ظلت تحويلات العاملين المصريين بالخارج تتناوب ما بين المركز الأول والثانى، بين موارد العملات الأجنبية الواردة لمصر خلال سنوات التسعينيات، ثم تراجع مركزها مع زيادة حصيلة الصادرات والاستثمارات الأجنبية بسبب عمليات الاستحواذ على شركات مصرية والسياحة.
وخلال السنوات الأخيرة عادت تحويلات العاملين لتتنافس على المركز الثالث بعد القروض الخارجية والصادرات السلعية.
وتوقع البنك المركزى تحقيق تحويلات العاملين بالخارج رقما قياسيا خلال العام الحالى بعد انحسار السوق السوداء للدولار، ومجىء غالب التحويلات عبر القنوات الرسمية، إلا أنه يتوقع أن تأتى التحويلات في مرتبة تالية للقروض الأجنبية التي تم التوسع فيها بالعام الحالى.
وفي العام الماضى تصدرت القروض والودائع الأجنبية موارد النقد الأجنبى، بنحو 30 مليار دولار تليها الصادرات السلعية بنحو 19 مليار، ثم تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنحو 18 مليار جنيه، وفي العام الأسبق جاءت تحويلات العمالة بالمركز الثالث بعد القروض والصادرات السلعية.
39% من التحويلات "سعودية"
وكان البنك المركزي قد امتنع عن نشر بيانات جهات قدوم تحويلات العمالة منذ عام 2009 وحتى الآن، وحسب البنك الدولي فقد تصدرت السعودية الدول المرسلة لتحويلات العمالة لمصر، بالعام الماضى بنحو 6.4 مليار دولار تليها الكويت بنحو 2.6 مليار والإمارات العربية 1.6 مليار، والأردن 1.1 مليار وقطر 889 مليون دولار.
واستحوذت الدول الخمسة الأولى على نسبة 76% من الإجمالى البالغ 16.6 مليار حسب البنك الدولي، وبالمركز السادس جاءت الولايات المتحدة بنحو 858 مليون دولار، وإيطاليا 476 مليون ولبنان 411 مليون وسلطنة عمان 190 مليون دولار، وبالمركز العاشر فرنسا 143 مليون دولار، ليصل نصيب الدول العشر الأوئل 89% من الإجمالى.
وبالمركز الحادى عشر جاءت إنجلترا تليها إسرائيل وألمانيا وليبيا والضفة وغزه، ونيجيريا وهولندا والسودان والعراق وبالمركز العشرين اليونان.
وبالمقارنة بأعداد المصريين العاملين بالخارج التي أعلنها جهاز الإحصاء مع نتائج تعداد السكان مؤخرا، مستندا لتقديرات وزارة الخارحية وهي التقديرات التي لا تلقى قبولا من وزارة القوى العاملة، جاءت السعودية بالمركز الأول بنحو 2.9 مليون مصرى بها، والأردن 1 مليون و150 ألف مصري، والولايات المتحدة الأمريكية 981 ألف شخص والإمارات العربية 765 ألف فرد، وكندا 600 ألف شخص وإيطاليا 560 ألف مصرى وكلا من الكويت والسودان نصف مليون مصرى، وفرنسا 365 ألف وبالمركز العاشر قطر 230 ألف مصرى، وهناك تقديرات أخرى ترفع الرقم بقطر إلى 300 ألف مصرى.
فجوة بين الوزارة وتجمعات المصريين
وهكذا لا يتسق الترتيب بقائمة العشر الأوائل بقيمة التحويلات، مع قائمة العشر الأوائل بأعداد المصريين بالخارج، نظرا لاختلاف طبيعة الإقامة، حيث تميل العمالة بالدول الغربية إلى الاستقرار والإقامة الدائمة، بينما تميل العمالة المصرية بدول الخليج إلى الهجرة المؤقتة، مع التردد شبه السنوى على مصر خلال الأجازات.
ومن هنا تخلو قائمة الدول الثلاثين الأوائل في قيمة التحويلات من وجود كندا، رغم احتلالها المركز الخامس في أعداد المصريين بالخارج نظرا لتوطنهم بها، وإنفاق غالب دخلهم على المعيشة هناك، وقد يحصل الطلاب المصريين هناك على مدفوعات دورية من ذويهم بمصر خلال سنوات الدراسة. بينما جاءت الكويت بالمركز الثانى في قيمة التحويلات رغم احتلالها المركز السابع في أعداد المصريين بالخارج، نظرا للطبيعة غير المستقرة والمؤقتة لإقامة المصريين بها.
فطموحات المصريين بدول الغرب تتجه لامتلاك مسكن واصطحاب الأسرة وتحسين مستوى المعيشة والتمتع بمظاهر الحياة العصرية هناك، بينما غالب المصريين العاملين بدول الخليج يدخرون معظم دخلهم، بهدف إقامة مسكن للأسرة في موطنهم الأساسى، والإنافق على معيشة أفراد الأسرة بمصر وتعليم الأولاد وعلاجهم وقضاءهم أجازاتهم بالمصايف المصرية.
ورغم الإيرادات الضخمة التي يضخها المغتربون بالاقتصاد القومى والتى زادت عما حققته مبيعات أذون وسندات الخزانة للمستثمرين الأجانب ذات الفائدة العالية، بل وزادت عن حصيلة الصادرات السلعية والبترولية، وبلغت أربعة أضعاف دخل قناة السويس.
فما زالت أوجه رعاية المصريين بالخارج وأبناءهم بالخارج والداخل قاصرة، رغم عودة وزارة الهجرة والمصريين بالخارج لكن إمكاناتها مازالت محدودة، وما زالت هناك جفوة بين الوزارة وبين تجمعات المصريين بالخارج، بل أن هناك شك رسمى في بعض تلك التجمعات بالخارج، لتظل نسبة غير قليلة من أموال المصريين بالخارج مهدرة في الإنفاق على الكماليات والهدايا، دون توجيهها في أوجه توظيف تتخذ شكل مشروعات استثمارية مثلما فعلت دول آسيوية عديدة تجاه أموال مغتربيها.
أضف تعليقك