• الصلاة القادمة

    العشاء 17:29

 
news Image
منذ ثانية واحدة

شريف محمد جابر

في علاقتنا كبشر مع أيّ نصّ بشري لا بدّ من تسرّب الملل، حتى تلك النصوص التي تُبهرنا وتسلبُ قلوبنا وعقولنا لمدّة طويلة، سيأتي عليها يومٌ وتُمَلّ. بل إنّ الأمر يتعدّى ذلك ويتطرّق الملل إلى الكتّاب أنفسهم؛ ذلك الشاعر الذي ألهمتْنا قصائده العذبة وكنا نرتشف دواوينه دون ملل، لا بد أن يأتي يوم نشعر فيه بالاكتفاء منه، ومن ثم نشعر بالملل عند قراءة قصائده، فلم تعدْ مع تكرارها توفّر لنا تلك الشحنة التي كنا نشعر بها حين قرأناها في المرات الأولى، إلا لو انقطعنا عنها لمدّة طويلة.

وكذلك الأمر مع مفكّرينا المفضّلين، أولئك الذين ساهموا في بناء عقولنا وتوسيع آفاقنا، سيأتي يومٌ نشعرُ فيه بنضوب أفكارهم، وبأنّ المخزون المتوفّر منها لم يعدْ يصنع لنا شيئا كبيرا، لا على المستوى الفكري ولا الوجداني، فنملّها ونشعر بالاكتفاء منها، ومن ثمّ نفضّل "تجاوز" أولئك المفكّرين لنسبر أغوار عقول وكتب أخرى.

الاكتفاءُ ثم التجاوز، تلك هي الممارسة التي نقوم بها مع كلّ نصّ، إلا مع القرآن. القرآن وحده هو الذي لا يمكن أن نشعر بالاكتفاء منه، بل نظلّ نشعر بحاجة دائمة للنهل من ينابيعه، ولا يمكننا أن نفكّر يومًا في تجاوزه؛ ليس فقط لأنّ تلاوته وظيفة شرعية نقوم بها طاعةً لله، بل لأنّنا نحتاج إلى النهل من معينه في كلّ حين، ونشعر بالفقد الموجع لمجرّد التفكير في خيار تجاوزه! القرآن وحدهُ هو النصّ الذي لا يُملّ، حتى لو كنّا نحفظه ونواظب على تلاوته يوميّا. بل حتى على مستوى السورة الواحدة، لا نملّ قراءتها ونشعر بحاجة دائمة إلى الاسترواح على ضفافها وإجراء ألسنتنا بكلماتها وقلوبنا بمعانيها.. فما هو السرّ الذي يجعلنا لا نملُّ القرآن؟ سأحاول في هذه التدوينة الإشارة إلى أهم الميزات التي أعتبرها أسبابا رئيسية في عدم حصول الملل لنا ونحن نقرأ القرآن، والتي لا تتوفّر لأي نصّ بشري مهما بلغ من جمال العبارة وعبقرية الأفكار.

 

 

القرآن يجيبُ عن أسئلة الفطرة

هذا القرآن هو رسالة الوحي الأخيرة للبشرية، هو الذي قال الله سبحانه عنه: "إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ". وفي صلب هذه الهداية القرآنية تأتي إجابة القرآن عن أسئلة الفطرة التي تطرحها كلّ فطرة إنسانية وتجيب عنها في حياتها بشكل من الأشكال:

 

    من أين جئنا؟ (المنشأ)

 

    لماذا جئنا؟ (الغاية)

 

    كيف نعيش؟ (المنهج)

 

    إلى أين نذهب بعد الموت؟ (المصير)

 

 

 

إنّ جميع الإجابات البشرية المعزولة عن الوحي، سواء كانت إجابات مباشرة أو غير مباشرة عن هذه الأسئلة، هي إجابات قاصرة لا تُشبع الفطرة الإنسانية. لقد وقف العلم عاجزا عن معرفة المنشأ والمصير؛ لأنّه لا يملك الأدوات القادرة على الإجابة عن هذين السؤالين المهمين، ومن ثم ترك الإنسانَ المعاصرَ في تيه الدنيا معزولا عن أي هداية وإرشاد، ليتخبّط في تحديد الغاية المقصورة على الاستمتاع بتراب الدنيا، وفي رسم المناهج التي تلعن بعضها ويتولّد منها الفساد! أما الفلسفة، فقد حاولت على مدى قرون طويلة أن تقدّم إجابات "منطقية" عن تلك الأسئلة، فجاءت بالمضحكات، وتركت الفطرة الإنسانية شاردة في التيه، تتخبّط في العماء!

 

وحده القرآن هو الذي يقدّم تلك المساحة الرحبة من التعريف بالمنشأ؛ بدءا من التعريف بالخالق الكريم، بصفاته وأفعاله في الكون والحياة. وحده القرآن يقدّم غاية متجاوزة للمادة، تجعل من الدنيا دار اختبار دون نسيان نصيبنا منها، وتجعل لقاء الله هو الغاية العليا. وحده القرآن يقدّم "الشريعة" منهجًا متكاملا يصلح لضبط هذه النفس الإنسانية التي خلقها الله: "أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ". وحده القرآن يرسم لنا مشاهد الآخرة كأنها حاضرة أمامنا، نشهد تفاصيلها ونرى مصائر المؤمنين والمجرمين في آن! إنّ الفطرة المتفتّحة للحقّ لا يسعها إلا أن تشعر بالطمأنينة حين تجد هذه الإجابات القرآنية المتّسقة والمتكاملة عن أسئلتها الملحّة الكبرى.. فكيف تملّ القرآن؟

 

 

القرآن يخاطب الكينونة الإنسانية من جميع منافذها

 

يمكن للشاعر المتولّه أن يُلهب وجداناتنا ويحملنا على جناح قصيدته إلى عوالم أحلامه، ولكن لا يمكننا كبشر أن نظلّ محلّقين في عالم الأحلام؛ فالقصيدة كالفيلم الرومانسي الذي نشاهده مرة أو مرتين ثم نتجاوزه، ليبقى ذكرى جميلة غير قابلة للتكرار، ولنعود إلى نشاطنا الفكري والواقعي، لأنّ أرواحنا لا يمكن أن تظلّ طليقة من قيد الواقع!

 

  

 

ويمكن للمفكّر الألمعي أن ينحت لنا أفكاره وينظّمها بعبقرية تبعث على التهامها بنهم، ولكنْ سرعان ما سترسخ تلك الأفكار في أذهاننا لتصبح جزءًا من تفكيرنا لو أقنعتنا، ومن ثمّ تفقد النصوص التي حُمّلت بها ذلك الوهجَ الذي اجتاح لهفتَنا البِكرَ وأزّ عقولنا أزّا، فلا تعود هناك قيمة كبيرة لتكرارها، فنملّها!

 

ولكنّ القرآن شيءٌ آخر.. إنّه كلام الله الذي لو أُنزِل "عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ"، فكيف بالنفس الإنسانية؟ إنّ القرآن يخاطب النفس الإنسانية من جميع منافذ التلقّي فيها، فهو لا يخاطب عقولا محضة كما يفعل الفلاسفة، ولا وجداناتٍ هائمة كما يفعل الشعراء، بل شيءٌ من هذا وشيءٌ من ذاك، وأشياء أخرى لا يعرفها إلا المتدبّرون الخاشعون في حضرة النصّ القرآني.

 

  

 

في سورة الطور على سبيل المثال، تأتي هذه الآية الموجزة: "أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ". في سياق أدبي مزلزل من أول السورة إلى آخرها. في هذه الأجواء والمشاهد الخاطفة تأتي هذه الآية لتلخّص فكرة يطرحها الفلاسفة وعلماء الكلام بصورة باردة باهتة على النحو التالي: "هناك ثلاثة احتمالات لوجود الإنسان: 1) إما أن يكون قد خُلق من العدم. 2) أو أن يكون قد خَلق نفسه. 3) أو أن تكون هناك قوة ثالثة خلقته". هذه الفكرة التي قد يفصّل فيها أهل الفكر والفلسفة كثيرا، يوجزها القرآن في آية قصيرة في المبنى، ولكنها عميقة في المعنى، تجتاح النفس وتهزّها هزّا وهي تذكّرها بهذه البدهية العقلية المُحكَمة!

 

 

في القرآن البلاغة التامّة

 

للناس في البلاغة مذاهب شتّى وطرق متفرّقة؛ فمنهم من يحبّ الأسلوب السهل الممتنع، البعيد عن العبارات الرنانة والسجع المتواصل. ومنهم من يحبّ الأساليب الأدبية التي تُكثر من استخدام العبارات الفخمة الجزلة، وتكثر من التسجيع والتنميق. وهكذا، يُعجَب الناس بالأدباء ويفضّلونهم على من سواهم لشيء ما في أساليبهم. ولكنْ حتى لو بلغ الأديب الذروة في إثارة إعجاب قرّائه، وحتى لو حفظ التاريخ أسلوبَه كمدرسة يُشار إليها بالبنان؛ فإنّ ذلك كلّه لن يعصم نصوصه من الاكتفاء والملل، من قِبل أشدّ معجبيه قَبل غيرهم!

 

  

 

فها هي الكتب التي اقتناها أولئك المعجبون بتلهّف يعلوها الغبار بعد مضيّ سنوات طويلة، لا تمتدّ أياديهم إليها إلا نادرًا! والسرّ في ذلك -إلى جانب مطالعة مضامينها- أنّ التميّز الصارخ الذي كان في أسلوب الكاتب بات هو ذاته ما يدفع معجبيه عن قراءته؛ فالنفسُ تحبّ الأسلوبَ الفريد المميّز، ولكنها لا تحبّ تكراره!

 

  

 

ثم إنّك لن تجد في القرآن تكلّف الأدباء ولا إطنابهم الباهت، ولا استطراداتهم المملّة ولا أخطاءهم في إصابة المعنى بدقة. بل ستجد الخطاب القرآني ورسالته ومعانيه متلبّسة بألفاظه وتراكيبه، فلا يعود هناك مجال للتفكير في صياغة أخرى أكثر بلاغة في إيصال المعنى. قد يقوم المفسّرون بتيسير بعض عبارات القرآن التي لم يعتدْ عليها مَن ابتعدوا عن اللسان العربي الذي نزل به القرآن، ولكنّ هذه العبارات الميسّرة ستفقد خاصّية القرآن التي تميّزه عن جميع النصوص البشرية، وهي خاصّية إمكان تلاوته بشكل دوري دون أن يبعث ذلك على الملل.

 

  

الأفق الدلالي الشامل في النصّ القرآني هو أحد عوامل دفع أي ملل يمكن أن يتطرّق إلى نفس مَن يتلوه بتدبّر؛ فالتدبّر يشتمل على التفكّر في مواعظ القرآن للاعتبار بها

 

إنّ القرآن هو الكتاب الوحيد الذي يُرتَّل بشكل يومي دون أن يشعر مَن يتلوه بشيءٍ من السآمة، اللهمّ إلا التعب حين يُطيل. وهو سرٌّ يكمن -إلى جانب مضامينه وقدسيّته- في بنيته اللغوية، تلك البنية التي تحمل من عناصر البلاغة والانتظام ما يجعل ترتيل آياته محبّبا إلى النفس، وفي نفس الوقت، تخلو من عناصر الرتابة التي تبعث على السآمة. ولعلّ ظاهرة التكرار في القرآن خير دليل على ما نقول، فمن يرتّل سورة الرحمن، ويعيد ترتيلها مرارا لا يشعر بشيءٍ من الرتابة مطلقًا رغم تكرار العبارة نفسها في 31 آية! وذلك لأنّ تلك العبارة في الآية "فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ" تحمل الشحنة التي في الآية أو الآيتين أو الآيات قبلها، فتأتي كاستجابةٍ لمشاهد الطبيعة والإنسان والقيامة المتعاقبة، وكفاصلٍ يستروح فيه الضمير الإنساني، فلا تتعاقب تلك المشاهد بزخمها دون فسحة للتدبّر بنعم الله وعظمته!

 

 

الآفاق الدلالية الواسعة للقرآن

 

ليس القرآن كتاب تاريخ ولا كتاب قوانين، ولكنّه كتاب "حياة"، يعرض حقائق الغيب وشرائع الدين وقصص الأنبياء والأمم وأحداث السيرة بعبارة مؤثّرة تخاطب النفس الإنسانية في كل عصر. قال سبحانه: "وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ". وهي ميزة لا تتوفّر في أي كتاب وضعي، فهو يخاطب النفس الإنسانية في جميع حالاتها، ومن ثم فإذا تدبّر الإنسانُ كتاب الله انكشفتْ له وجوهٌ متجدّدة من الدلالات والعبر والفوائد على المستوى الفردي والجماعي.

 

 

 

إنّ هذا الأفق الدلالي الشامل في النصّ القرآني هو أحد عوامل دفع أي ملل يمكن أن يتطرّق إلى نفس مَن يتلوه بتدبّر؛ فالتدبّر يشتمل على التفكّر في مواعظ القرآن للاعتبار بها (تفسير بحر العلوم، السمرقندي)، والنفس الإنسانية تتقلّب بين حالات الحزن والفرح والضجر والفراغ والقلق واليأس والتفاؤل والتشاؤم، وتتأثّر حالتها المزاجية بأحداث حياتها اليومية وما يجدّ لها من أمور. ومن هنا سيجد القارئ في القرآن "مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ"؛ فالعَزَبُ الفقير الذي يقرأ قوله تعالى "رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ" يعتملُ في قلبه من معاني الرجاء ما لا يعتمل في قلب غيره. والشارد الآبق المتردّد في التوبة، يشعر حين يقرأ قوله تعالى "أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ" بما لا يشعر به الآخرون، فتتفتّح نفسُه للأوْبِ بعد طول الشرود. بل حتى الموغل في العبادة والعمل، المهمل لصحّته ونفسه، قد يجدُ لفتة لطيفة وتذكرة كان يحتاجها حين يقرأ قوله تعالى "وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا". وغيرها من الدلالات التي يتفتّق عنها النصّ القرآنيّ، ممّا يجعل تلاوته الدورية أمرًا محبّبا على نفس المؤمن، ولا يتطرّق إليه الملل.

 

 

 

لا بدّ من تدبّر القرآن ليدخل نوره إلى القلوب، وليأنس العبد ويشعر بالقرب من ربّه وخالقه، وحينئذ فقط تصبح تلاوة القرآن رغبةً مُلحّةً من قلبٍ يخشى أن يفقد النور والأنسَ بكلام ربّ العالمين

رويترز

 

الأنسُ بكلام خالق الإنسان

 

لا يمكن أن نُغفل أثر قُدسية القرآن وكونه كلام الله في دفع أي مللٍ عن قارئ القرآن. وإنّ اللحظة التي يتدبّر فيها المؤمن كلام الله هي لحظة استنارة قلبه بنور القرآن. يقول الحكيم الترمذي في كتابه "الأمثال من الكتاب والسنّة" عن معنى الإنسان: "ثمَّ سمّاهُ إنسانا، وسمّى أولادهُ النَّاس، فقال: "لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ"؛ لأنّه لمّا خلق من الطين أنسَ به وبقربه فبقيتْ تلك الأنسية فِينَا، فليسَ أحدٌ من أولاده برٌّ ولا فاجرٌ إلا يأنسُ بربّه في المنافع والمضارّ، وإليه يلجأ وإليه يفزع وبذكْره يأنس في جميع أحواله وأموره. إلا أنّه إِذا وَجد بُغيته وأدركَ نهمته من حاله اشتغل بالحاجة والبغية ولَها عنه، إلا عصابة من الموحّدين". انتهى.

 

  

 

وكيف يملّ إنسانٌ مؤمن من كلام ربّه عزّ وجلّ حين يقرؤه متدبّرا ومستحضرا أنّه كلام الله الخالق، وأنّه خطابه سبحانه إليه، وأنّه يجري بلسانه وتصدح به أوتاره؟ كيف لا يكون ممتنّا مأخوذًا بالهيبة والخشوع مِن هذا التفضّل مِن الله المنعم الكريم؟ وهل تبقى مساحة من الملل إلا في النفوس اللاهية الغافلة التي لم تحفظ للقرآن مكانته الحقيقية، فغفلتْ عن معانيه وعن خطاب الله الكامن فيه؟!

 

 

 

يقول تعالى: "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا". ويقول سبحانه: "قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ". فلا بدّ من تدبّر القرآن ليدخل نوره إلى القلوب، وليأنس العبد ويشعر بالقرب من ربّه وخالقه. وحينئذ فقط تصبح تلاوة القرآن رغبةً مُلحّةً من قلبٍ يخشى أن يفقد النور والأنسَ بكلام ربّ العالمين.. يخشى أن يصبح قلبُه كالبيت الخرب لا بركة فيه ولا سرور، فيرتّلُ القرآن راجيًا من الله أن يجعله ربيع قلبه، ونور صدره، وجلاء حزنه، وذهاب همّه. وكيف يملّ عبدٌ هذا حاله من تلاوة القرآن؟ وما حالنا نحن المساكين الزائغون عن تحصيل بركة القرآن؟!

أضف تعليقك