أراهن أن عنوان مقالي هذا أثار دهشتك ورأيته يدخل فى دنيا العجائب وتتساءل "طيب إزاي؟" كاتب هذه السطور ينتمى إلى التيار الإسلامى والمرحوم صلاح عيسى شيوعى رحمه الله، فكيف يجتمع الشامى مع المغربى لدرجة أننى لم أكتفِ بوصفه كصديق، بل قلت عنه جميل وحلو كمان!
والإجابة: يا سلام على العلاقات الإنسانية وجمالها.. واحد تختلف معه فى تفكيره مليون مرة قد يكون أقرب إليك بشخصيته الحلوة من إنسان معك فى ذات الخندق الفكري، وتعلمت من إسلامنا الجميل أن أكون ملكا لكل الناس وأتواصل معهم وأحترمهم حتى ولو كانت آراؤهم تتعارض مع تفكيري، وهكذا يكون الداعية الحق متواصلاً مع الجميع.
وصديقى صلاح عيسى، رحمه الله، اختلفت معه كثيرا، لكنه كان قريبا من قلبي، وأول مرة التقيت به كان فى السجن عام 1981، أيام السادات ربنا يرحمه، وكنت قد سمعت عن نضال صاحبى ضد ناصر وخليفته، وعندما رأيته أول مرة وراء الشمس فرحت به، وشخصيته غير التقليدية زادتنى قربا منه وعدنا إلى الحياة الحرة من جديد وقد أصبحنا أصدقاء!
وتابعت بعد ذلك أعماله عن قرب وأعجبنى فيه أنه متعدد المواهب، فهو مؤرخ يكتب عن تاريخ مصر بطريقة غير تقليدية!
وأحدث صاحبى الراحل ثورة فى الكتابة الصحفية فى الباب الذى كان يحرره باسم "الإخبارية" فى جريدة الأهالي، الذى كان يرأس تحريرها فى ذلك الوقت صديقى العزيز حسين عبدالرازق، وهو من قيادات حزب التجمع أطال الله فى عمره.
وبعد ذلك تزاملنا سويا فى مجلس نقابة الصحفيين، وكنت من أشد المؤيدين لانتخابه، وتأكد أن موقفى منه كان سليما فقد كان "دينامو" هذا المجلس ملما بكل قوانين الصحافة ومشاكل المهنة، وأصبح وكيلاً للمجلس الأعلى لمهنة المتاعب!
ورأس صاحبى بعد ذلك جريدة "القاهرة" الصادرة من وزارة الثقافة، وهى صحيفة مهمة جدا للمثقفين فى ذلك الوقت، وإن اختلفت فى الكثير مما تكتبه، لكنك لا تملك فى النهاية إلا أن تحترمها.
وكنت فى تلك الأيام معارضًا تماما للأوضاع القائمة فى عهد "مبارك" مشاركًا فى جميع الحركات الاجتماعية مثل "كفاية" وغيرها، بينما موقف صديقى العزيز مختلف عنى تماما، لكن أواصر الصداقة والاحترام ظلت بيننا قوية وربنا يرحمك ألف رحمة يا صاحبى الجميل، ويكون فى عون شريكة عمرك الصديقة "أمينة النقاش" ومصيبتها فى فراقك كبيرة، لأن شخصيتك كانت حلوة وربنا يكون فى عونها.
وأخيرا أقدم لحضرتك مفاجأة قائلا إننى عندما ذهبت إلى عزائه فكرت فى الوقوف إلى جانب أسرته أتلقى معهم العزاء فى صديقى العزيز لكننى تراجعت فهذا الأمر سيدخل فى دنيا العجائب عند الكثيرين.
أضف تعليقك