• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

"من ذرف الدموع على المرأة إلى مطالبته الرجال بضرورة الإنحناء لها  تقديرا واحتراما، وأن يضعوا أيديهم خلف ظهورهم وهم يتحدثون مع النساء، ومناداته بتوفير كل الفرص والمجالات لتمكينها وتقدير منزلتها في المجتمع"،  هكذا حاول  السفاح "عبد الفتاح السيسي" تقديم نفسه دائما كرجل يحب المرأة ويقدرها، ويحترمها، وهو ما يعكس  حالة التناقض الواضح بين احترام السيسي المزعوم للمرأة وبين المعاناة غير المحدودة التي باتت تلاقيها في عصره.
مع وصول عام 2017 " عام المرأة المصرية"  مثلما أطلق عليه عبد الفتاح السيسي إلى نهايته،  يعود إلى الأذهان ما شهدته المرأة المصرية خلال هذه الفترة.
استغلال سياسي أم احترام
وبالنظر لأغلب خطابات السيسي، يبدو واضحا أن السيسي لا يترك مناسبة، إلا ويتحدث فيها عن حبه وتقديره للمرأة، في حالة غير مفهومة لكثير من المراقبين، هل ما يقدم عليه هو احترام وحب حقيقي للمرأة، أم هو استغلال حقيقي لها، ولعب على وتر الاهتمام بها في مجتمع يتهمه البعض بالذكورية.

وكان السيسي، أطلق خلال منتدى شباب العالم، في شرم الشيخ من 4 إلى 10 نوفمبر، عدة تصريحات خلال جلسة نقاشية حول "دور المرأة في صنع القرار"، غازل بها المرأة المصرية، ووجه رسالته للبنات والأمهات والعاملات والمرأة الريفية والنساء في الشوارع؛ وذلك قبل أن يسبق كلماته بدعوة الرجال لاحترام النساء.".
وفي رسالة للسيدات دعا السيسي الرجال لضرورة الانحناء للمرأة تقديرا واحتراما لها، وطالب الرجال بوضع أيديهم وراء ظهورهم أثناء الحديث معها، مؤكدا أنه "يدعم أي قرار يدفع بمكانة المرأة وتهذيب سلوكيات المجتمع تجاه النساء".
دموع الإيزيدية
ولعل واقعة  دموع  التماسيح  التي شهدها مؤتمر الشباب الدولي  الأخير بشرم الشيخ،  حيث بدا السيسي متأثرا بشكل كبير، وظهر وهو يبكي على الهواء مباشرة خلال كلمة الناشطة العراقية "الإيزيدية" لمياء حجي بشار، التي كانت تتحدث في كلمتها عن الانتهاكات الوحشية التي تعرضت لها على يد أفراد من تنظيم "داعش"، حين سقطت أسيرة وبيعت في سوق النخاسة في سوريا، وفقا لقولها، شاهد عيان على نفاق النظام، حيث  تواجه فتيات مصريات، ولسن إيزيديات، انتهاكات صارخة على يد أفراد الأمن المصري، وليس على يد "داعش"، والانتهاكات تقع  في قلب القاهرة وباقي المحافظات، وليس في شمال سوريا أو العراق، وفقا لعشرات التقارير الحقوقية المصرية والدولية  التي تؤكد ذلك.
مكاسب وهمية وواقع مر
في كل خطابته الهزلية دائما ما يتفاخر "عبد الفتاح السيسي"  بمكاسب سياسية للمرأة في عهده، من بينها تعيين أول محافظة في مصر، فضلا عن تعيين 4 سيدات في حقائب وزارية، لكن في المقابل أيضا يتجاهل السيسي واقع المرأة المر الذي بات صعبا في عهده إلى حد كبير.
واتهم مراقبون السيسي بأنه يستخدم المرأة كستار سياسي للتغطية على كثير من تجاوزات نظامه، وأن واقع المرأة المصرية في عهده ازداد سوءا عما كان عليه في عهد "مبارك"، وأن أغلب تصريحاته بشأن المرأة ليست سوى من قِبَل الديكور السياسي التجميلي.
من جانبه أكد المحلل السياسي خالد الأصور أن "تصريحاته حول النهوض بالمرأة  وقبل ذلك إطلاقه عام المرأة المصرية على هذا العام 2017، كلها تأتي في إطار التصريحات الفضفاضة خالية المضمون.".
وتساءل الأصور، في تصريحات له : "ولكن ما محصلة هذه البروباغندا على الدعم الحقيقي للمرأة المصرية؟"، مجيبا بقوله: "لا تجد غير المكلمة التي سبقها مكلمة أخرى في يوليو الماضي، في مؤتمر حضره رئيس الوزراء شريف إسماعيل بعنوان "مصر تستطيع بالتاء المربوطة"، ليضاف لهذه المكلمات".  
أخذ اللقطة فقط
فيما أكدت الأكاديمية المصرية هدى الملا، أن السيسي لم يعن من تلك الكلمات  والخطابات الداعمة للمرأة سوى "أخذ اللقطة"، مضيفة أنه "مفلس ليس لديه جديد ولا يملك ما يقدمه للناس، ولذا فإنه يحاول جاهدا أن يستغل النساء مره ثانية لأجل النزول ودعمه بالانتخابات الرئاسية في 2018".
 العنف ضد المرأة
التقارير الحقوقية والدولية المتعلقة بشأن المرأة في مصر، ربما تكون كاشفة لجانب من التناقضات بين تصريحات السيسي، وبين تصرفاته وتصرفات نظامه، فبحسب المركز القومي لحقوق الإنسان، بلغت نسبة العنف ضد المرأة مستويات مرتفعة بما لا يتماشى مع رؤية الدولة الطموحة، حيث وصلت قيمة تكلفة العنف ضد المرأة فى المجتمع المصري مؤخرا، 6 مليارات و150 مليون جنيه، أي ما يزيد على 300 ألف دولار أمريكي، وهو ما يعادل قيمة صادرات مصر من المنسوجات القطنية.
كما كشفت مدير عام إدارة التعاون الدولي والاتصالات الخارجية بالمجلس القومي للمرأة في مصر، "نجلاء العادلي"، أن المعلومات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أكتوبر الماضي، تشير إلى أن التكاليف الاقتصادية الناتجة عن العنف ضد المرأة بينت أن المرأة والأسرة يتكلفان 1.49 مليار جنيه سنويا نتيجة عنف الزوج فقط، بما يزيد على 100 مليون دولار.
القاهرة الأخطر على النساء
فالمرأة التي يحتفي بها السيسي دائما، ويصف نفسه بأنه حامي الحمي للنساء في مصر، صنفت القاهرة في عهده بأنها أخطر مدن العالم على النساء، وفق استطلاع رأي أجرته  مؤسسة "طومسون رويترز" الشهر الماضي، وكشفت فيه عن أن المرأة في القاهرة باتت تعاني ترديا واضحا في كل شيء.
فمستويات التحرش الجنسي ارتفعت عن ذي قبل بنسب غير معقولة، وكذلك التردي في الخدمات الصحية والتأمينية المقدمة للمرأة، فضلا عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي باتت تمر بها ربة الأسرة في مصر، خلال سنوات السيسي الثلاث الماضية.
وتقول "منى أبوبكر"، الناشطة النسوية، إن مصر تواجه عدة أزمات في هذه القضية، فرغم وجود قوانين تناهض ذلك، ووجود مؤسسات وكيانات كإدارة متابعة جرائم العنف والتحرش ضد المرأة، التابعة لوزارة الداخلية التي تم إنشاؤها عام 2013، لكن كل هذه الخطوات لا تتعدى كونها شكليات ومسميات لا علاقة لها بالواقع، على حد قولها.
وأضافت "أبوبكر" أنه توجد بعض الإشكاليات الخاصة بتفعيل القوانين والسياسات الموجودة بالفعل، تجعل الجناة يفلتون من العقاب، واستخدام المادة 17 المتعلقة برأفة القضاة، مع مرتكبي جرائم العنف ضد النساء.
وتابعت: "رغم وجود إستراتيجات وسياسات لمناهضة العنف ضد النساء، فإنه يصعب رصد الإنجازات والإخفاقات الخاصة بهذه السياسات أو وجود تقارير دورية من قبل المجلس القومي للمرأة لمتابعة ما يحدث على أرض الواقع".
احترام المرأة وتفتيش "الأندر" !
في فضيحة كبري تعكس، حالة الاحترام القصوى والشديدة التي تطبقها أجهزة السيسي الأمنية مع بنات المعارضين سياسيا لسلطته وفقا لمراقبين، كشفت خديجة الشاطر، نجلة القيادي بجماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر، عن تصرف أقل ما يوصف به أنه مهين، تقوم به الأجهزة الأمنية مع بنات وزوجات المعتقلين بسجن طره..
"تفتيش الفوط الصحية والغيارات الداخلية للفتيات" هكذا قالت ابنة الشاطر، وأكد روايتها بعض الحقوقين بينهم الناشط الحقوقي أحمد مفرح، وهو الأمر الذي يعكس !.
من جانبها، أشارت "منار الطنطاوي" زوجة الصحفي المعتقل "هشام جعفر" إلى معاناة زوجات وأمهات المعتقلين خلال جلسات المحاكمة والزيارات في السجن.
وقالت في تصريحات لها إن هناك الكثير من النساء اللاتي تعرضن للتحرش الجنسي خلال تفتيشهن قبل دخول جلسات المحاكمة والزيارات "وعندما تعترض النساء يتم تهديدهن بالحبس أو منعهن من الزيارة أو حضور المحاكمة".
فقاعة المرأة في "الأحوال الشخصية"
وعلي الرغم  من دعوات "السيسي" لإعطاء المرأة المصرية مكانتها، إلا أن المرأة لم تجد تحركا حقيقيا لتعديل قوانين الأحوال الشخصية رغم الدعوات المتتالية لجعل ذلك "درة تاج المرأة في عامها"
15 مليون قضية أحوال شخصية أمام محكمة الأسرة خلال السنوات العشر الأخيرة، أى أن لكل 6مصريين قضية أمام محكمة الأسرة.. وتمثل النفقة والمصروفات 85%من هذه الدعاوى، بينما تمثل دعاوى الرؤية وحضانة الصغير 15% وحاليا هناك 300 ألف مستحق للنفقة أمام بنك ناصر لم ينفذ منها سوى 182 ألف حكم حيث إن إمكانات موارد صندوق تأمين الأسرة لا تكفى.
من جانبها اعتبرت الدكتورة "ميرفت صدقي"،  أن التقاعس  عن تعديل قانون الأحوال الشخصية لا يسهم  في تلبية الاحتياجات المجتمعية المتزايدة لتوازن المراكز القانونية داخل الأسرة، مشيرة إلى أن هذا القانون يهدد الأمن القومي؛ لمساهمته في حالة عدم الاستقرار للأسرة وعدم توفير عدالة ناجزة مع إطلاق حرية الزواج للمرأة.
وطالبت "ميرفت" بأشياء عديدة ناقصة في قانون الأحوال الشخصية، منها تنظيم حق الاستضافة والرؤية والحضانة بما يراعي مصلحة الطفل، وتوسيع حق المرأة في طلب التطليق بسبب تقصير الزوج، وجعل الولاية حقا للمرأة الرشيد تمارسه بحرية حسب اختيارها ومصلحتها.
خفض مخصصاتها 
وفي عام المرأة تم أيضا خفض مخصصات موازنة المجلس القومي للمرأة، وتراجعها بنسبة 9.6% مقارنة بموازنة العام الماضي، وذلك في كشوف البيانات التفصيلية للموازنة العامة للدولة التي أعلن عنها مؤخرا 
وقالت "منال ربيع"، الناشطة في شؤون المرأة، إن أحوال النساء المصريات لم تتحسن كليا في 2017، موضحة: "لا يمكن تحقيق كل طموحاتها في عام واحد، لكن الإعلان عن ذلك وتخصيص عام للمرأة ترفع من معنوياتها فقط، لكن الأوضاع في حقيقتها تكشف حقائق أخرى".
كما أعربت عن أسفها لخفض مخصصات موازنة المجلس القومي للمرأة.
مبادرات بلا نتائج
ووفقا لما يتداول في وسائل الإعلام التابعة للنظام فإن المرأة  في مصر حققت انتصارات بالفعل، حيث شهد هذا العام عدة فعاليات وحملات ومبادرات كانت المرأة فيها صانعة القرار مثل اليوم العالمي للسلام، ومصر تستطيع، ومبادرة التاء المربوطة، فضلا عن مشاركتها في منتدى شباب العالم؛  لكنه لا يتعدى كونه انتصارا شكليا، فيما لم تنل المرأة المصرية الكثير من حقوقها وما زالت هناك العديد من القوانين التي تظلمها، وأن عام المرأة سوف ينتهي دون "إنجاز كبير" لها ، بحسب مراقبين.
 

أضف تعليقك