أذل الانقلاب العسكري مصر، منذ المشهد المشئوم في الثالث من يوليو 2013، بعد أن خرج السفاح عبد الفتاح السيسي، معلنا الانقلاب على الشرعية والدستور وإرادة الأمة، ليجمع المراقبون على أن مصر شهدت خسائر فادحة على يد السلطة العسكرية، في جميع الأصعدة.
فعلى الصعيد الإقليمي والدولي، فقدت مصر كبرى الدول العربية أو كما كانت تسمى بـ "الشقيقة الكبرى" لصالح آل سعود حكام بلاد الحجاز مكانتها ، بل وصل الأمر، إلى أن مصر بحجمها الكبير صارت تابعا لآل نهيان في دولة الإمارات.
تذلل السفاح لحكام الخليج
وتجلى ذلك في عدة مواقف ظهر فيها السفاح السيسي كتابع ذليل للملك الراحل عبد الله بن العزيز آل سعود، في جلوسه على مقعد أقصر من مقعد الملك، بعد أن صعد للطائرة لاستقباله مخالفا كل البروتوكولات، من أجل "رز" الخليج، كما سماه السيسي وعباس كامل، مدير مكتبه آنئذ، في تسريب من التسريبات الشهيرة.
كما أضحت مصر في عهد الانقلاب العسكري، ذيلا لمحمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد الإمارات، لا يفعل صغيرة ولا كبيرة إلا بمشورته، لدعمه القوي للانقلاب بأموال الأشقاء في الإمارات، فقد زار السيسي أبو ظبي ما يربو على 7 مرات في أقل من 3 سنوات.
كما يعد قائد الانقلاب في مصر هو أحد الأصدقاء المقربين للساسة والقادة في الكيان الصهيوني المحتل للأراضي المقدسة، ولم يخف العديد من رجال الدين اليهودي شغفهم وهيامهم بشخصية السيسي الذي اعتبروه نصير اليهود والصهيونية.
قطيعة فلسطين
بل وشهدت السنوات التالية للانقلاب قطيعة بين مصر والأشقاء في فلسطين لاسيما قطاع غزة المحاصر الذي زاد السيسي من معاناته بهدم الأنفاق التي كانوا يستثمرونها في إدخال مستلزمات الحياة اليومية، فضلا عن الغلق المستمر لمعبر رفح البري، قبل أن يعود لرعاية مصالحة لم يكتب لها النجاح بعد بين الفصائل الفلسطينية، بعد أن شعر بحاجته لقطاع غزة لمساعدته في الوقوف ضد عدد من الفصائل المسلحة في سيناء.
التفريط في التراب المصري
ولم يكتف الانقلاب العسكري بتدني مكانة مصر الخارجية، بل وصلت به الدناءة إلى التفريط في الأراضي المصرية وبيع جزيرتي تيران وصنافير لصالح الكفيل السعودي بموافقة الخواجة الأمريكي وتخطيط أشقاء السيسي في تل أبيب.
كما فرط السيسي في الحدود البحرية لمصر مع اليونان متنازلا عن مساحات من المياه الإقليمية لصالح العدو الصهيوني، ليفاجأ المصريون بالعجب العجاب، فبعد وقوفهم ضد اتفاقية تصدير الغاز للاحتلال في عهد المخلوع مبارك، تدور الأيام لنجد أنفسنا نستورد نفس الغاز من الكيان الصهيوني في عهد المنقلب عبد الفتاح السيسي.
وأمعن السفاح في التفريط في حقوق المصريين بالتوقيع على اتفاقية مبادئ لإنشاء سد النهضة في إثيوبيا، مفرطا في مياه النيل ومبشرا المصريين بالشرب من مياه المجاري بعد تحليتها، ومن المنتظر أن تشهد البلاد خفضا لحصة زراعة الأرز من مليون ومائتي فدان إلى قرابة 700 ألف فقط، نتيجة الأزمة المتوقعة في المياه.
وعلى الصعيد الداخلي، فقدت مصر جزءا غاليا منها ألا وهو شبه جزيرة سيناء، التي قام العسكر بتهجير أهلها من بيوتهم وبلادهم، فضلا عن القصف المستمر والقتل العشوائي والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري لآلاف المدنيين من أهال سيناء دون ذنب أو جريرة، بحجة محاربة الإرهاب.
كرامة المصري تدهسها البيادة
ومن جهة أخرى لم يعد المواطن المصري يشعر بأية كرامة كتلك التي تغني بها الشعراء وطاف بها السياسيون بعد ثورة 25 يناير، ففقد المواطن كرامته تحت بيادات القادة العسكريين الذين ينظرون إليه على أنه نكرة مستهلكة بل عبء على الدولة المصرية، فأغلقت القنوات الرافضة للانقلاب وصودرت الحريات العامة للمصريين، وصار المناخ العام ملبدًا بدماء الشعب في ميادين الاعتصام أو على أعواد المشانق الجائرة أو في سجون الظلم العسكري.
فمنع السيسي، أحمد شفيق وسامي عنان من الترشح أمامه في مسرحية انتخابات رئاسة الانقلاب، أما بالإرهاب أو بالاعتقال، ووضع عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية، الذي شارك معه في المظاهرات الممهدة للانقلاب، لتعج السجون بعشرات الآلاف من العلماء والمفكرين والنساء والأطفال والبسطاء، فضلا عن رئيسها الشرعي المنتخب محمد مرسي، وكأن مصر سجن كبير على بابه عسكري اغتصب كرسي الاتحادية.
أضف تعليقك