كان يقول الحق ولا يخشى في الله لومة لائم، ولا ظلم ظالم ولا استبداد مستبد، لأنه يقول ما يرضي الرب ولا يسخط، وهو من أشد أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم في الحق ، وقد آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن معاذ سيد الأوس.
إنه الصحابي الجليل سعد بن مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشي، و كنيته أبو إسحاق، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة الذين رشحهم عمر بن الخطاب لتكون إمارة المسلمين فيهم.
فقد دخل سعد على معاوية فقال له: ما لك لم تقاتل معنا؟ فقال: إني مرت بي ريح مظلمة فقلت: أخ أخ. فأنخت راحلتي حتى انجلت عني ثم عرفت الطريق فسرت، فقال معاوية: ليس في كتاب الله: أخ أخ. ولكن قال الله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} فو الله ما كنت مع الباغية على العادلة، ولا مع العادلة على الباغية. فقال سعد: ما كنت لأقاتل رجلاً قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي".
وأخرج أبو يعلى عن أبي بكر بن خالد بن عرفطة أتى سعد بن مالك رضي الله عنه فقال : بلغني أنكم تعرضون على سب علي بالكوفة ، فهل سببته؟ قال : معاذ اللهّوالذي نفس سعد بيده لو وضع المنشار على مفرقي ما سببته أبداً.
وقال أبو زرعة الدمشقي: ثنا أحمد بن خالد الذهبي أبو سعيد ثنا محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح عن أبيه قال: " لما حج معاوية وأخذ بيد سعد بن أبي وقاص فقال يا أبا إسحاق إنا قوم قد أجفانا هذا الغزو عن الحج حتى كدنا أن ننسى بعض سننه فطف نطف بطوافك، قال: فما فرغ أدخله دار الندوة فأجلسه معه على سريره ثم ذكر علي بن أبي طالب فوقع فيه فقال: أدخلتني دارك واجلستني على سريرك ثم وقعت في علي تشتمه ؟ والله لان يكون في إحدى خلاله الثلاث أحب إلي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس، ولان يكون لي ما قال له حين غز تبوكا " ألا ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " ؟ أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، ولان يكون لي ما قال له يوم خيبر: " لاعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه ليس بفرار " أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ولان أكون صهره على ابنته ولي منها.
إسلام سعد بن أبي وقاص
أسلم سعد رضي الله عنه وهو ابن سبع عشرة سنة، وكان من أوائل الذين اعتقدوا عقيدة الإيمان ودخلوا في الإسلام، ولقد دخل الإسلام عن طريق أبي بكر الصديق رضي الله عنه، إذ كان يتمتع بخلق حسن وعشرة طيبة للناس، وكان مألوفاً و موثوقاً.
غضبت أم سعد بإسلامه غضبت غضباً شديداً وحاولت جاهدة أن ترده عن دينه، إلا أنها لم تفلح أبداً، روى الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه رضي الله عنه قال: حلفت أم سعد أن لا تكلمه أبداً حتى يكفر بدينه، ولا تأكل ولا تشرب، قالت : زعمت ان الله أوصاك بوالديك ، فأنا أمك وأنا آمرك بهذا ، قال : مكثت ثلاثاً حتى غشي عليها من الجهد ، فقام ابن لها يقال له عمارة فسقاها ، فجعلت تدعو على سعد ، فأنزل الله تعالى الآية الخامسة عشرة من سورة لقمان : (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً).
ولقي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عنتاً شديداً من المشركين بسبب إسلامه، فقوطع هو ومن آمن معه ن فقد قرر المشركون ذلك ، فلم يبيعوهم ولم يبتاعوا منهم ولم ينكحوهم أو ينكحوا منهم ، وأصاب المسلمين حينها حوع شديد وكانت تمر على سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وعلى المؤمنين بعد الهجرة ظروف قاسية ، لا يجدون ما يأكلون إلا الأعشاب والحشائش وورق الشجر ، وبخاصة في الغزو، فقد روى الإمام البخاري رحمه الله عن سعد قال : كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم وما لنا من طعام إلا ورق الشجر ، حتى إن احدنا ليضع كما يضع البعير أو الشاة ماله خلط و كان سعد بن أبي وقاص نقي السرير خالص القلب لا يحمل في قلبه حقداً على أحد شجاعة سعد بن ابي وقاص.
أضف تعليقك