لم تكن التسريبات التي أذاعتها قناة "مكملين" الفضائية المناهضة للانقلاب العسكري في مصر، لضابط مخابرات يلقن إعلاميي الانقلاب ما يجب قوله حول موافقة السيسي على تهويد القدس، هي الأولى من نوعها في الاتصالات والمراسلات التي فضحت سياسات قائد الانقلاب ومعاونه، بل سبقها بث العديد من التسريبات لقائد الانقلاب نفسه ومدير مكتبه اللواء عباس كامل، وكذا لوزير خارجيته سامح شكري، ولضباط شاركوا في فبركة القضايا ضد الرئيس الشرعي د. محمد مرسي.
ونرصد في هذا التقرير أبرز التسريبات التي فضحت السيسي وسياساته :
تسريب تهويد القدس
بثت قناة "مكملين" الفضائية، أمس الأحد تسريبات مسجلة كشفت عنها "نيويورك تايمز" الأمريكية بين ضابط مخابرات مصري ، وإعلاميين وفنانين مصريين ، يوجههم فيها بتوجيه الرأي العام لقبول رام الله عاصمة لفلسطين بدلاً القدس، باعتباره أمرًا واقعًا، في سبيل إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني.
ووجه ضابط المخابرات المصري الإعلاميين والفنانين باستنكار ظاهري لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل علني، مع توجيه الرأي العام أن هذا أمر واقع، وإنه لا فرق بين رام الله والقدس كعاصمة لفلسطين، كما تضمنت التوجيهات تحريضات ضد قطر وحركة حماس، وتسويق رواية إخلاء سيناء.
وتضمنت التسريبات تسجيلات بين ضابط مخابرات مصري وكلا من الممثلة يسرا والإعلاميون الانقلابيون مفيد فوزي وعزمي مجاهد وسعيد حساسين.
ووجه ضابط المخابرات المصري يسرا باستنكار ظاهري لقرار ترامب، ونقل لها الخطوط العريضة عن توجهات سلطات الانقلاب فيما يتعلق بملف القدس، عبر استنكار علني، إنما في الأصل الترويج لهذا الأمر إن هذا سيصبح أمر واقع، وان القضية الرئيسية إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني بشكل كامل، وليس قضية القدس.
كما وجه الضابط ، الإعلامي الانقلابي حساسين، بأن الانتفاضة ليست في مصلحة الأمن القومي المصري، وإنها في صالح حماس والإسلاميين، وإنه لافرق بين القدس ورام الله، والمهم إنهاة معاناة الشعب الفلسطيني، وإنه لا يوجد ما يمنع من التنازل عن القدس، والقبول برام الله عاصمة فلسطين، في مقابل ألا يموت أحد من الفلسطينيين.
كما وجه عزمي مجاهد باختلاق علاقة بين قطر وإسرائيل، والترويج بأن هناك علاقة سرية بينهما، والترويج لأهمية إجلاء كل سيناء.
وأكد الإعلاميون المصريون لضابط المخابرات التزامهم التام بتوجيهاته.
وقطعت قناة مكملين الطريق على الهيئة العامة المصرية للاستعلامات التي حاولت نفي صحة التسريبات التي نشرتها صحيفة نيويورك تايمز أمس .
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، كشفت قبول مصر بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس "عاصمة لإسرائيل"، خلافًا لما تظهره في العلن.
فبركة محاكمات الرئيس
في ديسمبر المنصرم، بثت قناة مكملين تسجيلًا صوتيًا مسربًا لشاهد الإثبات في الهزلية المعروفة بأحداث قصر الاتحادية عام 2012، يعترف فيه بعمل محضرين متناقضين في وقتين مختلفين عن الملف نفسه، وأعلن فريق الدفاع عن الرئيس محمد مرسي أنه يبحث تقديم طلب بإعادة فتح التحقيق بهذا الملف بناء على ما جاء بالتسريبات.
وأقر الشاهد -وهو ضابط من الأمن الوطني يدعى عمرو مصطفى- بعمل محضرين مختلفين تمامًا لتحريات القضية، الأول في ديسمبر 2012، والثاني -الذي غيّر فيه ما جاء بالمحضر الأول- في فبراير 2013.
كما كشف التسريب أن ضابط الأمن الوطني المكلف بالتحقيق في القضية قد بَنى تحقيقاته على محضر شاهد الإثبات، وليس على تحقيقاته الخاصة.
وكانت محكمة النقض قد قضت بسجن الرئيس مرسي عشرين عاما في هذه الهزلية، كما حكمت على قياديين من جماعة الإخوان المسلمين بالسجن ما بين عشرة وعشرين عاما.
كما كشفت التسريبات عن اختلاق شاهد الإثبات معلومات للإدلاء بها في الهزلية، وتغيير اسمه في البطاقة الشخصية للتحايل على هيئة المحكمة.
كما أوضحت كيف تمت إضافة معلومات متعلقة بسير أحداث القضية في محضر تحريات شاهد الإثبات لم يذكرها هو نفسه في محضره، على حد قوله.
وقال محمد الدماطي المتحدث باسم هيئة الدفاع عن الرئيس مرسي إن فريقه يفكر في تقديم التماس للنائب العام بإعادة فتح أوراق أحداث قصر الاتحادية.
وأوضح بأن الخطوة جاءت عقب تسريب تسجيل شاهد الإثبات الذي يعترف بأنه فبرك محاضر الوقائع.
تسريبات سامح شكري
في فبراير الماضي، كشفت مكالمة مسربة بين وزير خارجية الانقلاب سامح شكري و إسحاق مولخو المحامي الشخصي لرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو عن نقاشات وتفاهمات معمقة بين الرجلين حول أدق تفاصيل بنود اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية اتلي تنازلت مصر بموجبها عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وسط حرص لافت من شكري على طمأنة محدثه الصهيوني بأن مصر لن توافق على أي تعديل على الاتفاقية بدون موافقة حكومة تل أبيب.
ويظهر صوت شكري في التسجيل الأول الذي بثته "مكملين"، وهو يعرض على مولخو بعض النصوص التي طلب الأخير تعديلها في مفاوضات سابقة بين الرجلين، حيث يستخدم شكري إسم "إيزيك" في الحديث معه.
وفي قبول كامل لتعديلات الدبلوماسي الصهيوني يقول وزير خارجية الانقلاب في التسجيل المسرب: "ألا يمكن أن نكتفي بما ناقشناه عندما كنا معا ونتوقف عند "وكما هنا بالإيضاح الإضافي" ... دعني أحاول مرة أخرى أكيّف الأمر كما تريد، وأرجو أن تلاحظ كم أحاول، وأرجو أن تخبرني ماذا ترى".
ولا تظهر في التسجيل كافة بنود الاتفاقية، ولكن يبدو من إحدى عبارات شكري أن "إسرائيل" اشترطت إعلامها بالترتيبات القانونية المتعلقة؛ ليس فقط بجزيرتي تيران وصنافير، بل بخليج العقبة أيضا، يقول شكري في المكالمة المسربة موجهًا كلامه لإسحاق مولخو: "اسمع، لماذا لا نفعل ذلك، وهو أمر يأخذ في الاعتبار ما يهمنا جميعا : "وكما هنا بالإيضاح الإضافي" ثم نكمل، "ونرغب بتزويدكم بالمعلومات التالية فيما يتعلق بالترتيبات القانونية المقترحة الخاصة بمضيق تيران، جزيرة تيران وصنافير، وخليج العقبة".
تسريبات السيسي وعباس كامل
في فبراير 2015، بثت قناة "مكملين" تسريبًا من داخل مكتب عبد الفتاح السيسي عندما كان وزيرًا للدفاع، ويظهر التسريب السيسي وقادة عسكريين وهم يناقشون حصيلة ما قدمته لهم دول خليجية من أموال.
وتسمع في التسريب أصوات اللواء عباس كامل مدير مكتب السيسي، واللواء أحمد عبد الحليم مساعد رئيس الأركان، والمتحدث العسكري السابق أحمد علي وهم يناقشون حصيلة ما قدمته لهم دول خليجية من أموال.
ويكشف التسريب أن عباس كامل قدر أن إجمالي ما تسلمه الجيش من دول خليجية تجاوز ثلاثين مليار دولار، ونصح السيسي بألا يطلب من السعودية إلا مبالغ كبيرة حتى لا تحتسب كجمائل من دون مقابل، على حد تعبيره.
ويظهر التسريب كذلك أن مدير مكتب السيسي اقترح طلب معونات عينية، لكنه رد عليه بتفضيله الأموال النقدية.
وقد شمل التسريب تساؤلًا من عباس كامل مدير مكتب السيسي عما إن كانت مستشفيات تبرعت بها دول الخليج مقدمة إلى جمهورية مصر العربية أم إلى القوات المسلحة، ورد عليه اللواء أحمد عبد الحليم مساعد رئيس الأركان للشؤون المعنوية بأن الشعب المصري هو القوات المسلحة.
وقال مدير مكتب السيسي في التسريب إنه سيبلغ جهة خليجية ما بضرورة ألا يتوقف الدعم المادي في تلك الفترة التي وصفها بـ"المعمعة".
وفي ختام الحوار قال السيسي لمدير مكتبه عبارة لافتة وهي" حلال علينا البلد".
أضف تعليقك