• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

أكد مصدر مطلع من داخل الفريق المعاون للرئيس رجب طيب أردوغان - طلب عدم الكشف عن هويته - أن تركيا مقبلة على انتخابات رئاسية مبكرة سيعلن عنها خلال الأيام القليلة المقبلة. ولعل هذا يقدم تفسيرا معقولا للحراك المحموم والأجواء الصاخبة التي تعيشها البلاد منذ أسابيع على وقع خطب الرئيس الرنانة وزياراته اليومية لمدن وبلدات في مختلف المحافظات التركية على نحو غير معهود إلا في مواسم الانتخابات.

ولكي نفهم السبب الذي سيحمل الرئيس أردوغان على اتخاذ هذا القرار دعونا نقف عند بعض تفاصيل المشهد التركي داخليا وخارجيا.

داخليا:

لم يعد سرا نبأ القطيعة بين أردوغان والرئيس السابق عبد الله جول، لا سيما وأن الأخير خرج عن صمته للمرة الأولى منذ مغادرته قصر الرئاسة وأعلن صراحة معارضته مرسوما حكوميا صدر أواخر الشهر الماضي ويمنح بعض المواطنين ممن تصدوا بعنف للعسكريين الانقلابيين في يوليو 2016 حصانة من الملاحقة القضائية. صحيح أن أطيافا عديدة في الداخل والخارج عارضت المرسوم، لكن تصريحات جول التي وصفه فيها بأنه "ملتبس وغامض" أزعجت أردوغان على نحو خاص بالنظر إلى أنها تأتي من رجل يحظى باحترام بالغ من شرائح عديدة من الأتراك، بالإضافة إلى تسريبات تشير إلى أن جول يفكر بجدية في الانشقاق عن حزب العدالة والتنمية وتشكيل حزب جديد بل ومنافسة أردوغان في انتخابات الرئاسة المقررة أواخر 2019 مستندا بالأساس إلى جبهة آخذة في الاتساع داخل حزب العدالة والتنمية من معارضي سياسات أردوغان التي تكرس ما يرونه نزعة سلطوية ديكتاتورية تقصي كل الأصوات المخالفة وأبرزهم رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو. فكان أن تحرك أردوغان سريعا لشق تلك الجبهة واحتوى الخلاف مع داود اوغلو حتى ظهر الرجلان أمس جالسين إلى جوار بعضهما البعض في أجواء يبدو عليها الود والانسجام. كما تمكن الرئيس من الحصول على دعم كامل وغير مشروط من حزبين كبيرين هما الحركة القومية والوطن الأم لسياسات الحكومة داخليا وخارجيا. فإذا أضفنا الى ما سبق استمرار النمو الاقتصادي بمعدلات مرتفعة وحالة الاستقرار الأمني فإن أردوغان المعروف بميله نحو المبادرة وانتهاز الفرص يريد إرباك جول أو أي منافس محتمل وتقليص المدة المتاحة للاستعداد المتأني للانتخابات من نحو عامين إلى شهرين فقط.

خارجيا:

بدا واضحا من تجاهل إدارة الرئيس دونالد ترامب مطالبات أنقرة المتكررة بتسليم فتح الله جولن بدعوى وقوفه وراء انقلاب 2016 وتجاهلها بواعث القلق التي ما برح الجانب التركي يعبر عنها مع ازياد التحالف الأمريكي الكردي في سوريا متانة يوما بعد يوم، فضلا عن اللهجة غير الودودة والحملات الإعلامية الضارية التي ما تركت نقيصة إلا ووصمت أردوغان بها .. بدا واضحا أن الغرب لم ييأس من التخلص منه بعدما فشل الانقلاب فشلا ذريعا، بل واستغله أردوغان لتطهير الجيش وإحكام سيطرته على كل مفاصل الدولة. لكن ماذا يمكن أن يجدي مع الزعيم صاحب الأرواح السبع؟! الإجابة عنوانها "رضا ضراب"! ضراب رجل أعمال تركي إيراني ألقت السلطات الأمريكية القبض عليه بتهمة مخالفة العقوبات الأمريكية على إيران بسبب برنامجها النووي وغسيل الاموال لصالح طهران. لكنه تحول فجأة من متهم إلى شاهد رئيسي في القضية وظهر علنا في مناسبات عدة يتهم أردوغان شخصيا بإصدار توجيهات للبنوك التركية - حين كان رئيسا للوزراء - بالمشاركة في نظام غسل الأموال الإيرانية الذي بلغت ميزانيته ملايين الدولارات. وهي اتهامات نفاها الرئيس أردوغان تماما ووصفها بالملفقة. ولما كان الحكم في قضية ضراب أمام المحاكم الأمريكية مقررا صدروه خلال مايو أيار المقبل، وجد الرئيس التركي الفرصة سانحة في انتخابات مبكرة لكي يضع حلفائه (الألداء) في الغرب عموما وفي أميريكا على وجه الخصوص أمام خيار وحيد .. أن عليهم التعامل معه لمدة خمس سنوات مقبلة بدلا من التخطيط لإزعاجه بحكم قضائي محتمل على مدار الفترة المتبقية إلى حين الموعد الطبيعي لانتخابات الرئاسة التركية في نوفمبر 2019.

داهية هذا الرجل!

أضف تعليقك