• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانية واحدة

 مع قدوم شهر الصيام المبارك واشتداد الحر وارتفاع عدد الشهداء والمصابين في ذكرى النكبة من الأمة من يشفق على مستقبل مسيرة العودة الكبرى؛ ففي الوقت الذي يمعن فيه الحلف الصهيوني الأمريكي محاولته لطمس الهوية الإسلامية للقدس بنقله السفارة الأمريكية إليها بل وحمايته للمحتل من اللوم، فضلاً عن المعاقبة من مجلس الأمن أو منظمة الأمم المتحدة، وحكام المسلمين أخيرهم من أنكر بلسانه وقلبه فصدع بالحق، ومنهم من طلب السلامة لنفسه فعجز واستسلم، ومنهم من ذل لعدوه وقهر شعبه، فصارت الأمة شيعًا يذيق بعضها بأس بعض، إلا من رحم ربك.

والحق أن رمضان شهر الجهاد والتراحم والاجتماع على الطاعة، فما رأيت الأمة أكثر استعدادًا للجهاد والتضحية منها في رمضان، فبدر والفتح وحطين وعين جالوت والعاشر من رمضان بعض انتصارات رمضان، وما رأيت المسلمين أكثر برًّا وصلة فيما بينهم منهم في رمضان، وما رأيت المسلمين أكثر اجتماعًا على القرآن منهم في صلاة القيام، وما تراويح رابعة منا ببعيد.

ووعد الله الحق أنه لن يضيع جهاد المجاهدين، كما أنه لن يضيع تضحية من أكرمه بالشهادة في سبيله أو أبقاه بجرح في سبيله فإنه يأتي يوم القيامة وجرحه يثعب دمًا اللون لون الدم والريح ريح المسك.

ومع قدوم رمضان نرى زيادة إقبال الشعب الفلسطيني على مسيرات العودة، غير عابئين بمجنزرات وطائرات الاحتلال؛ فهم المرابطون ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس، جعلهم الله قدوة للأمة جميعًا حتى تصبح مسيرة العودة الكبرى في فلسطين جزءًا من عودة الأمة إلى ربها في شهر الخير الذي يذكرنا أننا أمة الرسالة والخير والهداية والرحمة، وأن مهمتنا في هذه الحياة أن نحمل الخير إلى عباد الله قاطبة في مشارق الأرض ومغاربها، فنعرفهم بربهم سبحانه، وندلهم على طريقه، ونعلمهم منهجه، وندعوهم إلى نظامه، ونرشدهم إلى أحكامه، ونأمرهم بالمعروف، وننهاهم عن المنكر، ونحبب إليهم الطاعة والفضيلة، ونبغض إليهم المعصية والرذيلة، ونأسو جراحهم ببر الإسلام، وننير عقولهم بنور القرآن، ونحيي قلوبهم بفيض الإيمان، ونهذب أخلاقهم بهدي خير الأنام، ونوقظ فيهم إنسانية الإنسان، ونقودهم إلى التحرر من عبودية البشر ونحشدهم في مقاومة الطغيان، وعلى الجملة: نعيدهم إلى نداوة الفطرة واستقامتها كما أرادها الرحيم الرحمن ﴿فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (الروم: من الآية 30).

فما أحوجنا أن نقبل على الله وأن نعتصم به ونكثر من التضرع واللجوء إليه وأن نجاهد في سبيله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۩ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ) (الحج).

 (*)القائم بأعمال فضيلة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين

أضف تعليقك