تحل اليوم الذكرى الـسبعون لمذبحة دير ياسين التي ارتكبتها جمعات صهيونية في التاسع من أبريل عام 1948 بحق أهالي القرية الواقعة غرب مدينة القدس المحتلة، وأسفرت عن سقوط عدد كبير من أهلها قدرتهم مصادر عربية وفلسطينية بين 250 إلى360 شهيدًا فلسطينيًا من النساء والأطفال والشيوخ.
وتتزامن هذه الذكرى مع المجزرة التي يرتكبها جيش الاحتلال ضد المشاركين في مسيرة العودة الكبرى إحياءً ليوم الأرض منذ الثلاثين من مارس المنصرم على حدود قطاع غزة والضفة مع الأراضي المحتلة عام 1948.
واستشهد منذ انطلاق المسيرة حوالي 30 شهيدًا وأصيب أكثر من 2500 أخرين باستهداف الاحتلال لمخيمات العودة بالرصاص الحي وقنابل الغاز.
وعن مذبحة دير ياسين، فقد شنّ الهجوم على القرية في ذلك العام جماعتان صهيونيتان إرهابيتان هما "الأرغون" التي كان يتزعمها مناحيم بيغن (الذي انتخب رئيسا لوزراء إسرائيل 1977-1983)، ومجموعة "شتيرن" التي كان يترأسها إسحق شامير (الذي انتخب رئيسًا لوزراء إسرائيل 1983-1992 بتقطع)، بدعم من قوات البالماخ.
ونفذت الجماعتان المجزرة بهدف إخراج أهلها منها للاستيلاء عليها، وقد جاء تنفيذها بعد أسبوعين من توقيع معاهدة سلام طلبها رؤساء المستوطنات اليهودية المجاورة ووافق عليها أهالي قرية دير ياسين.
وشنّ عناصر (الأرغون وشتيرن) الهجوم على دير ياسين قرابة الساعة الثالثة فجراً، وتوقع المهاجمون أن يفزع الأهالي من الهجوم ويبادروا إلى الفرار من القرية، وهو السبب الرئيسي من الهجوم، كي يتسنّى لليهود الاستيلاء على القرية.
وانقضّ المهاجمون اليهود تسبقهم سيارة مصفّحة على القرية وفوجئ المهاجمون بنيران القرويين التي لم تكن في الحسبان وسقط من اليهود 4 من القتلى و32 جرحى.
وطلب بعد ذلك المهاجمون المساعدة من قيادة "الهاجاناه" في القدس والتي بدورها بعثت بالتعزيزات، وتمكّن المهاجمون من استعادة جرحاهم وفتح الأعيرة النارية على أهل القرية دون تمييز بين رجل أو طفل أو امرأة.
ولم تكتف العناصر اليهودية المسلحة من إراقة الدماء في القرية، بل أخذوا عدداً من القرويين الأحياء بالسيارات واستعرضوهم في شوارع الأحياء اليهودية وسط هتافات اليهود، ثم العودة بالضحايا إلى قرية دير ياسين وتم انتهاك جميع المواثيق والأعراف الدولية حيث جرت أبشع أنواع التعذيب.
واقتيد نحو 25 من رجال القرية داخل حافلات وطافوا بهم شوارع القدس كما كانت تفعل الجيوش الرومانية قديما، ثم أعدموهم رميا بالرصاص.وروى شهود عيان وصحفيون عاصروا المذبحة: "إنه شيء تأنف الوحوش نفسها ارتكابه لقد أتو بفتاة واغتصبوها بحضور أهلها، ثم انتهوا منها وبدأوا تعذيبها فقطعوا نهديها ثم ألقوا بها في النار ".
وفي عام 1948، اتفق الكثير من الصحفيين الذين تمكّنوا من تغطية مذبحة دير ياسين أن عدد القتلى وصل إلى 254 من القرويين.وبعد نحو عام من ارتكاب المجزرة، أقامت قوات الاحتلال احتفالات بالقرية المنكوبة حضرها أعضاء الحكومة الإسرائيلية، وحاخامات اليهود، لتخليد سقوط دير ياسين في أيدي الاحتلال.
وكانت المذبحة عاملاً مهمّاً في الهجرة الفلسطينية إلى مناطق أُخرى من فلسطين والبلدان العربية المجاورة لما سببته المذبحة من حالة رعب عند المدنيين، ولعلّها الشعرة التي قسمت ظهر البعير في إشعال الحرب العربية الإسرائيلية في عام 1948.
وأضافت المذبحة حِقداً إضافياً على الحقد الموجود أصلاً بين الفلسطينيين والإسرائيليين.وفي أعقاب المذبحة تزايدت الحرب الإعلامية العربية اليهودية بعد مذبحة دير ياسين وتزايدت الهجرة الفلسطينية إلى البلدان العربية المجاورة نتيجة الرعب الذي دبّ في نفوس الفلسطينيين من أحداث المذبحة، وعملت بشاعة المذبحة على تأليب الرأي العام العربي وتشكيل الجيش الذي خاض حرب الـ 1948.
وبعد المذبحة، استوطن اليهود القرية وفي عام 1980 أعاد اليهود البناء في القرية فوق أنقاض المباني الأصلية وأسموا الشوارع بأسماء مقاتلين الأرجون الذين نفّذوا المذبحة.
أضف تعليقك