• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم: د. إبراهيم الديب

المقدمة ــ لماذا الحرب على القيم والهوية؟

قوة القيم والهوية تعنى قوة القوة البشرية المجتمع ، وممكناتها على الاتحاد والاحتشاد والفعل ، من هنا كان على النظام الاستبدادية ان تعادى وتحارب القيم والهوية لدى مجتمعاتها حتى تضمن ضعفها وهشاشتها وتفككها ، بمعنى تحويلها الى قطعان بشرية سهلة الانقياد .حتى تعزز بقاء واستقرار نظامها الاستبدادي . 
ومع انتهاء مرحلة الاستعمار العسكري للمنطقة العربية والتي كانت فيها الحرب صريحة ومعلنة على قيم ولغة وهوية الدول المستعمرة ، وبداية مرحلة حكم النظم الاستبدادية الوكيل المحلى للدول الكبرى الاستعمارية
كان لابد من صناعة سياسات ناعمة جديدة لتحقيق نفس الهدف وهو تفريغ المجتمع من اية قيم حقيقية ، وتجفيف منابعها عن طريق عدة سياسات من أهمها :
سياسة : التفكيك الناعم للقيم الكبرى القوية الحاكمة لفهم وسلوك المجتمع عن طريق عدة استراتيجيات هامة
1- استراتيجية تشويه القيم الاصلية ووسمها بالتخلف والرجعية …الخ
2- استراتيجية تفريغ وتسطيح القيم الاصلية في مفاهيم وسلوكيات سطحية ساذجة
مثل اختزال قيمه الصبر في الصبر علي البلاء فقط ، دون الصبر على العمل والإنتاج والانجاز والتحرر …الخ 
3- استراتيجية الفهم المشوه الجديد للقيم ، مثال قيمة الحب ، حب الله ورسوله والصالحين والخير والجمال والصلاح .وحب الزوجة والابناء ، وحب الجنس الآخر بالشكل الطبيعي الحلال ……الخ الى شيء واحد فقط وهو الحب في الحرام

واختزال وتشويه قيمة الانتماء والوطنية الى حب الزعيم والولاء له وللعلم والنشيد وفقط وما عداه عداء للوطنية والوطنية

4- استراتيجية إحلال ، بتقديم قيمة سلبية عكسية بديلا عن القيمة الايجابية 
بتقديم الفهلوة والنصب والسرقة والاحتيال ، بديلا عن العلم والعمل والإنتاج ، والحرية والاباحية والتفسخ بدلا عن الالتزام والعفة والطهارة …الخ

ويتم ذلك عبر كل وسائل التوعية والتعليم المختلفة من خطب ودروس ، وكتب تعليمية ،وثقافة ، واعلام ….الخ ، حيث تستخدم الاستراتيجية
الواحدة عبر احد هذه المسارات وبشكل تثقيفي وتوجيهي فمثلا يستخدم شيخ المسجد استراتيجية اختزال المفهوم عبر دروسه وخطب الجمعة ، لكنه بطبيعة الحال لن يتمكن من استخدام استراتيجية تشويه القيمة وهو بالمسجد ومع جمهور متدينين او شبه متدينين .
يلاحظ ان هذا الشيخ تعلمها هكذا بالكلية ، أي ان هناك تخطيط ما يجرى في تصميم مناهج اعداد المشايخ والدعاة .
بينما تستخدم وزارة لتربية والتعليم في تصميم مناهج التعليم لطلابها، استراتيجية تسطيح واختزال القيمة ومعها إحلال قيمة أخرى موازية او بديلة عنها .
بينما في الشباب والرياضة تستخدم استراتيجية إحلال القيمة الاصلية بالقيم البديلة مباشرة وعمليا ، بعمل أنشطة مختلطة بين الجنسين ، لتحل بها محل قيم المحافظة والعفة واحترام قيمة المرأة …الخ 
ولكن يأتي اخطر شيء وهو الدراما والتي تسمح بجمع كل هذه الاستراتيجيات في مشهد درامي واحد ، يتم تكراره على المشاهد من زوايا مختلفة ولعدة مرات متتالية في الحلقة الواحدة ، وعلى مدار شهر كامل في سياق استراتيجي طويل ومركب ومنظم زمنيا 
بما يتسرب تدريجيا الى عقل المشاهد ويتحول الى حقيقة واقعية ومنطقية
لتبدا الرحلة المزدوجة لتدمير القيم عبر مسارين :
المسار الأول : السلوك السلبى :الذى يخطط لتمريره وتمكينه في حياة وثقافة ونمط حياة المجتمع . 
يبدأ بالاستغراب والتعجب ، ثم القبول النسبي ثم القبول ثم الاعجاب ثم الانبهار ثم تعلمه ومحاكته ، ثم احترافه ثم التمسك به والدفاع عنه والدعوة اليه وبجرأة ــ ببجاحه .
يعزز ذلك عدة أشياء مركبة ومتوازية في نفس الوقت ، احد عناصر القصة التي توفير التعاطف مع صاحب السلوك ، وتبرير ما يقوم به مع جمال وجاذبية ذلك الممثل او الممثلة ليكون مقبول ومرغوب النظر المتكرر اليه او اليها ، مع الموسيقى التصورية المناسبة لرسم جمالية تعاطفيه خاصة للمشهد ، مع تعزيز السلوك بتوثيقه من احد الشخصيات كبيرة السن او المقام داخل دراما المسلسل . 
المسار الثاني : السلوك الإيجابي :المطلوب التخلي عنه ونزعه انتزاعا من نفوس الناس
والذى يبدأ بربط هذا السلوك بانه السبب الأساسي والمركزي لحدوث مشكلة وأزمة 
بل وتكرار هذا الامر مع اشخاص آخرين ، ليبدأ التركيز على البطل الشخصية الرئيسة والسير معه عبر الازمات المتتاليات يسببه هذا السلوك من جوانب وزوايا مختلفة 
في المقابل يقدم نموذج عكسي يعيش اسعد أيام حياته نتيجة التخلي عن هذا السلوك الإيجابي ، ثم تبدأ رحلة مناقشة هذا السلوك منطقيا وتفكيكه عبر احد الشخصيات الكبيرة السن والمقام بالمسلسل ، لإقناع الجمهور بالتخلي فورا عن هذا السلوك والتبراء منه بل ومعاداته ومحاربته ودعوة الناس للتخلي عنه ، مع تقديم نهايات مريرة لمستخدم السلوك الإيجابي بل وهزيمته وانكساره حياتنا وتخليه عنه ، في المقابل نهاية عزيزة وكريمة وسعيدة للمتخلي عن هذا السلوك الإيجابي .
الاطار التنفيذي لحرب القيم 
1 ــ مراكز بحوث ودراسات تقرر ما هي القيم الإيجابية التي يجب محاربتها والقيم السلبية التي يجب تمكينها خلال العقد الحالي ــ عشر سنوات قادمة ــ .
2 ــ يتلقى كتاب القصص الخيط ليعملوا على هذه القيم في قصصهم والأكثر 
تناولا لعدد القيم، وجرأة هو الأقرب للتكريم
3 ــ يستكمل كتاب السيناريو الخيط لتفكيك القيم لتطبيقات سلوكية من واقع تحديات وتطلعات المجتمع اليومية ــ وهؤلاء هم المسؤول الأول عن تقديم المصطلحات المتجددة للمجتمع وانتشارها وتمكينها بالمجتمع ــ وتحويها الى عاديات يومية .
4 ــ يستكمل المخرج السينمائي ــ فيلم 2 ساعة فقط ــ المسيرة ليصنع منها فيما يتناول فيه الفكرة الكلية بجرأة وقوة وشراسة
5 ــ ثم يأتي دور المخرج التلفزيوني الناعم الذى يمتلك ممكنات جديدة ــ نصف ساعة يوميا على مدار شهر متكامل ومترابط ــ ليصنع شيئا مركبا وهادئا ومتدرجا ومتكاملا .
6 ــ يأتي بعد ذلك كاتب الاغنية لترميز هذه القيم ، وتناول شيئا رمزيا مهما منها يتناوله في الاغنية ليتم تداولها وتكرارها على قلوب والسنة الشباب والفتيات .
7 ــ بعد ذلك مرحلة المهرجانات والتكريم لإعلاء النموذج الأكثر فاعلية وتأثير في  تحقيق الإنجاز والهدف.

أضف تعليقك