يقدم لكم موقع "الشرقية أون لاين" مُلخصًا لكتاب سيكولوجية الجماهير لمؤسس علم نفسية الجماهير غوستاف لوبون، والذي تم نشره للمرة الأولى عام 1895، أي بعد الثورة الفرنسية بنحو 100 عام؛ حيث العصر المليء بالاضطرابات الجماهيرية العنيفة والحروب والتمرد الشعبي وضعف الحكومات وانقسام الأحزاب و العجز عن مواجهة المتمردين.
فيما يلي نستكمل لكم اقتباسات من الكتاب:
يقول لوبون في كتابه عن محركو الجماهير ووسائل الإقناع التى يملكونها: "ما إن يتجمع عدد من الكائنات الحية ( قطيع من الحيوانات أو جمهور من البشر) حتى يضعوا أنفسهم بشكل غريزى تحت سلطة قائد أو زعيم، القائد كان في البداية مبهورًا بالفكرة التى أصبح فيما بعد رسولها و مبشرًا بها.
إن القادة ليسوا رجال فكر، وإنما رجال ممارسة و انخراط، و هم قليلو الفطنة و غير بعيدى النظر، ونعثر عليهم في صفوف المصابين بالعصاب و المهتاجين وأنصاف المعتوهين الذين يقفون على حافة الجنون.
من الكافي للسلطات أن تقبض على محركي الإضراب ( القادة) كى يتوقف فورًا، فالشىء الذى يهيمن على روح الجماهير ليس الحاجة إلى الحرية و إنما إلى العبودية، فظمأها للطاعة يجعلها تخضع غرائزيًا لمن يعلن أنه زعيمها".
وعن وسائل العمل التى يستخدمها المحركون، يرى لوبون أنها تتمثل في: التأكيد، التكرار، العدوى.
ويضيف: إن "التأكيد المجرد بدون أى حجة عقلانية أو برهان وسيلة موثوقة لإدخال فكرة فى روح الجماهير. بعد ذلك يأتى التكرار، فهو الذى يؤدي إلى الرسوخ في النفوس، بعد فترة من التكرار، ننسى مؤلف هذا القول و نؤمن به لأنه ينغرس في اللاوعى حيث تُصنع دوافع كل أعمالنا.
فمن كثرة ما يكررون في الصحيفة أن ( أ) هو وغد حقير و أن (ب) رجل شريف و نبيل فإننا في النهاية نصدّق طالما لا نقرأ صحيفةً أخرى.
عندما يتاح لتوكيدٍ ما أن يكرَّر بما فيه الكفاية، تبدأ الآلية الجبارة للعدوي فينتشر الشعور أو الفكرة؛ فالعدوي هى التى تنشر الموضة و هى التى تروّج لعمل فنى أو أدبى".
وعن الهيبة، فيرى لوبون أنها نوعان: هيبة مكتسبة تجىء عن طريق إسم العائلة أو الثروة أو الشهرة أو المنصب، فالضابط ما إن يلبس بزته العسكرية حتى يكتسبها.
كما أن هناك هيبة للأفكار والأعمال الأدبية والفنية، فمن يجرؤ على انتقاد أعمال هوميروس أو قصر البارتينون؟ الخاصية الأساسية للهيبة هى أننا لا نعود نرى الأشياء كما هى فى الواقع، فتنشل بذلك قدرتنا على التقييم.
النوع الثاني للهيبة هو الهيبة الشخصية، وهى ملكة مستقلة عن كل لقب أو سلطة. و العدد القليل الذى يمتلكها يمارس سحراً مغناطيسيًا حقيقيًا على الآخرين الذين يطيعونه طاعة عمياء.
ويتابع: "هناك عدة عوامل تلعب دوراً فى تشكيل الهيبة الشخصية, و النجاح أهمها، فالهيبة الشخصية تختفي مع الفشل و البطل الذى صفقت له الجماهير بالأمس تحتقره إذا خالفه الحظ.
والهيبة الشخصية تتلف أيضًا بالمناقشة والمجادلة؛ و لكن بطريقة أبطأ، فالهيبة التى تصبح عرضة للنقاش لا تستمر طويلاً، والأشخاص الذين حافظوا على هيبتهم لم يسمحوا أبدًا بالمناقشة وحافظوا على مسافات الفصل بينهم وبين الجماهير".
أضف تعليقك