تكتسب المناورات الأمريكية "الإسرائيلية" المشتركة الدورية التي تجري كل عامين داخل دولة الاحتلال تحت مسمى "جينفر كوبرا" أهمية كبرى لدى دولة الاحتلال من الناحية الأمنية والعسكرية، وذلك في ضوء استراتيجية الجيش الإسرائيلي المحدثة مطلع العام الجاري 2018، التي تركز على إمكانية تعرض دولة الاحتلال لحرب متعددة الجبهات.
وحتى لا نذهب بعيداً في تحليل هذه المناورات العسكرية يجب معرفة الخلفيات الحقيقية لها وخاصة أنها نابعة من مجموعة اتفاقيات أمنية وعسكرية مشتركة بين دولة الاحتلال والولايات المتحدة تحت مسمى الدفاع المشترك.
وتعد اتفاقية عام 1998 من أبرز هذه الاتفاقيات وهي التي تم إعادة تفعيلها وتطويرها بعد الحرب على قطاع غزة عام 2014 وظهور خطورة المنظمات اللا دولانية – ويقصد بها منظمات شبيهة بقوة الدول مثل حزب الله اللبناني وحركة حماس- وتنص هذه الاتفاقية على توفير الحماية العسكرية لدولة الاحتلال من الولايات المتحدة في أي مواجهة مقبلة وتشمل التالي:
- تتدخل واشنطن عسكريا لصالح "تل أبيب"، إذا ما دخلت الأخيرة في أية عمليات عسكرية في المنطقة، والهدف من التدخل دفاعي بمعنى الحيلولة دون أن تحقق الأطراف الأخرى أي انتصار عسكري على "إسرائيل"، ويكون التدخل الأمريكي مباشراً، بمعنى أن تشترك قوات أمريكية مع "إسرائيل" في العمليات القتالية.
- تتيح الولايات المتحدة لإسرائيل، شبكة أمان رادعة ضد منظومات الصواريخ المنتشرة في المنطقة وخاصه عند إيران، وسوريا. فيما تقوم واشنطن بتزويد "إسرائيل" بأجهزة إنذار ومراقبة بما يمكنها من رصد أية مخاطر أمنية محتملة على أراضيها، وخصوصا إذا ما كانت هذه المخاصر تتصل باستخدام الصواريخ.
- تمد الولايات المتحدة "إسرائيل" بأسلحة جديدة، حيث يتم استخدامها أساسا في تعزيز قدرات الدفاع والردع الإسرائيلي.
- تقوية مجال تبادل المعلومات بين "إسرائيل" والولايات المتحدة الأمريكية وإبرام اتفاقية جديدة للتعاون مع ووكالة المخابرات المركزية ووزارة الدفاع (البنتاغون) في ميدان تبادل المعلومات للأغراض العسكرية.
- فيما تمد الولايات المتحدة الأمريكية "إسرائيل" بالمساعدات العسكرية الكافية، إذا ما أقدمت على عملية عسكرية ضد دولة أخرى بالمنطقة، بشرط أن تطلع "إسرائيل" الولايات المتحدة الأمريكية على تفاصيل هذه العملية قبل اعتمادها في "تل أبيب"، وأن تعتبر الدولة الأخرى من الدول التي تشكل تهديدا على أمن واستقرار "إسرائيل".
- يشكل التحالف العسكري بين الولايات المتحدة الأمريكية و"إسرائيل" محور علاقات التعاون الاستراتيجي والعلاقات العسكرية، مع ملاحظة أن "إسرائيل" لن تكون ملزمة في المرحلة الأولى من التحالف بإرسال قوات إلى خارج المنطقة، إلا بعد أن ترتب أحوالها الداخلية، بينما تلتزم الولايات المتحدة الأمريكية بإرسال قواتها إلى "إسرائيل"، ويمكن أن تعدّ القوات الأمريكية هذه جزءاً من القوات الإسرائيلية، في حال تعرض "تل أبيب" لأي هجمات عسكرية وخصوصا إذا ما كانت هذه العمليات تنفذ باستخدام الأسلحة التقليدية.
وبالعودة للمناورات المزمع عقدها نهاية فبراير الجاري والتي تسمى "جينفر كوبرا" نجد أن جيش الاحتلال يجري مثل هذا التدريب بالتعاون مع الجيش الأمريكي مرة كل عامين منذ عام 2001 ويشارك فيه 1700 جندي أمريكي وهو يحاكي التدريب على تعرض دولة الاحتلال لهجوم صاروخي باليستي أو متعدد الجبهات.
هذه المناورة تأتي كتنفيذ عملي لبند التدريبات في إطار اتفاقيات الدفاع المشترك بين دولة الاحتلال والولايات المتحدة والتي تنص على حماية دولة الاحتلال في حال تعرضت لهجوم كبير يفوق قدرتها العسكرية، وفي هذا الإطار نصت التحديثات على الاتفاقيات الدفاعية بضرورة نشر منظومات الدفاع الجوي في دولة الاحتلال والتدرب على سيناريوهات تعرض "إسرائيل" لحرب متعددة الجبهات.
أما نشر منظومة الدفاع الجوي الأمريكي في دولة الاحتلال خلال المناورة له هدف مهم، هو حماية أجواء دولة الاحتلال خلال أي حرب أو معركة مقبلة؛ بما يتيح للجيش الإسرائيلي توجيه معظم قوته العسكرية باتجاه الحرب لتحقيق صورة النصر.
ويأتي تكثيف الحديث عن هذه المناورات المشتركة في ظل تواجد حقيقي للقوات الأمريكية على الأرض في دولة الاحتلال بعد افتتاح أول قاعدة عسكرية أمريكية في منطقة النقب العام الماضي، تضم وحدات دفاع جوي أمريكي لاعتراض الصواريخ مجهزة بأحدث الوسائل التقنية والتكنولوجية المتقدمة في مجال الاتصالات والردع الصاروخي.
وترى دولة الاحتلال أهمية كبيرة للمناورات والدفاع المشترك مع واشنطن فهي ستمكن جيشها مستقبلاً من تفعيل قدراته على التعامل مع السيناريوهات المتطرفة في القتال، من بينها إمطار دولة الاحتلال بصواريخ بكميات ضخمة مع جبهات متعددة بما في ذلك صواريخ بالستية إيرانية.
وهنا سيكون شكل التدخل الأمريكي لحماية أجواء دولة الاحتلال بشكل مبدئي، لكن في حال حدوث أي انكسار للجيش الإسرائيلي وخاصة في العمليات البرية، وسيطرة حماس أو حزب الله على بلدات محتلة في الشمال والجنوب، فإنه من المحتمل أن تنزل قوات أمريكية للدفاع عن دولة الاحتلال وفق اتفاقيات الدفاع المشترك.
دولة الاحتلال من ناحية سياسية قد لا تعلن عن تنفيذ بنود اتفاقيات الدفاع المشترك في أي حرب مقبلة وذلك لحفظ ماء الوجه بعدّها دولة تستطيع الدفاع عن نفسها بنفسها، أما إعلانها عن المناورات المشتركة بشكل مسبق فهو يحمل طابعاً ردعياً لجميع الأطراف المعادية لها والتي باتت قدراتها العسكرية مؤثرة في أي مواجهة مقبلة.
أضف تعليقك