تتسع دائرة سياسة القمع التي يتبعها العسكر في مصر منذ انقلابهم على الرئيس محمد مرسي عام 2013، ليتفنن العسكر يوميًا في اخراع وسائل جديدة للقمع.
وفوجئ المصريون صباح اليوم بقرار من نائب عام الانقلاب نبيل صادق، أمر فيه المحامين العامين ورؤساء النيابة بمتابعة وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، واتخاذ إجراءات جنائية ضدها إذا قامت ببث "أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة"، على حد زعمه.
وقال بيان نيابة الانقلاب العامة: "أصدر النائب العام... قراراً بتكليف المحامين العامين ورؤساء النيابة العامة، كل في دائرة اختصاصه، بالاستمرار في متابعة تلك الوسائل والمواقع، وضبط ما يبث منها ويصدر عنها عمداً من أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة".
وأضاف: "على الجهات المسؤولة عن الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وانطلاقاً من التزامها المهني ودورها الوطني، إخطار النيابة العامة بكل ما يمثِّل خروجاً عن مواثيق الإعلام والنشر".
وجاء البيان بعد يوم من دعوة الهيئة العامة للاستعلامات، المسؤولة عن تنظيم عمل وسائل الإعلام الأجنبية في مصر، المسؤولين والنخب المصرية لمقاطعة هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بعد بثِّها تقريراً عن أوضاع حقوق الإنسان، حيث ادعت هيئة الاستعلامات إنه "تضمَّن أخطاء وتجاوزات مهنية ومزاعم بشأن الأوضاع في مصر".
وأثار تقرير الـ"بي بي سي" جدلاً واسعاً بعدما ظهرت شابة، قال التقرير إنها تعرضت للاختفاء القسري على يد قوات الأمن، في مقابلة مع برنامج حواري، مساء الإثنين 26 فبراير 2018، ونفيها هذا الزعم.
وقالت الـ"بي بي س" بعد دعوة المقاطعة، إنها تقف إلى جانب "سلامة فرق التغطية التابعة لنا".
حجب المواقع
لم يكن قرار مراقبة المواقع هو الخطوة الأولى في طريق قمع الإعلام، ففي 24 مايو 2017 أعلنت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية حجب 21 موقعًا إلكترونيًا من بينها مواقع إخبارية محلية مثل "مدى مصر"، ومواقع صحيفتي "ديلي نيوز إيجيبت" و"البورصة".
ونشرت عدد من الصحف المصرية في اليوم التالي تقريرًا من جهة سيادية غير معرّفة يؤكد الحجب ويصفه بـ"حق مشروع للدولة"، وقالت منظمة "حرية الفكر والتعبير" إنه في الفترة من مايو وحتى سبتمبر 2017، حجبت سلطات الانقلاب 492 موقعًا إلكترونيًا.
وأكدت المنظمة ذاتها إنه في يونيو بدأت حكومة الانقلاب في حجب مواقع تقدم خدمة VPN التي تمكن مستخدميها من تجاوز الحجب.
وفي 17 أغسطس انضم موقع منظمة "مراسلون بلا حدود" الدولية إلى قائمة الحجب، وأدان تقرير للأمم المتحدة ما وصفته باستمرار حكومة الانقلاب في "الاعتداء على حرية التعبير".
اتساع دائرة القمع
تشن سلطات الانقلاب حملة قمع تستهدف كل وسائل المعارضة، منذ الانقلاب العسكري الذي قاده عبد الفتاح السيسي ضد الرئيس الشرعي د. محمد مرسي.
ويؤكد الخبراء أن القمع هي السياسة الأساسية في حكم العسكر، وقد تبين ذلك من خلال قانون مكافحة الإرهاب الذي أقرّه مجلس وزراء الانقلاب في يونيو 2015، والذي تضمّن الكثير من المواد القمعية، منها تلك التي تنص على تجريم التقارير الإخبارية التي تتناقض مع الروايات الرسمية للحكومة.
علاوةً على ذلك، تعديل القانون القضائي ليتيح مخرجًا قانونيًا لتنفيذ مئات الأحكام بالإعدام الجماعي، لتواصل حقوق الإنسان في مصر انحدارها وتدهورها أكثر بكثير مما كانت عليه قبل ثورة يناير 2011.
وقد تجاوز نطاق القمع وحدّته خلال الأربع أعوام الماضية، كل ماشهدته مصر في عهد المخلوع حسني مبارك، وبدأت محطات الهجوم عقب الانقلاب من خلال المذبحة التي ارتكبتها القوى الأمنية ضد متظاهري الإخوان المسالمين في مسجد رابعة العدوية وميدان النهضة في العام 2013، والذي أسفر عن مصرع 900 شخصاً على الأقل؛ وشنّ حملة من التوقيفات الجماعية أدّت إلى ارتفاع عدد السجناء السياسيين إلى أكثر من 40 ألفاً بالمقارنة مع خمسة إلى عشرة آلاف نحو أواخر عهد مبارك؛ وصدور 509 أحكام بالإعدام الجماعي في العام 2014، أي بزيادة 400 حكم بالمقارنة مع العام 2013.
أضف تعليقك