"الحب في الله".. من خِصال الإيمان أن يحب المسلم لأخيه المسلم ما يحب لنفسه؛ من جلب الخير له، ودفْع الشر عنه، ومن العمل بما ينفعه، ودفْع ما يؤذيه، وخصوصًا القريب والجار؛ ففي الحديث الشريف: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".
فهو صلى الله عليه وسلم ينفي كمالَ الإيمان، ويَحلِف على ذلك، ويقول: والذي نفسي بيده، لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره - أو قال: لأخيه - ما يحب لنفسه.
فلو لم تكن هذه الصفة محمودة، لما أكَّدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحلف.
حبك لأخيك من الطاعات التي ترضي الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وأن تكره لأخيك ارتكاب المحرَّمات والمكروهات كما تكرهها لنفسك؛ لأنها تُسخِط الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأن تحب لأخيك من المباحات المأكولات والمشروبات والملبوسات ما تحبه لنفسك بمعاونته على تحصيلها، وليس معناه أن تُعطيه ما بيدك، فهذه صفة أخرى من صفات الخير، وهي الإيثار على النَّفس إذا كان هو بحاجة.
إن مما يحب المسلم لأخيه: أن يراه يحافظ على صلواته وطاعة ربه، وأن يُبعِد أذاه عنه، لا سيما إن كان جارًا، فلو سألت هذا المصلِّي عما يريد بصلاته، لقال: أريد رضا الله تعالى؛ ليُدخِلني جنتَه، ويُعتقني من النار.
فالإيمان الكامل أن تُحِبَّ ذلك لأخيك المسلم، ولو سألت أيَّ مسلمٍ: هل تحب أن تؤذي أحدًا من جيرانك؟ لكان جوابه: لا، بينما بعضنا قد يؤذي جيرانه من غير ما مبالاة.
فما أعظم هذا الدين؛ حيث حرص على سلامة القلوب وتَرابُطها! وما أوسع فضله؛ إذ يثيبك على نفْعك لإخوانك المسلمين!
كيف يتحقق الحب في الله بين العباد ؟
يجب أن يعلم كل مسلم أن هذه الأمة ما قامت إلا على الأخوة فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ بداية الدعوة يحرص على تحقيق هذه الأخوة فآخى في مكة بين صهيب الرومي وبلال الحبشي وحمزة القرشي وسلمان الفارسي.
وعندما هاجر إلى المدينة آخى بين الأوس والخزرج ثم بين المهاجرين والأنصار فكان الحب هو السائد بينهم ولكي يسود بيننا هذا الحب يجب أن يحترم كلا منا حقوق الآخر ويرعاها ويحاول أن يبادر هو بتقديمها له أولا حيث أن الإيمان والحب متلازمين لا يفترقان كما في قوله تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ)وكذلك الإيمان والأخوة متلازمين أيضا وذلك في قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).
وإذا كان الإيمان هو حب وأخوة فإن الأخوة لا تتحقق إلا بالحب وإذا نظرنا إلى بداية الخلق نجد أن كل الناس من أب واحد وأم واحدة وطالما الأب واحد والأم واحدة إذن كلنا أُخْوَة.
أضف تعليقك