تواصل حقوق الإنسان في مصر انحدارها وتدهورا أكثر بكثير مما كانت عليه قبل ثورة يناير 2011، وذلك بسبب سياسة القمع التي يتبعها العسكر منذ انقلابهم على الرئيس محمد مرسي عام 2013.
قمع الاحتجاجات
في ظل تعتيم إعلامي وتغييب الأخبار التي تتناول الحراك العمالي والاجتماعي بعهد الانقلاب، أصدرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان تقريرًا شاملًا عن الاحتجاجات العمالية والاجتماعية خلال عام 2017، أطلقت عليه "غضب مكتوم".
وأشار التقرير الصادر اليوم الأربعاء، إلى رصد 165 احتجاجا عماليا، و340 احتجاجا اجتماعيا، ويأتي التقرير موضحا الحدة التي واجهت بها ميلشيات داخلية الانقلاب الاحتجاجات والمحتجين.
وأكد التقرير أن ما يزيد عن 25 قطاعا عماليا ومهنيا واجتماعيا، مارسوا الاحتجاج في عام 2017، كان نصيب الاحتجاجات العمالية منها 165 احتجاجا، مقسمين على 10 قطاعات عمالية ومهنية ما بين قطاع الخدمات التعليمية والصحية، وقطاع الصناعات الغذائية أو الغزل والنسيج.
في حين بلغ عدد الاحتجاجات الاجتماعية للمواطنين بسبب نقص الخدمات، أو اعتداءات الشرطة أو انعدام الأمان، أو اعتراض على فساد، أو أحكام قضائية جائرة، أو سياسات من قبل الدولة تمس حياتهم بشكل مباشر 340 احتجاجًا.
أما عن أسباب الاحتجاجات فيما يخص العمال، فجاءت المطالب المتعلقة بالأجور وعلاوة غلاء المعيشة، وعدم صرف الأجور في المرتبة الأولى، وشكاوى إنهاء العمل والمطالبة بالتثبيت في المرتبتين التاليتين، ثم المطالبة بالتأمين الصحي، وخفض الإجازات والاعتراض على النقل في المراتب اللاحقة.
وعن أسباب احتجاجات القضايا الاجتماعية، فجاء مجال التعليم في المقدمة، ثم السكن، ثم الاختفاء واختطاف الأشخاص وتعسف الأمن، ثم نقص مياه الشرب والري، ثم قطاع العلاج والصحة، ثم بسبب تعرض الحياة للخطر، ثم احتجاجات لأسباب طائفية، وأخرى بسبب أزمة الخبز، ثم قضايا وطنية.
وأفاد التقرير ان معظم الاحتجاجات تمت مواجهتها من قبل سلطات الانقلاب، بالقمع من خلال الفض بالقوة واستخدام القنابل المسيلة للدموع، والقبض على قيادات المحتجين والزجّ بهم في السجون، ومحاكمتهم، وتعرُّض العمال للاضطهاد والفصل التعسفي من العمل كعقاب لهم على ممارسة الاحتجاج في الكثير من المواقع.
سياسة العسكر
تشن سلطات الانقلاب حملة قمع تستهدف المعارضين، منذ الانقلاب العسكري الذي قاده عبد الفتاح السيسي ضد الرئيس الشرعي د. محمد مرسي.
وقد تجاوز نطاق هذه الحملة وحدّتها خلال الأربع أعوام الماضية، كل ماشهدته مصر في عهد المخلوع حسني مبارك، وبدأت محطات الهجوم عقب الانقلاب من خلال المذبحة التي ارتكبتها القوى الأمنية ضد متظاهري الإخوان المسالمين في مسجد رابعة العدوية وميدان النهضة في العام 2013، والذي أسفر عن مصرع 900 شخصاً على الأقل؛ وشنّ حملة من التوقيفات الجماعية أدّت إلى ارتفاع عدد السجناء السياسيين إلى أكثر من 40 ألفاً بالمقارنة مع خمسة إلى عشرة آلاف نحو أواخر عهد مبارك؛ وصدور 509 أحكام بالإعدام الجماعي في العام 2014، أي بزيادة 400 حكم بالمقارنة مع العام 2013.
فضلاً عن ذلك، تحوّلت طبيعة القمع من مقاربة مدروسة ومتأنّية في عهد مبارك إلى حملة منهجية وغير مضبوطة في عهد السفاح عبد الفتاح السيسي.
لقد قتل العسكر منذ انقلابهم مواطنين عزّلاً، واستخدموا العنف الجنسي ضد النساء والرجال والأولاد مع إفلات أكبر من العقاب؛ ومارسوا الإخفاء القسري للأشخاص بمستويات غير مسبوقة.
قوانين قمعية
يؤكد خبراء أن اللجوء إلى مزيد من القمع ناجمٌ عن التغيير في تركيبة النخبة الحاكمة، لاسيما سيطرة الجيش وتفوّقه على نخبة الأعمال المدعومة من الحزب الوطني الديمقراطي والتي كانت شريكة الجيش في عهد مبارك.
وأضاف الخبراء أن القمع هي السياسة الأساسية في حكم العسكر، وقد تبين ذلك من خلال قانون مكافحة الإرهاب الذي أقرّه مجلس وزراء الانقلاب في يونيو 2015، والذي تضمّن الكثير من المواد القمعية، منها تلك التي تنص على تجريم التقارير الإخبارية التي تتناقض مع الروايات الرسمية للحكومة.
علاوةً على ذلك، تعديل القانون القضائي ليتيح مخرجاً قانونياً لتنفيذ مئات الأحكام بالإعدام الجماعي.
وكان برلمان الانقلاب قد صادق على مشروع قانون جمعيات مُقيِّد للغاية، حيث صدق السيسي على هذا القانون، الذي جعل عمل المجموعات المستقلة وتمويلها تحت إشراف لجنة تضم ممثلين عن وزارات الداخلية والعدل والدفاع، وجهاز المخابرات العامة، جهاز التجسس الأول في مصر.
وفي سبتمبر 2016، وافقت محكمة جنايات بالقاهرة على طلب تقدمت به مجموعة من قضاة التحقيق لتجميد حسابات 3 مجموعات حقوقية، والحسابات الشخصية لخمسة مؤسسين ومديرين لهذه المجموعات.
ومنعت سلطات الانقلاب على الأقل 15 مديرًا ومؤسسًا وموظفًا في هذه المنظمات من السفر خارج مصر، أغلبهم في 2016، منذ بدأ القضاة تحقيقهم في التمويل الأجنبي.
أضف تعليقك