رجل رَبْعة، وسيم، أبيض البشرة، مربع الوجه، شامخ الأنف، غزير الشعر منسدِلُه، نحيل الجسم، ضعيف البنية، ذو ملامح حادة وبريئة معًا، ودود وصارمٌ؛ من أسرة مغربية عريقة تعود في سبب تسميتها إلى جبل العَلَم القريب من تطوان، من نسب شريف يعود إلى الأدارسة الحَسَنيين المغاربة، قدِم أجدادهم من هناك إلى القدس وغزة ، وفقيدنا الراحل المجاهد الكبير أبو همام عماد خالد العلمي من فرع العائلة التي استقرت في غزة زمان المماليك.
مهندس ذكيّ ونقابيّ عريق، وقيادي قديم، يعدّ من مؤسسي العمل لدى حركة حماس، وعانى الأسرَ والاعتقال منذ ميلاد الحركة أواخر الثمانينات، حتى أبعده الاحتلال خارج فلسطين عام 1991م، فقضى مدة من حياته في لبنان والسودان قليلا ثم استقر في سوريا، وكان أول ممثل سياسي لحماس في إيران، وبقي في سوريا حتى نهايات السنة الأولى من عمر الثورة السورية حيث غادرها عام 2012، واختار العودة إلى أهله في قطاع غزة رغم شدة الحاجة إليه حيث كان.
كان الاحتلال يضعه دائماً في قائمة الشخصيات المستهدفة بالاغتيال في كل لائحة علنية ينشرها، ويبدو أن ذلك بسبب أدواره في إسناد المقاومة ودعمها وقيادتها، لذلك كان يحظى بحماية استثنائية خاصة في مربع إقامته أو عمله خشية تمكّن الاحتلال من الوصول إليه، أصيب إصابة بالغة في حرب 2014، وأدت إصابته إلى بتر قدمه، ورُكِّبت له قدم صناعية بعد رحلة استشفاء طويلة، وبقيت ابتسامتُه تعلو وجهه الصابر.
شخصية كتومة جداً، يميل إلى الظلّ، ولا يحب الظهور الإعلامي، وأذكر أن اللقاء الوحيد الذي قرأته له كان في مجلة فلسطين المسلمة أوائل التسعينات وكانت عن الحوار بين حركتي وفتح وحماس حيث تميزت كلماته بالاختصار والإيجاز الشديد ومحدودية المعلومات، ثم ظهر قبل سنوات قليلة متحدثاً في لقاء عام مصور بحكم منصبه؛ إذ كان نائب رئيس حماس لمنطقة قطاع غزة، ولا أدري هل تكرر ذلك أم لا، ومع أنه يميل إلى الظل فإنه لا يغفل مشاركة إخوانه في مناسباتهم الحزينة والسعيدة، إلا أنه يميل أكثر للاستماع؛ ولذلك كان الصحفيون يختلفون عليه، فمنهم من لا يرى فائدة في محاولة الوصول إليه لأنه لن يعطيهم شيئاً، ومنهم من يرى أن التقاط كلمة منه غنيمة.
كان يعتني بالتفاصيل جداً، ولاسيما في الوثائق المكتوبة والتفاهمات والاتفاقات، كان يعيد قراءة الجملة مرات ومرات ولا يفوّت شيئاً، ويدقق في الخلاصات ومآلات الكلمات لئلا يعبر منها العابثون، وتتحدث قيادات الفصائل الفلسطينية عن دقته تلك، ويتحرّزون من وقفاته الطويلة في الصياغات.
رجل متواضع جداً، وزاهدٌ في المناصب والمكاسب، ذو دينٍ وتعبُّد وصيام، وهو شديد الوفاء لإخوانه الذين يحبهم ويعمل معهم وفق ما قالوه، وهو كريم للغاية، وزوجه وأولاده مثله في الكرم والتواضع ورفعة الأخلاق وطيب المعشر.
رحمه الله وتقبله في الصالحين.
أضف تعليقك