بقلم: وائل نور
كالأبطال في الأساطير الإغريقية القديمة، بدا اللواء أحمد وصفي ملاحقا بالرعود، والصواعق، والبراكين، التي توالت انفجاراتها، في وجهه منذ الساعات الأولى لانقلاب 3/ 7/ 2013 وحتى الساعات الأخيرة التي حملت أنباء -لم تتأكد بعد- باحتجاز اللواء وصفي وزوجته، في فندق الماسة، بدعوى التحقيق معه في فساد مالي.
كان المجلس العسكري، في حالة انعقاد دائم، قبل اتخاذ قرار الانقلاب في 3/7/2013، وكان اللواء أحمد وصفي، قائد الجيش الثاني الميداني (أكبر تشكيل تعبوي في مصر، وفي الشرق الأوسط) يتخذ موقفا متحفظا تجاه تدخل المؤسسة العسكرية في الشأن السياسي، وكان صوته الأجش، من الأصوات القليلة التي حذرت من آثار تدخل الجيش، حتى التقاه السيسي وقائد الجيش الثالث الميداني أسامة عسكر، وأكد لهما أنه لن يترشح أبدا لأي موقع مدني.
وهو ما ورط وصفي وعسكر في تصريحات تقطع بعدم ترشح السيسي للرئاسة.
زمن المدهش في هذا التوقيت انتشار شائعات داخل اعتصام رابعة، عن تمرد وصفي وعسكر ضد السيسي.
وفي العاشر من تموز/ يوليو 2013 تعرض "وصفي" لمحاولة اغتيال غامضة، حيث انتقل اللواء أحمد وصفى، بناء على تكليف من السيسي، لتفقد عناصر التأمين في منطقة الشيخ زويد، إذ بسيارة مجهولة تطلق النيران بكثافة على سيارته وتلوذ بالفرار.
الحادث الذي وقع فقط بعد أسبوع من انقلاب 3/7، وأذاعته الإذاعة الإسرائيلية، ومواقع صحفية مقربة من المخابرات الإسرائيلية، مما حمل المتحدث العسكري للإفصاح عنه، مشيرا أنه تم اشتباك مع السيارة التي أطلقت النار، ولم يُعثر بداخلها إلا على طفلة صغيرة مصابة – بأعيرة نارية– وتوفيت فور نقلها لمستشفى العريش العام?
لم يمض على حادثة محاولة الاغتيال الفاشلة أشهر قليلة حتى أصدر السيسي قرارا في 17 آذار/ مارس 2014، بإبعاد أحمد وصفي من قيادة الجيش الثاني الميداني، ونقله إلى هيئة تدريب القوات المسلحة، التي سرعان ما تم تنحيته من رئاستها، ومنحه لقبا شرفيا "مساعد وزير الدفاع" بلا مهام أو اختصاصات، بل تم تجاوزه من الترشح لرئاسة الأركان، وكان هو الأقرب لها قبل تعيين محمود حجازي نسيب السيسي قبل عزله في تشرين الأول/ أكتوبر 2017.
لم يشفع للواء أحمد وصفى، محاولة إصلاح تصريحاته، التي قال فيها "لو ترشح السيسي يبقى 3/7 انقلاب، بقوله هنطلب من مين غير كبيرنا يترشح؟?".
وظلت دائرة الانتقام تدور على وصفي حتى أعلنت صحيفة العربي الجديد مؤخرا، أنباء لم نتأكد منها- مفادها اتهام وصفي بالاستيلاء على مليارات، واحتجازه وزوجته منذ أسابيع داخل مكان خاص بفندق الماسة العسكري، وهي الأنباء التي لم تُكذب رسميا للآن?
يبدو أن قواعد اللعبة لا تسمح بالخلاف -خاصة- داخل المؤسسة العسكرية، فالخلاف بين السيسي ووصفي، كان أبعد من تاريخ 3/7/2013 وربما كان قبل أن يصعد السيسي لموقع وزير الدفاع.
أحسب أن الشيء الوحيد الذي قد يكون جمع بين -النقيضين- السيسي ووصفي أن كل منهما عمل لفترة مديرا لمكتب المشير طنطاوي، وكلاهما كان مقربا من المشير، حائزا لثقته، حتى دفع المشير بالسيسي لموقع مدير المخابرات الحربية، وصعّد وصفي لرئيس أركان الجيش الثاني الميداني ثم قائدا له عام 2012.
مازلنا ننتظر تأكيدا أو تكذيبا لتلك الأنباء حول مصير كل من اللواء أحمد وصفى والفريق أسامة عسكر، ليس فقط للاطمئنان على رجل بسيط ومحبوب وشجاع مثل أحمد وصفى، ولكن للاطمئنان على سلامة الجيش نفسه.
فالوقائع التي تتردد، أكبر من تصفية حسابات وأبعد من خلاف مديري مكاتب أو انتقام غرماء، بل هي تعم المؤسسة وآليات الرقابة الذاتية داخلها بما لا نتمناه لها.
أضف تعليقك