• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
منذ ثانية واحدة

ما يجري على الأرض في سيناء جريمة معقدة ضد الإنسان والأرض والتاريخ والمستقبل، لذا نحاول أن نتناول الأخبار من سيناء وتصريحات المسؤولين فيها بهذه الروح، روح الباحث وراء جريمة يسعى إلى كشفها، بالسعي وراء الأدلة واستحضار القرائن التي تدلل على هذه الجريمة، إذ ليس الأمر تصيّدا للخطأ ولا بحثا عن إثبات ما هو مستبعد، بل للتدليل على وجود حالةٍ أصبحت ماثلة تماما أمام عيني كل من تخلّى عن المكابرة في الاعتراف بخديعة العسكر، ومن تخلى عن المماحكة السياسية، ومن يفرّق بين الاختلاف داخل الوطن والاختلاف عليه.

ولأن الحصار الإعلامي شديد الإطباق، من حيث المنع من الأصل (بمنع دخول الصحفيين ووسائل الإعلام وآلات نقل الصوت والصورة) فإن حصار الرعب والخوف جعل ما يحدث في سيناء أشبه بجرائم الغرف المغلقة المظلمة تماما.

من هنا، يكون تصريح مسؤول هنا أو هناك، فرصةً لقراءة ما بين السطور، والذي يُخرِج، في أحيان كثيرة، خبايا ما في الصدور، ففي هذا الإطار، جاءت التصريحات من مديرية الزراعة في شمال سيناء، والتي تناولت حصرا الأراضي التي تجريفها في منطقة رفح والشيخ زويد (المنطقة الحدودية مع فطاع غزة)، وذكرت أن جملة ما تم تجريفه في هذه المنطقة بلغ خمسة وعشرين ألف فدان، ثم أردف المصرح أنه سيتم تعويض المتضرّرين بأراض بديلة في مدينة بير العبد، والتي تبعد عن قناة السويس 70 كم، وتبعد عن الحدود مع غزة 145 كم. هنا، يجب الوقوف عند مجموعة من الملاحظات:

أولا، إذا كان تجريف الأراضي تم لكي لا يتمكن الإرهابي من الاختباء داخلها، فلماذا لا يكون التعهد بعودة المُهجَرين إلى هذه الأراضي، فور الانتهاء من القضاء على الإرهاب، ولو حتى من باب إثبات أن القصد من التجريف ليس التهجير، وإنما محاربة الإرهاب. 

ثانياً، لماذا المسارعة بإعلان الأراضي الزراعية المجرفة من دون الإعلان عن عدد الأسر التي كانت تعيش على هذه الأراضي.

ثالثا، هل تم حصر كل الأراضي (أراضي من مات؟ ومن اعتقل؟ ومن هو مطارد؟ ومن هو هارب ومطلوب؟) التي جرفت أم أنها أراضي تخص من يمكنهم التواصل، لكي يقدموا خدمات مختلفة للنظام وفقط!

رابعا، هل في ظل هذه الظروف من حظر التجول والعملية الشاملة ومنع تزويد السيارات بالوقود يمكن تعويض أحد، أم أنه إجراء خبيث يحمل البسطاء على التسجيل، طلبا للحصول على أرض بديلة، خوفا من أن تضيع أراضيهم وتضيع عليهم فرصة التعويض؟ ثم يكون هذا الطلب، تم أم لم يتم، دليلا على تخلّي الناس عن أراضيهم بكامل حريتهم، وبناء على رغباتهم. وهكذا يتم مواجهة من يطالب في المستقبل بعودة الناس إلى أراضيهم بهذه الأوراق.

إنها أفكار خبيثة وخادعة، إذ ليس هناك بديل عن هذه الأرض إلا هذه الأرض، والتعويض يكون عن الخسائر الناجمة عن التجريف إنما الأرض كما هي، فلماذا البدائل؟ 

ليس عسيرا فهم ما يحدث في سيناء، إذا تمت قراءة المشهد بشكل كامل، فالربط بين ما يتم في سيناء وما يطبخ في كواليس صفقة القرن ما بين تل أبيب وعبد الفتاح السيسي والصراع الذي جعلته غزة مقلقا.. إنها فكرة بسيطة، أرض خالية تركها أهلها، وارتضوا عنها بدائل أخرى لآخرين أصبحوا هم مشكلة على أرضهم للمحتل، فأرادوا استنساخ الفكرة مرة أخرى.
الجديد هذه المرة، أنّ الأمر يتم بأيدٍ محلية.

أضف تعليقك