تعيش أسر وزوجات المعتقلين في سجون الانقلاب العسكري معاناة صعبة، باتت من أصعب المآسي التي تعيشها الأسر المصرية منذ الانقلاب العسكري الذي قاده المجرم عبد الفتاح السيسي عام 2013.
ووفق تقرير منظمة العفو الدولية، فهناك 41 ألف معتقل سياسي داخل السجون المصرية الموزعة جغرافيا على محافظات مختلفة، وتحاول سلطات الانقلاب عبر الإجراءات القمعية كسر أهالي المعتقلين ماديًا ومعنويًا ليتخلوا ليس عن ذويهم فقط بل عن خيار استكمال الثورة.
ونرصد في هذا التقرير المعاناة التي يعيشها أهالي المعتقلين في تزايد الظلم والقمع والانتهاكات تحت حكم المجرم عبد الفتاح السيسي :
ألم نفسي
أوضحت دراسات نفسية أثر الاعتقال التعسفي على أسر المعتقلين ومدى تعرضهم للضرر نتيجة اعتقال الزوج أو الابن أو العائل، كما بينت أوضاع بائسة وفقيرة تعيشها عائلات المعتقلين فى السجون، فأجهزة الأمن لا تكتفى باعتقال المواطن وإنما أيضا تمارس التهديد ضد أفراد أسرته، وتتعرض بشكل دورى لعمليات تفتيش لمسكنهم ومراقبتهم .. فضلًا عن الأزمات الاقتصادية التى تعيشها الأسرة بسبب غياب عائلها.
وفى ظل هذه الأوضاع ، فإن ممارسات أجهزة أمن الانقلاب تفرض على أسرة المعتقل مشاعر الرغبة فى الانتقام والعنف فى مواجهة المجتمع.
ويؤكد الخبراء على معاناة أسر السجناء من خلل خطير فى أسلوب الحياة الاجتماعي والاقتصادى والنفسى، وتضيف نتائج الدراسات النفسية إن 40% من أسر العينة تتعرض لتفتيشات دورية من قبل ضباط ومخبرى أمن الدولة، وتتعرض جميع الأسر للإهانة والتهديد فى أى وقت!.
كما تتأثر علاقة أسر المعتقلين بعائلاتهم وأقاربهم بشكل عنيف وصل إلى عزلة وانقطاع ويعانى من ذلك 62.5% من أسر المعتقلين ، و37.5% منهم يلقون تعاطفاً ، فى حين بلغت العزلة عن الجيران وانقطاعهم عن زيارة أسر المعتقلين 49.25% من إجمالى العينة.
فقدان العائل
وتعتبر الأعباء الاقتصادية من أهم التحديات التي تواجه أسر المعتقلين والتى لا ترجع إلى فقد عائلها الوحيد فقط، بل إن أعباء جديدة يتحملها 80% من أسر المعتقلين عقب القبض على عائلهم وتتمثل فى النفقات القانونية للمحامين والحوالات المالية ونفقات الزيارة للمعتقل والمواصلات.
وتؤدي زيادة الأعباء إلى اتجاه زوجات المعتقلين للعمل للإنفاق على الأسرة، فى الوقت الذى تشعر فيه معظم زوجات المعتقلين بعزلة نفسية شديدة الانكسار ، ومزيد من مشاعر الغضب والعنف انسحبت على أبناء أسر المعتقلين الذين يشعرون بنفس المشاعر البائسة التى تعانى منها أمهاتهم.!.
تكاليف وأعباء
في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة في مصر وتزايد غلاء الأسعار، فإن مصاريف تجهيز الزيارات هي الأخرى عبء كبير على الزوجات، خاصة في ظل حالة الإرهاق المادي لأسر المعتقلين، خصوصًا وأن أغلب المعتقلين إما أنهم أزواج يعيلون أسرهم، أو شباب كانوا يساعدون بشكل كبير في مصاريف الحياة اليومية مع أسرهم.
وإلى جانب مصاريف الزيارات، فهناك مصاريف الكفالة، ومصاريف المحاماة، ومصاريف الأولاد الخاصة، واحتياجات الأسرة من مصاريف حيايتة أساسية، فضلا عن أن عددا كبيرا من المعتقلين انقطعت مصادر رزقهم بعد الاعتقال، إما بالفصل من العمل الحكومي، أو بسبب التوقف عن العمل في القطاع الخاص.
وتتباين تكاليف الزيارة الواحدة للمعتقل بحسب بُعْد مكان الاعتقال عن مكان أقامة الأسرة، ومدى تسهيل الإجراءات، حيث تضطر العديد من الأسر لدفع مبالغ مالية مرغمة لأمناء الشرطة؛ كي يسهلوا لهم زيارات لا تستغرق ربما دقائق.
وبحسب بعض الأسر، فإن الحد الأدنى للزيارة لا يقل عن 700 جنيه، بينما في كثير من الأحيان تزيد تكلفة الزيارة الواحدة عن ذلك.
تعذيب بالزيارات
وتمثل الزيارات أصعب ما يواجهه أسر المعتقلين وذلك بعد الأرتفاع الجنوني للأسعار، وسط ارتفاعات تكلفة المعيشة، في ظل غياب رب المنزل وهو مصدر الدخل الأساسي لهم، ورفض بعض السجون صرف إعاشة للمعتقلين السياسين.
وتعد الزيارات التي تواجهها زوجة أي معتقل من أكثر الأمور عذابًا، خصوصًا لو كان هذا المعتقل يقبع في أي من مقابر السجون الشهيرة، كمقبرة العقرب بطرة، ومقبرة وادي النطرون، ومقبرة برج العرب، ومقبرة الوادي الجديد، ومقبرة سجن العزولي، وغيرها من السجون التي يطلق عليها مصطلح مقبرة؛ لقسوة ما يعانيه المعتقلون بداخلها وأسرهم خارجها.
وتبدأ صعوبات الزيارة بداية من التصاريح، حيث تتعنت سلطات الانقلاب الدموي بين الحين والآخر في منع الزيارات، وأحيانًا تقوم بإغلاق الزيارة لمدة 3 أشهر متواصلة، وهو ما يجعل زوجات المعتقلين حائرات بين المحامين والنيابات.
وتواجه زوجات المعتقلين معاملة أمنية سيئة، خصوصًا في لحظات انتظار دخول الزيارات، وأثناء التفتيش، وقد ينتظرون بالساعات في حرارة الشمس أو في سقيع الشتاء من أجل دقائق معدودة، قد لا يستطيعون خلالها التحدث مع من يقومون بزيارته.
وفي العديد من سجون الانقلاب العسكري تمنع أسر وزوجات المعتقلين من لقاء الأزواج، وتقوم سلطات الانقلاب بوضع لوح زجاجي عازل بينها وبين زوجها، وتَسمح لهن فقط برؤيتهم والتحدث عبر سماعات هاتفية مراقبة من قبل أمن الانقلاب، كنوع من كسر النفس والتعذيب النفسي الذي يفرضونه على المعتقلين الأبرياء.
أضف تعليقك