"إسكات الكلمة الحرة" شعار رفعه نظام العسكر الانقلابي، لتكميم الأفواه، وإخراس كل صوت يصدح ويفضح جرائمه وانتهاكاته بحق الشعب المصري، ضاربا بكل القوانين عرض الحائط.
ومنذ الانقلاب الذى قاده عبد الفتاح السيسي وضع نظام العسكر أنشطة الإعلام المصري تحت المجهر، حيث شهد الواقع الإعلامي انتهاكات بالجملة بحق المهنة، سواء باعتقال عشرات الصحفيين أو حجب مواقع إلكترونية، حتي يضمن بقاؤه في السلطة بصوت ولون واحد للإعلام يهلل ويمجد فساده.
ولعل آخر هذه الانتهاكات اعتقال الصحفي شادي أبوزيد مراسل برنامج "أبلة فاهيتا" سابقًا، فجر اليوم، بعد اقتحام ميليشيات الانقلاب لمنزله ومصادرة الأجهزة الإلكترونية الخاصة به وبأسرته.
صحفيون خلف القضبان
ويوم الخميس 3 مايو الجاري، أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، تقريرًا حول حرية الصحافة في مصر، منذ انقلاب يوليو 2013، بمناسبة اليوم العالمي للصحافة، قالت فيه إنه تم استهداف الإعلام المستقل من قبل سلطات الانقلاب بصورة موسعة، وملاحقة الصحافيين والتضييق على عملهم.
وبين التقرير أنه خلال تلك الفترة قامت قوات أمن الانقلاب بقتل 10 صحفيين، كما تعرّض أكثر من 200 صحفي للاعتقال، أطلق سراح بعضهم بينما يستمر احتجاز 65 صحفياً جميعهم تابعون لجهات إعلامية مستقلة.
وذكر التقرير أن الصحفيين المعتقلين تعرضوا لمحاكمات جائرة، في قضايا لم تبن على أدلة حقيقية، وإنما استندت على تحريات الأجهزة الأمنية، والتي جاءت مجهلة تتسم باللامعقولية غير مستندة إلا على أقوال مرسلة من محرريها دون أن تتصل بأي دليل مادي، لتنتج عن تلك المحاكمات العبثية أحكام بالسجن المؤبد والإعدام.
وتحدث التقرير أيضًا عن ظروف الاحتجاز القاسية، بالإضافة إلى وضع بعض الصحفيين على قوائم الإرهاب ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم، والزج بأسماء إعلاميين في قضايا معارضة للسلطات، على الرغم من كونهم يعملون خارج البلاد.
حجب المواقع
بيّن تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان أن حكومة الانقلاب قامت بحجب 121 موقعًا، كما أن ترتيب مصرعالميًا من حيث حرية الصحافة والإعلام تدنى ليصبح في المرتبة 161 من بين 180 دولة بحسب منظمة مراسلون بلا حدود، وقد صنفت مصر من ضمن البلدان التي يعتبر وضع الصحافة فيها خطرا للغاية وقد وضعت في القائمة السوداء لذلك التصنيف.
وصل عدد المواقع المحجوبة في مصر، منذ أبريل 2017 حتى الآن، إلى 497 موقعا إلكترونيًا على الأقل، بحسب ما رصدته مؤسسة حرية الفكر والتعبير.
بدأ الحجب في مصر بحجب واحد وعشرين موقعًا جميعها تقدم محتوى صحافيًا وإعلاميًا باستثناء موقعين فقط، لاحقا ظلّ عدد المواقع في ارتفاع بما في ذلك المواقع الصحافية، حتى وصل عددها الآن إلى 108 مواقع على الأقل، تتنوع بين المواقع الإخبارية والمواقع التابعة لقنوات فضائية والمواقع الصحافية المستقلة.
إخفاء قسري
خلال الستة أشهر الماضية تعرض سبعة صحفيين للاختفاء القسري ليظهروا لاحقًا على ذمة قضايا ما زالوا على إثرها قيد الحبس الاحتياطي.
من جهتها قالت حملة "أوقفوا الاختفاء القسري" في بيان لها بالتزامن مع اليوم العالمي لحرية الصحافة: "اليوم يحتفل الصحفيون المصريون باليوم العالمي لحرية الصحافة بعد أن شهدوا تطورا خطيرا في مستوى القمع حيث وثقت حملة أوقفوا الاختفاء القسري تعرض صحفيين مصريين للاختفاء القسري لفترات متباينة ثم ظهورهم على ذمة قضايا ما زالوا على إثرها قيد الحبس الاحتياطي".
وطبقًا لتقرير منظمة مراسلون بلا حدود حول مؤشر حرية الصحافة لعام 2018 والذي يقيس أوضاع الصحافة في 180 بلدا حول العالم، فقد احتلت مصر المركز 161.
وتابعت الحملة: "طالت هذه الانتهاكات حرية الرأي والتعبير عبر الانترنت بشكل غير مسبوق في 2017 وذلك بحجب نحو 500 موقع منها الإخباري والحقوقي. بل وصل الأمر إلى إخفاء بعض الصحفيين قسريا".
وأكدت: "إن دستور العسكر الصادر في عام 2014 عقب الإنقلاب ينص في مواده 70، 71، 72 على ضمان حرية الصحافة ومنع الحبس في قضايا النشر وحماية حقوق الصحفيين. إلا أن هذه النصوص يتم إهدارها باسم الحفاظ على الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب والتصدي لنشر الأخبار الكاذبة وهي التهم التي عادة ما توجه للصحفيين بعد ظهورهم أمام نيابات أمن الدولة أو النيابات العسكرية".
وتابعت: "وثقت حملة أوقفوا الاختفاء القسري منذ سبتمبر 2017 وحتى أبريل 2018 حالات سبعة صحفيين، حيث تعرضوا لجريمة الاختفاء القسري وبعضهم قال إنه تعرض للتعذيب في فترة اختفائهم على أيدي الأجهزة الأمنية".
وذكرت الحملة في بيانها عبر "فيسبوك" أسماء الصحفيين السبعة وظروف اعتقالهم وهم: "أحمد حمودة محمد السخاوي، حسام أحمد عبدالمنعم محمد الوكيل، حسن البنا مبارك، مصطفى الأعصر، المعتز محمد شمس الدين، مجدي خالد محمد، محمد إبراهيم محمد رضوان الشهير بمحمد أكسجين".
وأضافت: "هؤلاء وغيرهم من الصحفيين تعرضوا للاختفاء القسري ومازالوا يدفعون ثمن تحقيق حرية الصحافة في مصر".
وطالبت الحملة في ختام بيانها: "إطلاق سراح الصحفيين المحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا الرأي والتي جاءت بعد تعرضهم للاختفاء القسري، والتحقيق مع المسؤولين عن اختفاء الصحفيين وفي مزاعم تعرضهم للتعذيب أثناء اختفائهم ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم".
اقتحام صاحبة الجلالة
فلأول مرة في تاريخ النقابة يتم اقتحام نقابة الصحفيين من قبل رجال أمن الانقلاب في 1 مايو 2016؛ بحجة القبض على صحفيين اثنين، بعد مظاهرات ضد حبس الصحفيين وتقييد الحريات، وهو ما سمي يومها بــ"الأحد الأسود".
وبعد صولات وجولات فى المحاكم والأقسام والنيابات، وبعد اتهامات تناثرت هنا وهناك، صدر قرار فى شهر أبريل الماضى من العام الجاري، من النيابة العامة بحفظ القضية التي كانت قد وجهت فيها اتهامات بالتحريض على التظاهر ضد تسليم جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية.
أضف تعليقك