تطورت حالة السعار المصاب بها السفاح قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي في اعتقال وقمع كل ما هو رافض لوجوده، ليتوسع في دائرة الانتقام لتصل لبعض الناشطين والمدنيين والمعارضين لسياساته خلال الأيام القليلة الماضية.
وتستمر سلسلة ليس لها أول من آخر تبدأ بأول رئيس منتخب الدكتورمحمد مرسي، مرورًا برموز ثورة يناير، عمرو علي، وأحمد دومة، وشادي الغزالي حرب، ووائل عباس، وإسماعيل الإسكندراني، وعبدالمنعم أبو الفتوح، ومحمد القصاص، وهيثم محمدين، حازم عبد العظيم والمستشار هشام جنينة، بل تعداه إلى أهل الشهيد أنس المهدي، وإخفاء أنس البلتاجي بعد قضاء مدته، وانتهاكات لحقوق المعتقلين ظلمًا كان آخرهم حازم صلاح أبو إسماعيل وعشرات الآلاف من المصريين المكبلة حريتهم داخل معتقلات الاستبداد.
إلا أنه برأي مراقبين لا تبدو هناك مبررات منطقية لهذه الحملات المسعورة سوى أنها دليل على وضع الجميع تحت الحصار، كما توقع نشطاء مثل منى إبراهيم، اعتقال نشطاء آخرين الأيام المقبلة مثل الحقوقي جمال عيد، والقيادية في ثورة يناير نواره نجم، والمحامي الحقوقي طارق العوضي.
اعتقالات بتهم ملفقة
يعتبر مراقبون أن حملة الاعتقالات المسعورة تمهيد خطير لترتيبات قادمة، خاصة أنها شملت هذه المرة مؤيدي الانقلاب من اليساريين والليبراليين.
وأضافوا أن الاعتقالات والأحكام العسكرية وتجديد حبس المعتقلين بلا محاكمة وخرق فترة الحبس الاحتياطي قد يكون لها علاقة بالرفع المتوقع للأسعار بشكل جنوني وتوخي الانقلاب الحذر من تحريض هؤلاء على الغضب الشعبي بعدما حدث في انتفاضة المترو.
واعتقلت قوة من ميليشيات الانقلاب، فجر أمس الأحد، مسؤول الشباب السابق في حملة قائد الانقلاب الانتخابية، حازم عبد العظيم، بعد اقتحام منزله الكائن في ضاحية التجمع الخامس، من قبل ملثمين، وتحطيم محتوياته، بحسب ما أكده نشطاء مقربون منه على صفحاتهم الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
ويعد اعتقال عبد العظيم استكمالاً لحملة أمنية مستعرة بحق معارضي السيسي، خاصة الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولة لتكميم ما تبقى من أصوات منتقدة لسياساته، قبيل إعلانه حزمة من الإجراءات الاقتصادية المتعلقة بزيادة أسعار الوقود والطاقة، طبقًا للاتفاق الموقع مع صندوق النقد الدولي، للحصول على قرضه البالغ 12 مليار دولار.
وكشف عبد العظيم، في يناير 2016، أن اجتماعات تشكيل قائمة "في حب مصر"، التي انبثق عنها ائتلاف الغالبية النيابية (دعم مصر)، تمت داخل مقر الاستخبارات العامة قبيل إجراء الانتخابات البرلمانية نهاية عام 2015، بحضور المستشار القانوني للسيسي، محمد بهاء أبو شقة، ونجله محمود، بناءً على دعوة موجهة إلى الحاضرين من رئاسة الجمهورية.
وقال عبد العظيم، في شهادته عن فترة وجوده ضمن حملة السيسي الرئاسية عام 2014، إن حزب "مستقبل وطن" كان "كيان شباب" أسسته الاستخبارات الحربية لدعم السيسي، من قبل أن يُعلن نيته الاستقالة من منصب وزير الدفاع، والترشّح لرئاسة الجمهورية، مشيرًا إلى رفضه التعيين في البرلمان، ورئاسة لجنة الشباب في مجلس نواب الانقلاب.
وكانت نيابة أمن الدولة العليا قد قررت حبس المدون المعروف، وائل عباس، لمدة 15 يومًا، تحت دعوى نشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام مواقع التواصل، والانتماء إلى جماعة محظورة، بعد اعتقاله، فجر الأربعاء الماضي، بواسطة قوة شرطية مدججة بالأسلحة، من منزل أسرته في منطقة التجمع الخامس، واقتياده بملابس النوم إلى جهة غير معلومة.
وسبق اختطاف عباس بأيام معدودة، اعتقال عضو حركة "الاشتراكيين الثوريين" المعارضة، هيثم محمدين، من داخل منزله، لينضم إلى القضية المعروفة إعلاميًا بـ"معتقلي المترو"، والتي يواجه فيها المحتجون على قرار زيادة أسعار المترو، اتهامات لا تخرج في جوهرها عن ممارسة حقهم الدستوري في الاحتجاج السلمي ضد رفع سعر تذاكر مرفق حيوي.
كذلك قررت نيابة أمن الدولة حبس عضو ائتلاف شباب الثورة سابقًا، شادي الغزالي حرب، لمدة 15 يومًا على ذمة التحقيقات التي تجريها النيابة معه في القضية رقم (621) لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا، والمتهم فيها بـ"نشر أخبار كاذبة من شأنها التأثير على الأمن القومي للدولة المصرية، والانضمام إلى جماعة أسست خلافًا لأحكام القانون والدستور".
إدانات مستمرة
أدانت نحو 40 شخصية مصرية معارضة في الخارج ما وصفتها بـ"الهجمة الشرسة على المصريين سواء بالاعتقال، أو الغلاء".
وطالبت الشخصيات المعارضة المصريين في بيان مشترك لها، أمس الأحد، بالالتفاف حول "حقوقهم المشروعة، وعدم الإذعان إلى محاولات النظام لقتل الشعب سواء في المعتقلات أو حرقهم بنار الأسعار؛ فالشعب هو الباقي والأنظمة إلى زوال" .
وشدّدت على أن معركتهم "ليست مع مؤسسات الدولة، كما يشيع النظام، ولكن يجب أن يكون ولاء تلك المؤسسات للمواطن المصري وليس لجنرال اختطف هذه المؤسسات لتلبية وتنفيذ أجنده خاصة بترسيخ الاستبداد".
ودعا الموقعون على البيان كافة قوى المعارضة المصرية إلى "الالتفاف حول هدف واحد، وهو العمل على إنقاذ مصر من براثن جنرال يعتبرها ملكية خاصة له لا يريد سوى تدميرها".
ومن أبرز الموقعين على البيان كل من أيمن نور، وطارق الزمر، وأسامة سليمان، وحاتم عزام، وأسامة رشدي، وقطب العربي، وإيهاب شيحة، وعبد الموجود الدرديري، ومايسة عبد اللطيف، وغادة نجيب، وحسام المتيم، ومحمد كمال، وخالد إسماعيل، ومحمد شوبير، وماجدة محفوظ، ومحمد الفقي، وإسلام الغمري، وعصام تليمة، وأحمد البقري، ومحمد سعد خيرالله، وسامي كمال الدين، وأسماء شكر، وإيمان عبد المنعم، وأبو بكر خلاف، وأحمد عطوان، وشريف منصور، وعماد البحيري، وعبد الرحمن يوسف.
وقالوا: "يستمر النظام العسكري في تجميع ثوار يناير في معتقلات الظلم، لا لشيء، سوى رعبه من كل ما ومن يحمل روح يناير بين جنبيه غير مفرق بين فكر وآخر ليثبت ادعاء كذبه إنه في معركة مع الإرهاب أو مع تيار الإسلام السياسي".
وأشاروا إلى أن اعتقال الناشط السياسي حازم عبد العظيم هو "حلقة جديدة من حلقات مسلسل الاستبداد الذي لن ينتج عنه سوى مزيد من السخط ليس فقط لدى الشارع الثوري، وإنما في الشارع المصري الذي أوشك على الانفجار في وجه جلاديه".
أضف تعليقك