• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانية واحدة

تُثار جدلية من حينٍ إلى آخر حول قطاع غزة ليس حول معاناته إنما حول احتكاره فلسطين والقضية الفلسطينية، أو بمعنى أدق وكأن فلسطين وجلّ القضية انحصرت في هذه البقعة دون غيرها.

ويُتهم أهل غزة، وخصوصًا إعلامييها ونشطائها وصحافييها، بأنهم لا يعرفون ولا يرون في فلسطين سوى غزة، وكذلك يُتهم سياسيوها بالاتهام ذاته.

ذلك أن غزة تتصدر عناوين الأخبار وتتوقف عندها جلّ المتابعات الإعلامية والتحليلية، وإنه ليس من العدل أن تحتكر غزة الصدارة دون باقي المناطق أو على حسابها، نقول هذا بنظرة مناطقية أو منطقية، حين نغمض أعيننا عن الواقع.

فليس من العدل أساسًا أن تحتكر غزة المعاناة، ومن الظلم أن تبقى وحدها في صدارة التصدي للاحتلال ومشروعه الاستيطاني التوسعي، من الظلم خذلانها وهي في الحصار المستمر منذ 12 عاماً.

غزة تحتل مساحة في الشاشات والصحف أقل بكثير من المأساة التي تعيشها أو البطولة، وهذا الأمر مرتبط بحجم الأحداث والتطورات التي تجري على الأرض.

غزة يا للغرابة متهمة باحتكار الألم، والمقاومة متهمة بأنها تصرخ أو تنادي حين تتوجع، وأنها تدوي حين تدافع عن نفسها، متهمة بأنها كثيرًا ما تكون وحدها في صدارة هذا كله.

غزة ليست وحدها الوطن، لكن الوطن اليوم في غزة، في قلبها، وفي صميم جوارحها وجراحاتها، إنه نشيد أطفالها، واهتزاز الأرض تحت أقدام مقاوميها، هو رائحة البارود، وصهيل الصواريخ في ميدان المعركة وميادين التدريب والإعداد، وهو الحنون حين يحتضن أجمل أقمارها في عتمات الأنفاق، وهو الحزن الذي يعتصر قلوبنا، حين نفقد أحبتنا، وهو هتاف أبنائها في مخيمات العودة على الحدود.

على الحدود يقف الشعب الفلسطيني هذه الأيام في عدة مناطق على طول الخط الفاصل بين قطاع غزة ومستوطنات الاحتلال بحشود كبيرة تقدر بعشرات الآلاف تطالب بالعودة إلى كامل فلسطين، واسترداد جميع الحقوق ضمن فعاليات «مسيرة العودة الكبرى».

وقد كان من المفترض أن لا تكون غزة وحدها في هذا الحراك، إلا أنها الوحيدة التي تحركت، وهناك الكثير من الأسباب الموضوعية لعدم تحرك باقي المناطق في فلسطين، أو خارجها للقيام بفعاليات موازية، إلا أن بحوزة غزة أسباباً أكثر منها لو عجزت أو تعاجزت وأرادت تبرير عجزها.

نهتف للقدس حين يخرج منها الأبطال، ونهتف لجنين ونابلس والخليل ورام الله وباقي مدن ومخيمات الوطن الحزين، ونقف بجانبها حين الوجع، ونحن لا نعرف التفرقة، وإن كنا نعيش الفرقة، ونعيش التباعد والتجافي بفعل سياج الاحتلال من حولنا، وستار الوهم في عقولنا، إننا شعب واحد نواجه المصير ذاته، لكننا لا نقوم بأدوارنا بالتساوي.

غزة ليست في نزهة ولا سباق شهرة، غزة تنده حين تتألم، وتهدر حين تدافع عن نفسها وعن هذا الوطن، وإنما كثرة الحديث عنها لكثرة آلامها، وكثرة هديرها في وجه الطوفان، فاهدروا دوماً لا يوماً حتى يسمعكم العالم ويراكم دومًا.

أضف تعليقك