• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

هذه هي مصر يا «عبلة» و«عبلة» تمصير «ليلى» التي قيل إنها في العراق مريضة، تسأل الله ثمن «النشوق». وليس لدي الوقت الكافي لتعريب «النشوق»، لكي تقف العرب العاربة، والعرب المستعربة، على معناه!

فمصر يا «عبلة»، أصبحت «لميس الحديدي» فيها من تتحدث باسم الوطنية، بل وتوزع صكوكها، وهي المنوط بها، وبتكليف من الباب العالي، رسم الطريق لمن شاء أن يكون وطنياً، ولا يلبس وطنيته بعمالة، فقالت لـ «عبد المنعم أبو الفتوح»، إن أزمته في كونه تحدث لقناة «الجزيرة»، وقد سلمت معه بأنه ليس مسموحاً له بالظهور على القنوات التلفزيونية المصرية. هكذا، فالصراحة راحة، كما قال الشاعر العربي الفصيح!

قناة «الجزيرة مباشر» كانت قد التقت بالمرشح الرئاسي السابق الدكتور «عبد المنعم أبو الفتوح» في مدينة الضباب، وأجرت معه حواراً، أثار كثيراً من الجدل، حيث تحالف ضده قوى الشعب العامل، وتوافق السيساوية مع قوم ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين في تكفيره، وتخلى صديقنا الدكتور عصام عبد الشافي، أستاذ العلاقات الدولية عن منهجيته، وكتب: «عبد المنعم أبو الفتوح.. إلى مزبلة التاريخ»، ولم يذكر حيثياته لهذا الحكم المتعسف، فقد اكتفى بالقول إنها وجهة نظره!

وقد اعتبرت أن مذيع هذه المقابلة «أحمد طه» قد أخذ «أبو الفتوح» على «كفوف الراحة»، لأنه لم يصحح له المعلومة الخاصة بتركه للجماعة، إذ قال صاحبنا إنه ترك جماعة الاخوان في سنة 2009، في حين غادرها في 2011، وقد استندت في ذلك إلى ما ذكره لي أحد الإخوان، لكن «طه» أكد أن الصحيح هو ما ذكره عبد المنعم أبو الفتوح، لذا فلم يقاطعه، لأنه كان يعرف المعلومة!

ليس بعد الكفر ذنب

وهذه الزاوية يا «عبلة»، «فضائيات وأرضيات»، متخصصة في النقد التلفزيوني، فيكون من المناسب القول، إن محاور عبد المنعم أبو الفتوح، الإعلامي أحمد طه، هو مثال للمذيع الذي «يُذاكر» موضوعات حلقته جيداً، ويكون منتبهاً لمحاولات الضيوف تمرير معلومات خاطئة، فليس من نوعية المذيعين التي أطلقت عليها «المذيع الألة»، فيحمل أسئلة الاعداد، ثم يقوم بتسميعها على الشاشة!

وقد قال أبو الفتوح في مقابلة «الجزيرة مباشر» معه، إن شرطه الوحيد أن يكون من يحاوره مصرياً، ومهنياً. وقد توافر الشرطان في أحمد طه، صاحب الحوار الذي أثار جدلاً واسعاً منذ اللحظة الأولى له، وهناك من كان قراره منذ البداية أن يهاجمه، ويسفه ما يقول، وكان الحوار بالنسبة له تحصيل حاصل، فلم يعنه ما قال، فالحكم المقرر سلفاً، أن أبو الفتوح ترك الجماعة، ثم أنه كان في تيار «30 يونيو»، الذي مثل غطاء مدنياً للانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب، وليس بعد الكفر ذنب!

ولم يكن الهجوم عليه قاصراً على فريق من تيار رفض الانقلاب، وعلى قاعدة: «إلى مزبلة التاريخ»، فالرجل له أعداء أيضاً داخل التيار المدني المشكل لتجمع 30 يونيو، وهو تيار يساري في جملته، ويمكن أن يصطف على يساريته وراء الرأسمالية ممثلة في «نجيب ساويرس»، لكنه لا يقف مع شخص مرجعيته إسلامية، وإن كان يمثل الوسطية، وظهر هذا جلياً مبكراً عندما زار الأديب نجيب محفوظ في المستشفى بعد الاعتداء عليه من قبل أحد المتطرفين الاسلاميين، رأى أن رواية نجيب محفوظ «أولاد حارتنا» تمثل الكفر البواح، وزيارة «أبو الفتوح» له كانت في وقت كان فيه قياديا في جماعة الاخوان المسلمين، وقبل أن يرى متربص من خصوم الرجل في هذا جريمة، تبرر استباحته، فنذكر أن الشيخ محمد الغزالي، الذي كتب تقرير «الأزهر» عن «الراوية»، وقال إنها تمثل خروجاً على المعتقدات الدينية، زار نجيب محفوظ أيضاً عقب الاعتداء عليه!

«ساويرس»، كان قد شكل يا «عبلة»، تحالف «الكتلة»، الذي خاض الانتخابات البرلمانية بعد الثورة، وهو تحالف ضم أحزاباً يسارية، فاليسار في مصر قد لا يحد حرجاً في أن تنفق عليه «الرأسمالية الطفيلية»، لكنه لا يقبل من له توجهاً اسلامياً، وجانب من الاستبعاد المبكر لـ «عبد المنعم أبو الفتوح»، ومنذ جبهة «الانقاذ» سيئة السمعة، هي فكرة المنافسة على الانتخابات الرئاسية التالية، فهذه الجبهة كان ما يشغلها هو خوض الانتخابات بعد مرسي، كما أن تجمع الأحزاب اليسارية، مشغول الآن بمرحلة ما بعد السيسي، ووجود عبد المنعم أبو الفتوح سيمثل منافسة لمرشحها المختار، لذا فهي تستبعده ابتداء. لكن لا نستطيع أن نتجاهل أن المرشح الرئاسي السابق واليساري «خالد علي» قاطع المؤتمر الصحافي لهذا الائتلاف، احتجاجاً على تجاهل «عبد المنعم أبو الفتوح»، وشارك في هيئة الدفاع عنه أمام نيابة أمن الدولة، عقب القاء القبض عليه.

من هاجمت سلطنة عمان

وبعيداً عن اليسار وأهله، فقد توحد على «أبو الفتوح»، فريق من الإسلاميين، مع اللجان الالكترونية للانقلاب العسكري، وكذلك الأذرع الإعلامية لهذا الانقلاب الذي تدار من قبل عباس كامل، وقد تعرض له صاحبنا في مقابلته مع «الجزيرة مباشر»، عندما قال لا يعقل لبلد كمصر أن يديره السيسي ومدير مكتبه فقط، وذكره بالاسم، وكان علينا أن ننتبه أن هذا الأمر لن يمر مرور الكرام، لأن «عباس» هو الحاكم الفعلي للمحروسة، ومن هنا كان طبيعياً أن يتم القبض عليه، كما كان من الطبيعي أن يخرج الإعلام ليفرش الملاية له، وكانت فرصة جيدة، لأن نتلقى درساً في الوطنية من «لميس الحديدي»، كما كانت فرصة مواتية لأن نعلم أن «أماني الخياط» باقية في مكانها بعد الخطاب المحتقر لسلطنة عمان، لتتأكد مقولتنا أنها مسيرة لا مخيرة!

فقد كانت مسيرة، عندما هاجمت المملكة المغربية، وقالت إن الاقتصاد المغربي قائم على الدعارة، يومها كانت تعمل في قناة «أون تي في»، ويبدو أن صاحب القناة «نجيب ساويرس»، وجد نفسه ليس مستعداً لدفع الفاتورة، وهو رجل أعمال انترناشيونال، إن لم تكن له مشروعات تجارية في المغرب، فقد تكون له في المستقبل، فقام حسب وصفه مؤخراً بطردها، لكن السلطة التي حرضتها على الهجوم على المغرب، دفعت بها إلى قناة أخرى، ووفرت لها الحماية، لتكون من القرارات المهمة بعد أن آلت ملكية «أون تي في» للسيسي، عودة «الخياط» معززة مكرمة إليها وقد تم تغيير اسمها الآن.

لا نعرف الدوافع وراء التطاول على سلطنة عمان، وقت زيارة السيسي لها، هل لتذكير السلطنة أنه يملك مدفعية ثقيلة، يمكن أن يطلقها على السلطنة الهادئة، التي لم تنال من «راحة البال» وسط هذا الموج المتلاطم في المنطقة، وما هى الرسالة من جراء هذا التطاول، ووصف السلطنة بالإمارة الصغيرة، وبطريقة تمثل ازدراء واضحاً للأعمى!

وقد جرب عبد الفتاح السيسي سلاح التشهير، عندما حدث فتوراً في العلاقة بينه وبين السعوديين، فأطلق عليهم «كلاب السكك» في القنوات التلفزيونية، وجاء ولي العهد السعودي خاضعاً رافعاً، ليجيب على سؤال سائله في قناة «العربية» حول هجوم الإعلام المصري عليه: تقصد «الإعلام الاخوانجي»!

هل بلغ السيسي باعتباره يفتقد للمعلومات الأساسية عن المنطقة، أن سلطنة عمان وما دامت عضواً في مجلس التعاون الخليجي، بها «رز» أيضاً، فكان تحريض «أماني الخياط» للابتزاز، وعلى طريقة الصحف الصفراء في مصر، عندما تبتز رجال الأعمال، لإجبارهم على الإعلان فيها، وعلى قاعدة ادفع بالتي هى أحسن؟!

لقد تم الإعلان عن احالة «الخياط» للتحقيق، ووقفها عن العمل، وكنت أدرك أن الأمر سيكون ذراً للرماد في العيون، فهي بما قالت كانت في مهمة رسمية، وستعود مرة أخرى، ربما عبر قناة هي الأفضل من حيث الأجور وهي «دي ام سي»، لكن ما لم نتوقعه أن تستمر إلى الآن، وقد تم استغلال الأحداث الأخيرة، في التغطية على حالتها، لكنها طلت في قضية «أبو الفتوح» فذكرتنا بوجودها، حيث كانت ضمن حملة الإبادة الإعلامية، وتساءلت قبل يومين في برنامجها: «هو أبو الفتوح نجح في ايه طول حياته»؟

لا بأس يا عبلة

ولعلك يا «عبلة» أنت الأقدر مني في مجاراة «خناقات الحواري»، عندما تُفرش «الملاية»، فتتذكري إنك لم تقبلي أن تكون من جواري البلاط، رغم أنك تسألي الله ثمن النشوق!

لا بأس يا «عبلة» فـ «أماني الخياط»، لم يتم وقفها عن العمل، رغم اهانتها لسلطنة عمان، لأنها «مسيرة لا مخيرة»، ثم إنها في مهمة وطنية، عندما يصبح الوطن هو عبد الفتاح السيسي، وتصبح «لميس الحديدي» هى «الاستاذ المعلم» والمرشد لكيفية أن يكون المصري وطنياً، فبعد تسليمها بأن «عبد المنعم أبو الفتوح» ممنوع من الظهور التلفزيوني في بلده، جاءت لتؤكد أنه كان عليه ألا يظهر في قناة الأعداء، فكان يمكنها أن تتصل له بصحف أمريكية، مع أن الإعلام الأمريكي عندما ينتقد النظام الحاكم في مصر يجري اتهامه بأنه اخوان. وباعتبارها كانت في حملة مبارك الآب، والمحاورة لمبارك الابن فقد اكتسبت خبرة إعلامية جبارة، فنصحت «أبو الفتوح» بأن يبث كلامه عبر «اليوتيوب». فلا تزال قناة «الجزيرة» توجعهم، وفي الآونة الأخيرة، كانت «الجزيرة مباشر» تذكر بـ «الجزيرة مباشر مصر»، فعند الأحداث التي تشهدها مصر تفتح تغطية مفتوحة، فتكون أزمة «أبو الفتوح» ليست في كلامه، ولكن لأنه إطلالته كانت عبر قناة «الجزيرة»!

«لميس» كانت مراسلة صغيرة للجزيرة في مكتب القاهرة، ولم تتغير «الجزيرة» لكن اختيارات لميس هي التي اختلفت، منذ أن التقطها جمال مبارك، لتعمل في حملة والده، وقد حاوره الابن، ضمن حملة التسويق له، وكتبت أنا في هذه الزاوية عن هذا اللقاء، وكيف أن رقم الهاتف الذي وضع أسفل الشاشة للتواصل مع جمال مبارك كان مشغولاً دائما ثم تبين بالبحث أنه مملوك لمحل أثاث في منطقة رمسيس!

أزمة «الجزيرة» أنها كانت مع الثورة، في وقت كانت فيه «لميس الحديدي» هي «أم الفلول»، وبسقوط مبارك، فقدت «لميس» الأمل في أن تكون وزيرة للإعلام، لتتحول إلى مجرد «بنت» كالبنت «عزة» في دولة العسكر الجديدة، وأنها ليست أكثر من «ألة»، وان انطلقت لتضع مستلزمات الوطنية الجديدة.

أيام غبراء يا «عبلة»

أضف تعليقك