"السيسي يفكر في تعديل الدستور ليصبح فرعونًا جديدًا"، هكذا بدأ موقع "ناشيونال إنترست" مقالًا للكاتب السياسي داوغ باندو، يقول فيه إن الرئيس الصيني شي جين بنغ تخلص من القيد الذي يحدده بالحكم، ويحضر للحكم مدى الحياة، مثل الأباطرة السابقين، مشيرًا إلى أن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي يفكر أن يفعل الأمر ذاته، حيث يقترح مؤيدوه تعديل الدستور ليصبح فرعونًا جديدًا.
ويشير الكاتب في مقاله، إلى أن الجنرال السيسي انقلب قبل خمس سنوات على الرئيس المنتخب محمد مرسي، وقتل مئات المتظاهرين المؤيدين لمرسي، وسجن عشرات الآلاف من المعارضين والمنتقدين والمحتجين، لافتا إلى أنه بعد أن قمع أي معارضة جادة، فإنه تسلم الرئاسة، وأجرى انتخابات مصطنعة عام 2014، وفاز فيها بنسبة 97% من الأصوات مقابل معارضة ضئيلة.
ويقول باندو إن "السيسي كرر الانتخابات في مارس، وهذه المرة سعى عدة أشخاص، بينهم ذوو خلفيات عسكرية لمنافسته، لكنه اعتقل أو أخاف المنافسين جميعهم، مثلًا عبد المنعم أبو الفتوح، الذي كان قد ترشح لانتخابات 2012، وتم اعتقاله مع 15 عضوًا آخر من حزبه، ووضعوا على قائمة الإرهاب الرسمية، وسامي عنان، سلف السيسي رئيس الأركان، اعتقل أيضًا، بالإضافة إلى أنه حكم على الشخص الرئيسي في حملته، هشام جنينة، الذي كان رئيسًا سابقًا للجهاز المركزي للمحاسبات تحت رئاسة السيسي، بالسجن لمدة خمس سنوات".
وأشار الكاتب إلي مسرحية الانتخابات حيث أكد باندو أن "السيسي تخلى عن التمثيل بأن الانتخابات حرة، لا خشية الخسارة -فمسؤولوه هم من سيحصدون الأصوات- لكن لمنع حصول أي انقسام في الجيش وتطور معارضة سياسية، ولم يكن غريبا أن السيسي حصل مرة أخرى على 97% من الأصوات، بالرغم من تهديد النظام بفرض غراماتلمن لا يذهبون للتصويت وهو ما ظهر بوضوح عن ضعف التصويت العام في الانتخابات.
ويعلق الكاتب قائلًا: "هكذا انتهت الآمال والأحلام التي أحاطت بثورة عام 2011، وكان هناك الكثير من الملاحظات على الرئاسة الإسلامية القصيرة للرئيس محمد مرسي، الذي انتخب عام 2012، لكنه لم يكن طاغية، بل على العكس فإنه فشل في السيطرة على البيروقراطية والشرطة والجيش، وقام رجال الأعمال المعادون بخلق فوضى اقتصادية، ورفضت الشرطة حماية مقر حزبه من الرعاع، وأطيح به بعد أن دعمت السعودية مظاهرات الشوارع، ووعدت السيسي بالدعم المادي إن هو انقلب على مرسي، فتحول النظام الثوري، الذي كان من المفترض أن يحرر مصر، إلى الديكتاتورية التي حلت محله، بالضبط كما حصل في رواية جورج أورويل (مزرعة الحيوانات)".
وينوه باندو إلى أن مجموعة "فريدوم هاوس" تقيّم بأن الحرية منعدمة في مصر، وهي قريبة من ذيل القائمة فيما يتعلق بالحقوق السياسية والحريات المدنية، فيما أشار تقرير المجموعة إلى أن المعارضة السياسية غير موجودة تقريبًا، حيث يواجه الناشطون الإسلاميون والليبراليون المحاكمة والسجن، أما الحريات المدنية فتراجعت بسبب منع مصر للمنظمات غير الحكومية والنقابات التي لا تعترف بها الحكومة.
ويذكر الموقع أن "فريدوم هاوس" أشارت إلى أن "الأجهزة الأمنية.. طورت معدات التجسس وأساليبها في السنوات الأخيرة؛ للقيام بمراقبة منصات التواصل الاجتماعي وبرمجيات الهواتف الذكية، كما تقوم الشخصيات الإعلامية الموالية للحكومة ومسؤولو الدولة بالدعوة للوحدة دائمًا، ويصفون من ينتقد الحكومة بأي شكل من الأشكال بأعداء الدولة، ما أدى الى حذر الناس فيما يقولون حتى أثناء النقاشات فيما بينهم".
ويورد الكاتب أن "فريدوم هاوس" أشارت إلى أن السيسي "يحكم بأسلوب يرسخ امتيازات الجيش، ويحميه من المساءلة على ما يفعل"، وفي الوقت ذاته "بات الفساد منتشرًا في مستويات الحكومة كلها".
ويقول باندو إن "قائمة الانتهاكات تطول و(غياب المحاسبة تماما للقوات الأمنية) التي تقوم بالاعتقالات الجماعية، والسجن التعسفي، والتعذيب، ومصادرة العقارات، واستخدام المحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين، وخنق القطاع المستقل، وتغييب المنتقدين (400 حالة خلال عام)، حيث يتم اعتقال الشخص ثم يختفي أثره تماما، وأحيانا يظهر في السجن فجأة".
ويختم باندو مقاله بالقول: "للأسف، فإن أمريكا والحكومات الغربية الأخرى تساهلت مع القمع المصري؛ لأنها تقدم الاستقرار على الحرية، وتفترض أن الدعم المجامل فقط هو وحده الكفيل بالحفاظ على مصر بصفتها حليفا، لكن مصر لن تدخل في حرب مع إسرائيل، سواء دعمت أمريكا ديكتاتورية السيسي أم لم تدعمها.
أضف تعليقك