سادت حالة من الغضب بين أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، جراء توجيه وزير أوقاف الانقلاب السباب، لأحد الطلاب، أثناء مناقشة رسالة الماجستير الخاصة به في جامعة الزقازيق، موضحين أن الواقعة لم تكن مناقشة علمية بل كان خطابًا سياسيًا.
وقال الدكتور خالد سمير، أستاذ الطب بعين شمس، وعضو حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات: "يتنافى تعنيف وزير الأوقاف لباحث جامعة الزقازيق، والتقليل من شأنه مع آداب البحث العلمي وأخلاقيات العمل الجامعي، لافتا إلى أن جميع المشرفين والمحكمين يكون لديهم اعتراض على بعض النقاط في الأبحاث العلمية، لكن ليس بهذا الأسلوب".
وأكد سمير، في تصريح صحفي أمس لموقع مصراوي، أن "لجنة التحكيم عادة ما تتكون من ثلاثة محكمين، أحدهم المشرف على الرسالة، وآخر محكم عن القسم الذي أجريت الرسالة به، ومحكم خارجي قد يكون من خارج الكلية أو من جامعة أخرى، تُعرض عليهم الرسالة لمناقشتها، وفى حال اعتراض أي عضو على محتوى الرسالة، إما أن يعتذر عن المشاركة في المناقشة، أو أن يطلب من الباحث إجراء تعديلات وتأجيل الرسالة، لحين استيفائها.
ونبه عضو حركة 9 مارس، إلى أن أهم شيء في الأبحاث العلمية هو طريقة إجرائها، والأدوات التي يستخدمها الباحث، ويقيم الباحث على أساس الجهد الذي بذله ومدى التزامه بتلك المعايير، ولكن لا يمكن اختزال كل هذا الجهد في اقتباس للطالب وافق رأي المحكم أو لم يوافقه.
وشدد سمير على أنه في كل الأحوال هناك قواعد وآداب للتعبير عن الرفض، ليس من ضمنها الشتائم.
ومن جانبه، أشار الدكتور محمد كمال، أستاذ علم النفس بكفر الشيخ، إلى أنه في مناقشة الرسائل العلمية والبحث العلمي نعرض كل الآراء حول الموضوع محل المناقشة، ونتفق مع بعضها ونختلف مع بعضها، ولكن ليس من حق المناقش أن يتعدى بالسب أو القذف على الباحث، مبينا أن هذا يمثل مخالفة قانونية.
وأضاف كمال، في تصريحات صحفية، أن المشرفين على الرسائل العلمية ليس لهم مطلق الحرية في الاعتراض على محتوى الرسائل، بلا أسانيد وضوابط علمية.
وأضاف أستاذ علم النفس بجامعة كفر الشيخ، أن هناك نسخة من الرسالة تُرسل للمشرفين بعد اعتماد اللجنة، ولا يجوز المناقشة قبل مرور 15 يومًا؛ حتى يمكن للمناقشين قراءة الرسالة، منوها إلى أن مختار جمعة في واقعة انفعاله على أحد الطلاب خلال مناقشة رسالة الماجستير الخاصة به في جامعة الزقازيق، من المفترض أنه قرأ الرسالة قبل المناقشة.
وأردف: كان أمام الدكتور جمعة، في هذه الحالة عدة اختيارات: إما أن يرى الرسالة ممتازة ويناقشها، أو أنه يرى أن هناك تعديلات طفيفة يمكن تعديلها بعد المناقشة مع عدم منح الموافقة على الرسالة إلا بعد التعديل، أو أنه يرى أن الرسالة لا تستحق المناقشة إطلاقًا وفي هذه الحالة كان عليه أن يرسل للمشرفين يبلغهم، إما باعتذاره عن المناقشة لسوء الرسالة، أو يرسل رسميا يطلب عدم مناقشة الرسالة مع ذكر الأسباب.
وأشار كمال إلى أن الواقعة لم تكن مناقشة علمية، بل كانت خطابًا سياسيًا، ووصف الطالب بالجاهل؛ لاعتراضه على فقرة موجودة في الرسالة تصرف غير قانوني، وهي في الأساس منسوبة للشاعر والفيلسوف الباكستاني محمد إقبال، مشيرا إلى أنه كان من الأفضل أن يعلن انسحابه من المناقشة ورفض الرسالة.
فيما تساءل الدكتور هاني الحسيني، الأستاذ بكلية العلوم جامعة القاهرة: "كيف يناقش المحكم للرسائل العليمة الباحث دون أن يعلم الحد الأدنى من المبادئ العلمية للمناقشات العلمية؟"
وتابع أن الباحث إذا وصل إلى المناقشات النهاية يوجه اللوم إلى المشرف وليس الطالب، هذا في حال إن كانت الرسالة العلمية بها كارثة علمي، مؤكدا أن العلم يحترم كل الآراء والنظريات ويتناولها بالتحليل والنقاش وليس الهجوم السب والقذف.
وأكمل الحسيني أن العمل الجامعي يحكمه الضوابط العلمية، ولا تعطي المناصب أي حق للتقليل من شأن الباحثين أو الطلاب، بل يلتزم المحكمون بالحياد وسعة الصدر العلمية لتقبل الاجتهادات الشخصية والعلمية، ويوجهها للصواب، ولكن لا ينحر الباحث ببحثه إذا أخطأ.
كان محمد مختار جمعة، وزير أوقاف الانقلاب، وبخ الأحد الماضي، أحد طلّاب الماجستير بجامعة الزقازيق، خلال مناقشته رسالته.
وقال جمعة، موجهًا حديثه لصاحب الرسالة "وجدي عبد القادر" الباحث بقسم دراسات وبحوث الأديان: "أنت جاهل"، وأمر بتأجيل مناقشة الرسالة 6 أشهر.
أضف تعليقك