• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم: سليم عزوز

نحن نعيش في زمن «سطوة السوشال ميديا»، وعصر «الجماهير الغفيرة، فقد بدأ الأسبوع الماضي بهزيمة «عمرو خالد»، ولم يرحل إلا بهزيمة «المندوب السامي»السعودي، الفتى «تركي آل الشيخ». 

في الأولى اعتذر الداعية عن إعلان الدجاج، وفي الثانية أجبرت الجماهير رجل القصر الملكي على مغادرة النادي الأهلي المصري غير مأسوف عليه!
عندما كتبت هنا في الأسبوع الماضي عن «عمرو خالد»، كنت أعتقد أن «دجاج الوطنية» هو الامتداد لمحطات «وقود الوطنية»، وهناك أسماء باتت ماركة مسجلة لجهات بعينها، فالشركات التي تحمل اسم «النيل»، هي مملوكة لأجهزة سيادية في مصر، وليس من بينها مثلا «مستشفى النيل بداروي»، أو فندق «النيل هيلتون» الذي تحول إلى «الفورسيزون» هذه الأيام والذي شهد احتفال السفارة الإسرائيلية في القاهرة بعيد قيام الدولة العبرية. 
تماماً كما أن «الوطنية» في حالة «دجاج عمرو» ليست مملوكة للجيش المصري فهي شركة سعودية، فضلاً عن أن الداعية المذكور لم يقدم على الإعلان عنها، لأنه فقط ظاهرة تلفزيونية، وقد ابتعدت عنه الكاميرات فذهب يبحث عنها ولو في إعلان الدجاج، ولكن لأنه بجانب هذا فقد تقاضى مئتي ألف جنيه، «عداً ونقداً» نظير ما قام به، من الدعاية لـ «الفراخ البيضاالبياضا»!
وهذا لم يمنع أن الدعاة الجدد، هم في الأصل والفصل ظواهر تلفزيونية، وقد اختلفت مع مقدم برنامج «المسائية»على «الجزيرة مباشر» أحمد طه، حول القيمة الدفترية لهؤلاء، وليس بينهم خطيب يشد إليه الرحال، كما كان الشيخ عبد الحميد كشك، والشيخ فوزي السعيد، والشيخ أحمد المحلاوي، والدكتور عمر عبد الكافي، لكن «طه» كان له رأي آخر، ربما لأنه تعامل مع هذه الظاهرة عن قرب. وقد كتبت عنها سلسلة مقالات عندما كان البال رائقا تصلح كتاباً من القطع الصغير!
في تقديري أن شعبية الدعاة الجدد، زائفة، والدليل أن ظاهرة عمرو خالد لم تنته بالانقلاب العسكري، أو بابعاده عن الشاشة، ولكن انتهت عقب زوال هذه المرحلة بثورة يناير، ومن يومها فقد الرجل اتزانه، وكان اقدامه على الإعلان عن الدجاج السعودي، كاشفاً لعملية فقدان الاتزان، وليس منشئاً لها، ونجوميته القديمة هي أقرب إلى نجومية «منى الشاذلي»، هل لا يزال أحد يتذكر «منى الشاذلي» الآن، رغم أنها تقدم برنامجاً على احدى القنوات، وإن كان البرنامج عديم اللون والرائحة!
لم تكن «منى الشاذلي» تمتلك من مهارة المذيع الناجح، إلا القبول، فتجلس في الأستوديو، فتبدو لك كما لو كانت «خالتك» في يوم فرح «ابنها البكري» ًو«الوحيد على بنات»، وغير هذا لا شيء، فلا تجيد النطق السليم، وتغيب عن الوعي لكي تخرج مفردة من أحشائها، ومع ذلك فقد كان هناك من ينظر إليها على أنها «المذيعة القديرة» و«الإعلامية المرموقة» و«الجميلة التي تحل من على حبل المشنقة»، وقد شغلتني هذه الظاهرة في وقت تألقها وذهبت أبحث عن السر وراء هذا، سألت كثيراً باعتباري مهتما بالنقد التلفزيون، ولم أجد أحداً عنده إجابة على تساؤلاتي من بين المعجبين بها، ولعل الأقرب إلى الحقيقة هو ما قالته زميلة، من أن الناس يشعرون أنها منهم، فعدم ثقافتها، ساهم في عملية الدعم لها، ولم ينتقص من حضورها.. إنها إذن نظرية خالتك يوم زفاف ابنها «البكري».
ويقال عن الإبن الأول في مصر «الإبن البكري»، وفي النظرة الأنثروبولوجية لدى المجتمعات القديمة أن «البكري» يتسم بدرجة معقولة من البلاهة، فإذا تصرف أحد بغباء كان السؤال الاستنكاري في هذه المجتمعات: «هل أنت بكري؟!».
عندما قامت الثورة، سقطت هذه الظواهر، وتبين أن الجماهير تعرضت لعملية خداع بصري، وأن شعبية عمرو خالد، التي يتحدث عنها «أحمد طه»، هي من «فصيلة» شعبية «منى الشاذلي»، ونتيجة طبيعية للفراغ الذي أوجدته سلطة الاستبداد، وإن تبين أن المذيعة «الشاذلي» أكثر ذكاء من الداعية «خالد»، فغادرت مجال برامج «التوك شو» إلى برنامج «سد خانة» من باب «أكل العيش»، ويبدو أن القناة تجاملها به، من باب الرحمة بعزيز قوم ذل، بينما استمر الداعية المذكور في تخبطه، فلكي يستمر «في الصورة»، أتى بالعجائب، فمرة يظهر بجوار الكعبة وهو يدعو للمتابعين لصفحته، ومرة أخرى يؤسس حزباً سياسياً ليرأسه، وفي الأخير يقوم بالإعلان عن الدجاج، على نحو جعله في مرمى نيران الجميع، وأمام سطوة الجماهير تراجع، واعتذر، وهو اعتذار ليس وليد اقتناع، ولكنه لـ «قلة حيلتي وهواني على الناس»، كما جاء في فيديو الاعتذار. فهل يفكر في كل هذا على طريقة «منى الشاذلي» فيغير مساره بيد أن الجماهير لا تعطيه الفرصة؟!

المندوب السامي

ومن الدجاج السعودي إلى المندوب السامي السعودي «تركي آل الشيخ»، الذي ظهر فجأة في المشهد المصري وتمدد فيه، حتى أصبح الحاكم بأمره، في وقت تضاءلت فيه مصر على يد سلطة التسول العام!
«تركي آل الشيخ» ليس مجرد «نفر سعودي مسكين»، يملك أموالاً وينفقها على نفوذه وشهرته، فهو المندوب السامي للقصر الملكي السعودي، ومندوب الكفيل العام للانقلاب العسكري، الذي يخضع لكفالة «محمد بن زايد»، و«محمد بن سلمان» في وقت واحد، وقد تم الدفع به ليرعى الامتدادات السعودية في المنطقة، ولهذا لم يكن غريباً أن يكون على تواصل مع عبد الفتاح السيسي، حد التبسط في الكلام معه؛ فيقول إنه قال للسيسي: يتمنى إصابة «محمد صلاح» حتى لا يلعب ضد الفريق السعودي في مباريات كأس العالم، فتحط الكاميرا على «نصف محام» و«نصف مذيع» وهو يضحك وكأنه «الإبن البكري»!
لقد تم تمكينه من النادي الأهلى فأصبح رئيساً شرفياً له، فبدا يتحدث عن هذا النادي العريق، وكأنه ناد فقير في دولة يتم تأسيسها حالاً، فهو سيدعمه بجهاز فني عالمي ولاعبين أجانب على أعلى مستوى، ولأن الفتى لا يحكم في ماله، فقد تم الإعلان عن قناة تلفزيونية تدفع الملايين لمقدمي البرامج فيها لتفريغ القنوات المصرية مما تبقى بها من مذيعين وبأجور فلكية، وبدون أي اعتراض من سلطة لا تجد نفسها إلا في تملك كل وسائل الإعلام ما ظهر منها وما بطن، لكن من حكم في مستعمراته فما ظلم!
لقد أعلن «تركي آل الشيخ» عن دعمه التعاقد مع المدرب الأرجنتيني «رامون دياز» لصالح النادي الأهلي، ثم تدخل لتحويل وجهة المدرب إلى نادي الاتحاد السعودي، وهو ما اعترف به وليصبح النادي الأهلي مجرد «ناد عربي» كما جاء في تصريحاته، وبما يمثل استهانة بنادي هو أقدم عمراً من الدولة السعودية!
لقد خرجت جماهير الأهلي بهاشتاغ: «تركي آل الشيخ بره الأهلي»، وبدلاً من أن يتدخل مجلس إدارة النادي استجابة لإرادة الجماهير في سحب الرئاسة الشرفية للنادي منه، تركه يبادر هو بإعلان انسحابه، فالعين لا تعلو على الحاجب، ورئيس النادي الأهلي هو أكذوبة كبرى، مع إدراكي التام أن وضع المندوب السامي السعودي هو قرار سيادي يتجاوز رئاسة الأهلي إلى رئاسة الجمهورية في سلطة التسول العام!
في الحقيقة ليست هذه المرة الأولى التي يواجه فيها «تركي آل الشيخ» بسطوة الجماهير، فقد حدث هذا عندما تعاقد مع «إبراهيم عيسى» على تقديم برنامج في قناته الجديدة، فهاجمت الجماهير السعودية هذا الاختيار على «السوشيال ميديا»، وتم الرضوخ لارادتها بالغاء التعاقد.
كما أنها ليست المرة الأولى التي يشعر فيها «آل الشيخ»بسطوة الجماهير في مصر، فقد كانت جماهير الزمالك هي من بادر برفض قرار رئيس نادي الزمالك بتعيين المندوب السامي السعودي رئيساً شرفياً للنادي، مما دفعه لاعلان اعتذاره عن قبول الموقع!

الجفري رجل الانقلاب

لا أعرف لماذا قامت الأجهزة الأمنية في عهد مبارك بترحيل الداعية اليمني «الحبيب على الجفري» من القاهرة؟ وإن كنت أعرف سر حفاوة قائد الانقلاب العسكري به الآن!

 

أضف تعليقك