلام.. حتى انتزعها اليهود، وأسكنوا فيها الدود المسمى بالمستوطنات".

 

 

 

أما بعد 2014، ومع صعود عبد الفتاح السيسي إلى السلطة، وسط حفاوة صهيونية غامرة، فقد كان هناك يوسف زيدان آخر، ينشط في هدم المسجد الأقصى، معرفيا وتاريخيا، ويمهد التربة، بوعي كامل، لقرارات الكنيست الإسرائيلي، والكونجرس الأمريكي، فيما بعد، إذ يظهر التطابق التام بين ذهاب زيدان إلى نزع أي قدسية عن الأقصى والقدس، في التاريخ الإسلامي، وما تشرع في تنفيذه الآن السلطات الإسرائيلية، والإدارة الأميركية، وخصوصاً فيما يتعلق بحائط البراق في العقيدة الإسلامية، والذي يتحوّل إلى حائط المبكى، وفقاً لأفكار يوسف زيدان، والعقيدة السياسية للاحتلال الصهيوني.

 

قديماً جداً، كان ديفيد بن جوريون أحد مؤسسي الكيان الصهيوني يردّد : لا معنى لإسرائيل بدون القدس، ولا معنى للقدس بدون الهيكل. وهذا بالضبط ما نشط يوسف زيدان في إثباته تاريخياً، من خلال محاولة تدميره كل الشواهد والحقائق التاريخية التي تؤكد عروبة القدس وإسلامية المسجد الأقصى. لنصل، في نهاية دراما العبث التاريخي، إلى هذا الخبر الذي نشرته "العربي الجديد" أول من أمس، "واصلت الولايات المتحدة تبنّي  الموقف الإسرائيلي من مختلف القضايا التفصيلية المتعلقة بالمدينة المقدسة والصراع. فقد نقل موقع صحيفة "يسرائيل هيوم"، أمس، عن مصادر في البيت الأبيض قولها إن "الولايات المتحدة ترى وجوب أن يبقى حائط البراق (يطلق عليه اليهود حائط المبكى) تحت السيادة الإسرائيلية في أية تسوية للصراع مع الفلسطينيين". وأضافت الصحيفة أن "نائب الرئيس مايكل بنس الذي سيصل إلى تل أبيب أواسط الأسبوع المقبل سيقدم على خطوة عملية، تكرس اعتراف واشنطن بـحائط البراق كجزء من إسرائيل، من خلال الإعلان عن زيارته المكان زيارة رسمية، بصفته نائباً للرئيس الأميركي". وأعادت الصحيفة إلى الأذهان أن "خطوة بنس تُعدّ سابقة من نوعها، فالولايات المتحدة اعتبرت في حينه أن الزيارة التي قام بها ترامب وأفراد عائلته للحائط خلال وجوده في إسرائيل بمثابة زيارة خاصة".

 

وهنا تفرض التساؤلات نفسها: هل كان يوسف زيدان في ذلك كله مدفوعاً برغبة جامحة في ممارسة البحث العلمي، لوجه العلم فقط؟ أم أنه قام بذلك كله من أعمال هدم للتاريخ، وحفر تحت المعتقدات، لشغل أوقات فراغه، وعمل أي شيءٍ لقتل الملل؟ أم أنه، وكما تسرب منه، فعلها بتنسيق مع عبد الفتاح السيسي، والدائرة التي ينخرط فيها، من أجل الوصول إلى هذه اللحظة التاريخية التي تدير فيها واشنطن الصراع العربي الإسرائيلي، على أرضيةٍ كهنوتية، تمتزج فيها غطرسة الأكاذيب بهلوسة الأساطير؟

 

في كل الأحوال، فإن إسرائيل وأمريكا تدينان بالفضل، فيما ذهبتا إليه، إلى أطروحات يوسف زيدان، ومن يلفون لفّه من باحثين يعربدون في تاريخ الأرض والمعتقد، ويقدّمون خدماتهم، بسخاء مفرط، للطامعين في تاريخنا وجغرافيتنا ومقدساتنا.  وأظن أنه الآن يبتسم، وهو يرى زرعه وقد أثمر، منتظرا، لوقت لن يطول، ليردّوا الدّين له، وهو يمد البصر ويسترق السمع، باحثا عن اسمه ضمن حائزي جائزة نوبل.

أضف تعليقك