• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانيتين

ما أشبه الليلة بالراحة، فمنذ حل شهر يناير الجاري الذي يحمل معه الذكرى السابعة لثورة يناير المجيدة، حتى حلت معه كل نسائم وأسباب الثورة التي أطاحت بنظام المخلوع مبارك.

فمع ازدياد حدة القمع والفقر والفشل العسكري بكل المجالات، بدأ العام الجديد بمقتل شاب على يد ضباط الشرطة، زاعمين أنه تعاطى المخدرات التي أدت لمقتله، ليكذبهم الطب الشرعي ونجد أنفسنا أمام خالد سعيد جديد تم قتله عام 2011 على يد شرطة مبارك وكان سببًا من أسباب اندلاع الثورة.

ومثلما كانت ثورة الياسمين بتونس هي إشارة البدء لاندلاع ثورة يناير في مصر، اشتعلت منذ أيام موجة من الاحتجاجات ضد الغلاء والقمع بالمدن التونسية.

وأثار هذا الواقع المتلهب في الوطن العربي مجموعة من التساؤلات، أهمها هل يمكن لثورة يناير أن تولد من جديد ؟  

ثورة تونس من جديد 

بينما يستعد الشارع التونسي لإحياء ذكرى ثورته السابعة، التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي في الـ14 من يناير لعام 2011، كأولى ثورات الربيع العربي، يشتعل المشهد من جديد وتزداد رقعة المظاهرات الغاضبة، اعتراضا على زيادة أسعار بعض السلع وفرض ضرائب جديدة، إلى مدن وبلدات أخرى، ما تسبب في مقتل أحد الأشخاص.

 وقبل أيام تظاهر مئات التونسيين أمام مقر وزارة الداخلية فى شارع الحبيب بورقيبة، بالعاصمة تونس، وعدة مناطق أخرى، وأفادت وسائل إعلام تونسية بمقتل شخص واحد في احتجاجات مناهضىة للحكومة في بلدة طبرية، كما جرح خمسة أشخاص في المواجهات التي وقعت بين المحتجين وقوات الأمن، بحسب سكان في البلدة الواقعة إلى الغرب من العاصمة التونسية.

وردد المتظاهرون شعارات تندد بغلاء الأسعار وبقانون المالية الجديد المثير للجدل، وباعتقال قوات الأمن للمحتجين، إثر توزيع بيانات تحث على الاحتجاج، بعدد من المحافظات، وفرقت الشرطة احتجاجًا ضد زيادة الأسعار فى شارع بورقيبة قرب وزارة الداخلية للمطالبة بإلغاء زيادة الأسعار والإفراج عن المعتقلين. 

وامتدت حركة الاحتجاجات إلى نحو 10 مدن وبلدات تونسية، من بينها سيدي بوزيد وبوحجلة والوسلاتية وفريانة والكاف، واستخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق حشود المحتجين.

وتصاعد الغضب في الشارع التونسي إثر ارتفاع الأسعار وكلف المعيشة في أعقاب الزيادات التي أقرها قانون المالية الجديد لعام 2018، الذي ابتدأ تطبيقه في مطلع الشهر الجاري.

"عفروتو" خالد سعيد 2018 

أعاد مقتل الشاب، والذي يعرف باسم "عفروتو"، منذ ايام وقبيل حلول الذكرى السابعة لثورة يناير، داخل قسم المقطم عقب تعذيبه على يد ضابط القسم، للأذهان صورة خالد سعيد أيقونة ومحرك ثورة يناير، الذي تم تعذيبه وقتله.

وفي محاولة لإبعاد الجريمة عن ميليشيات الانقلاب، زعم مصدر أمني أن "عفروتو"، توفي مساء الجمعة الماضية، داخل مستشفى المقطم وليس بالحجز، بعد تناوله كمية كبيرة من مخدر الإستروكس.

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي تصريحات لمحمود عبد الحكيم شقيق القتيل "محمد عفروتو"، قال فيها : " أخي لم يتعاط المخدرات يوما ولم يدخل قسم، حصلت مشادة بين أخويا وأمين شرطة هي السبب في اللي حصل كله، أخويا كان قاعد علي القهوة هو وأصحابه وأمين الشرطة طلب منه يشوف البطاقة، وشد معاه أمين الشرطة ضربه وأخده جوة القسم وضربوه وعذبوه وقتلوه".

كشف مصدر بالطب الشرعي أنه تبين من التشريح وفاة محمد عفروتو، نتيجة التعذيب؛ حيث تبين وجود تهتك بالطحال ونزيف بالبطن.

وأعادت هذه القضية نفس التفاصيل التي حدثت مع مقتل الشاب خالد سعيد, حيث كانت دماء الشاب السكندري، خالد محمد سعيد صبحي قاسم (28 سنة ومواليد 28 يناير 1982)، بداية لموجة احتجاج واسعة، حولت الواقعة إلى قضية أمة حاصرتها «الطوارئ» لدرجة الخنق، وجيل غاضب، لم يعرف من «مظلة الدولة» سوى القمع والسحل والتعذيب، ونشطاء وجدوا في خالد رمزاً لحكم يستثمر كل شيء لسحق المواطنين دون أن يطرف له جفن.

ففي 9 يونيو 2010، قام أمين شرطة ومخبر تابعان لقسم شرطة سيدي جابر في الإسكندرية، بالاعتداء بالضرب على الشاب خالد سعيد، وأدخلانه إلى مدخل إحدى العمارات وقاما بضرب رأسه في حافة سلم رخامي عدة مرات، إلى أن لقى ربه، إلا أن قوات الشرطة ادعت أنه تم ضبطه وبحوزته مخدر البانجو وأنه قام ببلعه ماتسبب في وفاته.

القمع والغلاء

كان القمع والغلاء من أكبر العوامل المؤدية لانفجار الشعب المصري ضد نظام مبارك في ثورة يناير 2011، وهم في ازدياد مستمر منذ الانقلاب العسكري الذي قاده عبد الفتاح السيسي ضد الرئيس الشرعي المنتخب عقب ثورة يناير د. محمد مرسي.

وبعد مرور أكثر من أربعة أعوام على الانقلاب العسكري، انقلبت معها موازين الاقتصاد إلى حد بعيد، فتغيرت خارطة الفقر لتكسو مساحة أضعاف ما كانت عليه، وقفزت أرقام التضخم والديون العامة والخارجية، وانهارت قيمة العملة المحلية، وبلغ عجز الموازنة مستويات غير مسبوقة، رغم قسوة الإجراءات التقشفية التي اتخذتها سلطات الانقلاب بحق المواطنين، من رفع لأسعار الوقود والكهرباء والخدمات والرسوم الحكومية والضرائب. 

وتحركت أسعار السلع، خلال السنوات الأربع الماضية، بشكل متسارع، فقفزت معدلات التضخم متجاوزة مستوى 32% لأول مرة في تاريخ مصر، منذ قرابة ثمانين عاما، مقابل نحو 10% قبل الانقلاب العسكري في 2013. 

ويتوقع الخبراء استمرار زيادة معدلات التضخم في الشهور القادمة، خاصة مع قرارات الحكومة الأخيرة، بزيادة أسعار العديد من السلع، مثل الكهرباء والبنزين والسولار والمياه والغاز، إضافة إلى زيادات متوقعة في السلع الأساسية مثل الأرز والزيوت والسكر، وزيادة ضريبة القيمة المضافة من 13% إلى 14%.

وبالنسبة للقمع، تشنّ سلطات الانقلاب منذ يوليو 2013، حملة قمع تستهدف المعارضين، وقد تجاوز نطاق هذه الحملة وحدّتها خلال الأربع أعوام الماضية، كل ماشهدته مصر في عهد حسني مبارك، وأبرز محطاتها الهجوم الذي شنّته القوى الأمنية على متظاهري الإخوان المسالمين في مسجد رابعة العدوية وميدان النهضة في العام 2013، والذي أسفر عن مصرع 1000شخصاً على الأقل؛ وشنّ حملة من التوقيفات الجماعية أدّت إلى ارتفاع عدد السجناء السياسيين إلى أكثر من 40 ألفاً بالمقارنة مع خمسة إلى عشرة آلاف نحو أواخر عهد مبارك؛ وصدور 509 أحكام بالإعدام الجماعي في العام 2014، أي بزيادة 400 حكم بالمقارنة مع العام 2013.

 فضلاً عن ذلك، تحوّلت طبيعة القمع من مقاربة مدروسة ومتأنّية في عهد مبارك إلى حملة منهجية وغير مضبوطة في عهد عبد الفتاح السيسي، فبالغت سلطات الانقلاب في قتل المواطنين عزّلاً، واستخدمت العنف الجنسي ضد النساء والرجال والأولاد مع إفلات أكبر من العقاب؛ ومارست الإخفاء القسري للأشخاص بمستويات غير مسبوقة.

 

أضف تعليقك