التوكل على الله هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المنافع ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة والاعتقاد بأنه لا يعطى ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه سبحانه وتعالى.
قال سعيد بن جبير: " التوكل جماع الإيمان " قال تعالى: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ فهو حال المؤمن في جميع الأحوال والأحيان.
الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل
بل هو من تمامه وكماله لكن الحذر من ركون القلب إلى الأسباب فهذا الذي ينافى التوكل لذا قيل: السعى في الأسباب بالجوارح طاعة لله والتوكل بالقلب على الله إيمان بالله".
قال تعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾.
فضل التوكل وضرورته
قال عليه الصلاة والسلام: "لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصاً وتروح بطاناً" [تغدوا أول النهار جياعاً وترجع آخر النهار شباعاً [رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع].
ولما قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أعقلها وأتوكل أم أطلقها وأتوكل قال: "بل أعقلها وتوكل ". [رواه الترمذي وحسنه الألباني].
قال بعض السلف: َتوكل تُسق إليك الأرزاق بلا تعب ولا تكلف.
أقوال السلف في التوكل
• قال عامر بن قيس: ثلاث آيات من كتاب الله اكتفيت بهن جميع الخلائق:
الأولى: ﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ﴾ [يونس: 107]
الثانية: ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [فاطر: 2]
الثالثة: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ﴾ [هود: 6].
• قصة وعبرة
أحمد بن طولون أحد ولاة مصر: كان من أشد الظلمة حتى قيل: إنه قتل ثمانية عشر ألف إنسان صبراً - أي يقطع عنه الطعام والشراب حتى يموت - وهذا أشد أنواع القتل، فذهب أبو الحسن الزاهد امتثالاً لقوله عليه الصلاة والسلام: "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر" فدخل عليه وأخذ ينصحه في الله وقال له: إنك ظلمت الرعية وفعلت كذا وكذا وخوفه بالله فغضب ابن طولون غضباً شديداً - وأمر بأسد يجوّع ثم يطلق على أبى الحسن.
ثمرات التوكل على الله تعالى
1- سعة الرزق
قال صلى الله عليه وسلم: "لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصاً وتروح بطاناً ". [رواه أحمد والترمذي والحاكم وغيرهم وصححه الألباني ].
2- سبيل إلى قضاء الدين
قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ .
3- التوكل على الرحمن يقي من الشيطان
قال تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾.
وقال عليه الصلاة والسلام: " من قال - يعنى إذا خرج من بيته - بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله يقال له: كفيت ووقيت وهُديت وتنحى عنه الشيطان. فيقول لشيطان آخر: كيف لك برجل قد هُدِى وكُفِى وَوُقِى " [رواه الترمذى وصححه الألبانى].
4- يُذهب التشاؤم
والتشاؤم: التطير بالمكروه من قول أو فعل أو مرئي. فبعض الناس إذا خرج لعمله عاد فيُسأل فيقول: رأيت فلاناً فتشاءمت فرجعت أو سمعت كذا فتشاءمت فرجعت. وإذا حدث له شيء يكرهه يقول: "أنا اصطبحت بوش مين النهارده" فحذّر النبي من ذلك وقال: "الطيرة شرك ولكن الله يذهبها بالتوكل".
5- التوكل الحق طريق إلى دخول الجنة بغير حساب ولا عذاب
في صحيح مسلم عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يدخل الجنة من أمتى سبعون ألفاً بغير حساب قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون ".
6- التوكل على الله سبيل العزة
قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ عزيز: لا يَزلّ من استجار به ولا يضيع من لاذ بجنابه والتجأ إليه. حكيم: يضع الأشياء في مواضعها.
7- إن الله يحب المتوكلين
وإذا أحب الله عبداً لا يعذبه في النار أبداً - وإذا أحب الله عبداً ألقي محبته في قلوب العباد - وإذا أحب الله عبداً استجاب دعاءه وأعطاه سؤله.
8- التوكل على الله عنوان الإيمان وأمارة الإسلام
فالمؤمن الصادق في إيمانه هو الذي يتوكل على الله أبداً. أما المنافق لا يتوكل على الله بل يتوكل على نفسه وعلى غيره من المخلوقات
أضف تعليقك