• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

أقام النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- دولته على قواعد وأسس بنيوية عميقة عمادها الإيمان بالله عز وجل وحسن معاملة الخلق وتربية الأفراد تربية عقدية وروحية وعقلية وأخلاقية، لتخلصيهم من كهنوت الجاهلية والصنمية الفردية، ولنشر روح الهداية في ربوع موطن الرسالة الإنسانية الأول "مكة"، قبل هجرته العظيمة إلى المدينة، فكان الإعداد الحقيقي للرسالة في مكة قبل أي مكان آخر.

أولاً: الإعداد الروحي للرعيل الأول

قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء: 85]، فالنبي الكريم ربى أصحابه على تزكية أرواحهم، وأرشدهم إلى الطَّريق الَّتي تساعدهم على بلوغ غايتهم من خلال القرآن الكريم؛ وبوسائل أهمها:

1 ـ التَّدبُّر في كون الله ومخلوقاته، وفي كتاب الله تعالى؛ حتَّى يشعروا بعظمة الخالق وحكمته، قال تعالى: "إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ" [الأعراف: 54].

2 ـ التأمُّل في علم الله الشَّامل، وإحاطته الكاملة بكلِّ ما في الكون؛ بل ما في عالم الغيب والشَّهادة؛ لأنَّ ذلك يملأ الرُّوح، والقلب بعظمة الله، ويُطهِّر النَّفس من الشكوك والأمراض. قال تعالى: "وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُو" [الأنعام: 59 ـ 60].

3 ـ عبادة الله ـ عزَّ وجلَّ ـ وهي من أعظم الوسائل لتربية الرُّوح وأجلِّها قدراً؛ إذ العبادةُ غاية التذلُّلِ لله سبحانه، ولا يستحقُّها إلا هو؛ ولذلك قال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ} [الإسراء: 23].

إنَّ تزكية الرُّوح بالصَّلاة وتلاوة القرآن وذكر الله تعالى والتَّسبيح له وتلك أمور مهمة في الدعوة النبوية قبل الهجرة، فالنَّفس البشريَّة إذا لم تتطهَّر من أدرانها، وتتَّصل بخالقها فلن تقوم بالتَّكاليف الشَّرعية الملقاة عليها. كما أن المداومة عليها، تعطي الرُّوح وقوداً وزاداً، ودافعاً قويّاً إلى القيام بما تُؤمر به، ويدلُّ على هذا أمر الله الرَّسول الكريم في ثالث سورةٍ نزلت عليه بالصَّلاة والذِّكر وترتيل القرآن.

 وقد كان الصَّحابة يكثرون من الذِّكر، والدُّعاء، وتلاوة القرآن والاستماع إليه، واغتنام السَّاعات الفاضلة في قيام اللَّيل، ومجاهدة النَّفس على الخشوع والتدبُّر وحضور القلب، فكان ذلك من أعظم القربات إلى الله تعالى، وله اثار عظيمةٌ في تزكية النَّفس، وسموِّ الرُّوح، وترقيتها إلى مقامات الكمال؛ فمن أعظم ما ظفر به الصَّحابة من اثار الذِّكر، والدُّعاء، والتِّلاوة مناجاةُ الله، وتحقيقهم مقامات العبوديَّة التي تُعلي مكانتهم عند الله تعالى.

وفي ذلك، فإن الذِّكر والدُّعاء، وتلاوة القرآن، وقيام اللَّيل، والنَّوافل بأنواعها، لها أثرٌ عظيمٌ في تزكية النفس، وسموِّ الرُّوح، ومهما كتبنا في هذا الموضوع؛ فلا يمكن أن نحيط به في صفحاتٍ أو كتبٍ؛ وإنَّما هذا جزءٌ من كلٍّ وغيضٌ من فيض.

ثانيًا: الإعداد العقلي للرعيل الأول

كانت تربية النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه شاملةً؛ فهي مستمدةٌ من القرآن الكريم، الَّذي خاطب الإنسان ككلٍّ يتكون من الرُّوح، والجسد، والعقل، فقد اهتمَّت التَّربية النَّبويَّة بتربية الصَّحابي على تنمية قدرته في النَّظر، والتأمُّل، والتفكُّر، والتدبُّر؛ لأنَّ ذلك هو الذي يُؤهله لحمل أعباء الدَّعوة إلى الله، وهذا مطلبٌ قرآنيٌّ، أرشد إليه ربنا تعالى ـ في محكم تنزيله حين قال: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيات وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لاَ يُؤْمِنُونَ} [يونس: 101].

إنَّ العقل نعمةٌ من الله على الإنسان يتمكَّن بها من قبول العلم، واستيعابه؛ ولذلك وضع القرآن الكريم منهجاً لتربية العقل المسلم، وهو ما سار عليه الرسول الكريم في تربية أصحابه؛ ومن نقاط هذا المنهج:

1 ـ تجريد العقل من المسلَّمات المبنيَّة على الظنِّ والتَّخمين، أو التبعيَّة والتقليد، فقد حذَّر القرآن من ذلك في الآية الكريمة بقوله تعالى: {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم: 28].

2 ـ إلزام العقل بالتَّحرِّي والتَّثبُّت، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6].

 

3 ـ دعوة العقل إلى التدبُّر والتأمُّل في نواميس الكون والحياة. قال الله تعالـى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآَتِيَةٌ فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر: 85].

4 ـ دعوة العقل إلى التأمُّل في حكمة ما شرع الله لعباده من عباداتٍ، ومعاملاتٍ، وأخلاقٍ، وآداب، وأسلوب حياةٍ كاملٍ في السِّلم والحرب وفي الإقامة والسَّفر؛ لأنَّ ذلك يُنْضِجُ العقل، وينمِّيه، وبتعرُّفه على تلك الحكم يعطيه أحسن الفرص، ليطبق الشَّرع الرَّبانيَّ في حياته، ولا يبغي عنه حولاً؛ لما فيه من السَّكينة، والطمأنينة، والسَّعادة للبشريَّة، ولأنَّ الله ـ سبحانه وتعالى ـ إنَّما شرع ما شرع لذلك.

5 ـ دعوة العقل إلى النَّظر إلى سنَّة الله في النَّاس عبر التَّاريخ البشريِّ؛ ليتَّعظ النَّاظر في تاريخ الآباء، والأجداد، والأسلاف، ويتأمَّل في سنن الله في الأمم، والشُّعوب، والدُّول. قال الله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ *} [الأنعام: 6].

أقام النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- دولته على قواعد وأسس بنيوية عميقة عمادها الإيمان بالله عز وجل وحسن معاملة الخلق وتربية الأفراد تربية عقدية وروحية وعقلية وأخلاقية، لتخلصيهم من كهنوت الجاهلية والصنمية الفردية، ولنشر روح الهداية في ربوع موطن الرسالة الإنسانية الأول "مكة"، قبل هجرته العظيمة إلى المدينة، فكان الإعداد الحقيقي للرسالة في مكة قبل أي مكان آخر.

أولاً: الإعداد الروحي للرعيل الأول

قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء: 85]، فالنبي الكريم ربى أصحابه على تزكية أرواحهم، وأرشدهم إلى الطَّريق الَّتي تساعدهم على بلوغ غايتهم من خلال القرآن الكريم؛ وبوسائل أهمها:

1 ـ التَّدبُّر في كون الله ومخلوقاته، وفي كتاب الله تعالى؛ حتَّى يشعروا بعظمة الخالق وحكمته، قال تعالى: "إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ" [الأعراف: 54].

2 ـ التأمُّل في علم الله الشَّامل، وإحاطته الكاملة بكلِّ ما في الكون؛ بل ما في عالم الغيب والشَّهادة؛ لأنَّ ذلك يملأ الرُّوح، والقلب بعظمة الله، ويُطهِّر النَّفس من الشكوك والأمراض. قال تعالى: "وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُو" [الأنعام: 59 ـ 60].

3 ـ عبادة الله ـ عزَّ وجلَّ ـ وهي من أعظم الوسائل لتربية الرُّوح وأجلِّها قدراً؛ إذ العبادةُ غاية التذلُّلِ لله سبحانه، ولا يستحقُّها إلا هو؛ ولذلك قال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ} [الإسراء: 23].

العقل نعمةٌ من الله على الإنسان يتمكَّن بها من قبول العلم، واستيعابه؛ ولذلك وضع القرآن الكريم منهجاً لتربية العقل المسلم، وهو ما سار عليه الرسول الكريم في تربية أصحابه

إنَّ تزكية الرُّوح بالصَّلاة وتلاوة القرآن وذكر الله تعالى والتَّسبيح له وتلك أمور مهمة في الدعوة النبوية قبل الهجرة، فالنَّفس البشريَّة إذا لم تتطهَّر من أدرانها، وتتَّصل بخالقها فلن تقوم بالتَّكاليف الشَّرعية الملقاة عليها. كما أن المداومة عليها، تعطي الرُّوح وقوداً وزاداً، ودافعاً قويّاً إلى القيام بما تُؤمر به، ويدلُّ على هذا أمر الله الرَّسول الكريم في ثالث سورةٍ نزلت عليه بالصَّلاة والذِّكر وترتيل القرآن.

وقد كان الصَّحابة يكثرون من الذِّكر، والدُّعاء، وتلاوة القرآن والاستماع إليه، واغتنام السَّاعات الفاضلة في قيام اللَّيل، ومجاهدة النَّفس على الخشوع والتدبُّر وحضور القلب، فكان ذلك من أعظم القربات إلى الله تعالى، وله اثار عظيمةٌ في تزكية النَّفس، وسموِّ الرُّوح، وترقيتها إلى مقامات الكمال؛ فمن أعظم ما ظفر به الصَّحابة من اثار الذِّكر، والدُّعاء، والتِّلاوة مناجاةُ الله، وتحقيقهم مقامات العبوديَّة التي تُعلي مكانتهم عند الله تعالى.

وفي ذلك، فإن الذِّكر والدُّعاء، وتلاوة القرآن، وقيام اللَّيل، والنَّوافل بأنواعها، لها أثرٌ عظيمٌ في تزكية النفس، وسموِّ الرُّوح، ومهما كتبنا في هذا الموضوع؛ فلا يمكن أن نحيط به في صفحاتٍ أو كتبٍ؛ وإنَّما هذا جزءٌ من كلٍّ وغيضٌ من فيض.

ثانيًا: الإعداد العقلي للرعيل الأول

كانت تربية النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه شاملةً؛ فهي مستمدةٌ من القرآن الكريم، الَّذي خاطب الإنسان ككلٍّ يتكون من الرُّوح، والجسد، والعقل، فقد اهتمَّت التَّربية النَّبويَّة بتربية الصَّحابي على تنمية قدرته في النَّظر، والتأمُّل، والتفكُّر، والتدبُّر؛ لأنَّ ذلك هو الذي يُؤهله لحمل أعباء الدَّعوة إلى الله، وهذا مطلبٌ قرآنيٌّ، أرشد إليه ربنا تعالى ـ في محكم تنزيله حين قال: {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيات وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لاَ يُؤْمِنُونَ} [يونس: 101].

إنَّ العقل نعمةٌ من الله على الإنسان يتمكَّن بها من قبول العلم، واستيعابه؛ ولذلك وضع القرآن الكريم منهجاً لتربية العقل المسلم، وهو ما سار عليه الرسول الكريم في تربية أصحابه؛ ومن نقاط هذا المنهج:

1 ـ تجريد العقل من المسلَّمات المبنيَّة على الظنِّ والتَّخمين، أو التبعيَّة والتقليد، فقد حذَّر القرآن من ذلك في الآية الكريمة بقوله تعالى: {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [النجم: 28].

2 ـ إلزام العقل بالتَّحرِّي والتَّثبُّت، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6].

3 ـ دعوة العقل إلى التدبُّر والتأمُّل في نواميس الكون والحياة. قال الله تعالـى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآَتِيَةٌ فَاصْفَحْ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر: 85].

4 ـ دعوة العقل إلى التأمُّل في حكمة ما شرع الله لعباده من عباداتٍ، ومعاملاتٍ، وأخلاقٍ، وآداب، وأسلوب حياةٍ كاملٍ في السِّلم والحرب وفي الإقامة والسَّفر؛ لأنَّ ذلك يُنْضِجُ العقل، وينمِّيه، وبتعرُّفه على تلك الحكم يعطيه أحسن الفرص، ليطبق الشَّرع الرَّبانيَّ في حياته، ولا يبغي عنه حولاً؛ لما فيه من السَّكينة، والطمأنينة، والسَّعادة للبشريَّة، ولأنَّ الله ـ سبحانه وتعالى ـ إنَّما شرع ما شرع لذلك.

5 ـ دعوة العقل إلى النَّظر إلى سنَّة الله في النَّاس عبر التَّاريخ البشريِّ؛ ليتَّعظ النَّاظر في تاريخ الآباء، والأجداد، والأسلاف، ويتأمَّل في سنن الله في الأمم، والشُّعوب، والدُّول. قال الله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ *} [الأنعام: 6].

أضف تعليقك