في احتفال فقير، احتفل العاملون في قناة «النيل للأخبار» بالعيد العشريني لإطلاق القناة، فتقول المعلومات الواردة من مبنى «ماسبيرو»، إن الاحتفال هو من «حر مال» القوم، فلا توجد جهة رسمية متحمسة للاحتفال بالقناة أو بغيرها من قنوات التلفزيون المصري.
بدأ بث القناة بأربع ساعات، قبل أن يصبح بثها على مدار الساعة، وقد كان اطلاقها في محاولة من أهل الحكم لمنافسة قناة «الجزيرة»، وكل المشروعات التي جعلت هذا هدفها فشلت، وكأن لـ»الجزيرة» لعنة، كلعنة الفراعنة.
وقد بدأت «قناة مصر الاخبارية» كفكرة، عندما زار الرئيس مبارك مبنى القناة القطرية، وقد هاله أن يخرج كل هذا من مبنى وصفه بعلبة الكبريت، ويقول الراوي، إنه وهو يقول هذا الكلام نظر إلى وزير الإعلام صفوت الشريف، فأنتجت النظرة قناة «النيل للأخبار»، وقد كانت بداية مبشرة، وأذكر أنني كتبت عنها بشكل ايجابي، وأكثر من مرة، وأنا الذي لا أقبل بالدنية في مهنتي، وإن كان انحيازي في الأصل للصحافة الورقية، ويحزنني أن تتوقف أي صحيفة مطبوعة ولو كانت «الحياة» السعودية، وفي تقديري أن الأمر ليس مرده لفشل الورقي، فقد جاء التوقف في وقت، يواجه فيه الإعلام الرقمي تحديات كبيرة، حتى صار شبيها بـ «النعجة دولي»، التي شاخت وهي في السنة الأولى من عمرها، وماتت مبكراً وقد عانت من كل أمراض الشيخوخة!
وتعد «النيل للأخبار» أيضاً كـ «النعجة دولي»، فقد أصابتها الشيخوخة مبكراً، بعد البداية الواعدة، على يد الإعلامي المرموق «حسن حامد»، الذي اختار من يعملون فيها بعناية، وكان من الطبيعي في مبنى لم يؤسس على التقوى من أول يوم، ويعرف «الواسطة» و»المحسوبية»، أن ينال القناة من الحب جانباً، فيلتحق بها «تامر أمين» مثلاً، لأن والده هو رئيس أمناء اتحاد الإذاعة والتلفزيون الراحل «أمين بسيوني»، ومبنى «ماسبيرو» تسيطر عليه عائلات كاملة: «الأب والأم والأنجال وما أُهل لغير الله به»، وقد تسبب صفوت الشريف وتساهله في عملية التعيين والإلحاق في أن أصبح دولة، استغلها دائما في الانتخابات، حيث كان توجد داخل المبنى لجنة انتخابية، وكانت الصورة المكررة له في كل انتخابات رئاسية في عهد مبارك، هو تقدمه لطابور طويل عريض من الموظفين، في التصويت ولتقديم فروض الولاء والطاعة، وكأنها ليست انتخابات، ولكنها «فرح العمدة»!
الخياط أيضاً
بدأت «النيل للأخبار» بمن لا تنقصهم المهارات المطلوبة، وبمذيعات على درجة عالية من المهنية، أذكر من بينهن «سها النقاش»، و»منى الشايب»، لكن هل تعلم أن «أماني الخياط» كانت بدايتها في هذه القناة؟ وقد تحولت الآن من مذيعة إلى «عسكري مراسلة»، فتبالغ في إثبات الولاء، حتى تحولت واحدة من الأذرع الإعلامية للعسكر، وقد تكون معذورة، لأنها عندما وجدت الثورة، اعتبرها فرصتها، فتهورت حد التورط، وهتفت بسقوط حكم العسكر في زمن المجلس العسكري، ومن المعروف أنك كلما وجدت متطرفاً في تأييد النظام الحاكم في مصر، فعليك أن تفتش في دفاتره القديمة، فالحقوقية «داليا زيادة» مثلاً التي «ترش» بالنار من «يرش» السيسي بالماء، هي ضمن قائمة المتهمين في قضية التمويل الأجنبي، وهي من القضايا التي تنتظر الظرف السياسي المناسب للتحقيق فيها، بجانب قضية اقتحام بعض مقار جهاز مباحث أمن الدولة بعد الثورة، وإن كان هناك تخوف من فتح القضية الأخيرة لأن الجنين في بطن أمه يعلم أن الثوار دعوا في يوم الاقتحام فلبي بعضهم للمشاركة في «وليمة» لم يكونوا هم أصحابها في مرحلة المراهقة الثورية.
لا بأس، فليست «أماني الخياط» وحدها من هتفت بسقوط حكم العسكر، ثم التحقت بهذا الحكم في وقت لاحق، فجميع مؤسسي حركة «تمرد»، ومنهم من أكرمه السيسي بعضوية البرلمان، لهم سوابق في هذا المضمار، لهذا هم يتحسسون عوراتهم ويسترونها بطرف ثيابهم بالمبالغة في إثبات الولاء، واللافت أن أحداً منهم لم يعلن توبته، لأنه لا يريد أن يُذكر بماضيه، فربما نسيت هذه السلطة هذا الماضي!
الجمع بين الأختين
ما علينا، فبعد أصابت الشيخوخة قناة النيل للأخبار مبكراً، وحرص موفد جمال مبارك للتلفزيون المصري ورئيس قطاع الأخبار «عبد اللطيف المناوي»، على ضمها لـ «ابعاديته»، فجمع بين الأختين: «قطاع الأخبار»، و»النيل للأخبار» وقد كانت قناة مستقلة بذاتها، ومن المعروف أن «المناوي»، دخل مبنى التلفزيون المصري يتمطى من خارجه، بترشيح من قبل صفوت الشريف، لأسباب لا تعلمونها الله يعلمها، لكنه سرعان ما جعل من نفسه خياراً لمبارك الإبن، تماماً كما استغل الثورة، ليقيم علاقة مع المجلس العسكري، فيصبح خيارهم، وقد حاولوا استمراره في موقعه، إلا أن الثوار في المبنى أخرجوه ذات يوم من مكتبه بالقوة، بعد أن فاض بهم، بسبب تمسك العسكر به.
ووجد الثوار أنه من العار أن يستمر شخص بعد الثورة في موقعه، وقد عمل ما في وسعه من أجل تسفيه الثورة وتشويهها، عبر التلفزيون الرسمي للدولة المصرية، وحفاظاً على ماء الوجه عينه العسكر مستشاراً، فهل لا يزال يتقاضى راتبه من هذه الوظيفة إلى الآن؟!
قبل عملية الضم، كان جرى للنيل للأخبار ما جرى لـ «النعجة دولي»، وقد تغير اسمها وتبدل، وتقريبا صار اسمها الآن «النيل»، لأسباب غير معروفة، لكن «النيل» عامة لم يعد بخير، فقد فرط قائد الانقلاب العسكري، في حصة مصر التاريخية من مياه النيل، عندما منح موافقة مصر كتابة على بناء سد النهضة، دون أن يضمن الاتفاق قطرة مياه واحدة لمصر، كما جاء في تصريحات لخبير السدود «أحمد المفتي» في برنامج «بلا حدود».
وليست «النيل للأخبار» فقط هي من تستحوذ على اسم «النيل»، فالنيل هو القاسم المشترك لما سمي بالقنوات المتخصصة، وقد صار أهل الحكم الآن لا يجدون شجاعتهم إلا في مواجهة «مايك الجزيرة»، للتغطية على تفريطهم في «مياه النيل»!
وعندما لا تحتفل أي جهة رسمية في مصر بمرور (20) عاماً على إنشاء قناة «النيل للأخبار»، فهذا أمر طبيعي، فهذه سلطة وقد فقدت حماسها لنهر النيل، لا تلام إن لم تتحمس لقناة «النيل»، فهي تفتقد الحماس تماماً لكل القنوات التلفزيونية الرسمية وتراها عبئا عليها، فالمبنى نفسه يقع في زمام «مثلث ماسبيرو»، الذي بيع في صفقة سرية لدولة الإمارات وبدون «مناقصة»، أو «مزاد»، أو «إعلان»، وقد بدأت عملية ازالة المنازل المحيطة بالمبنى التاريخي، وليس هناك ما ينفي أن يكون البيع شمل مبنين آخرين، الأول مبنى مؤسسة «الأهرام» والثاني مبنى «دار أخبار اليوم»، وربما ساعتها يقال إن الصحافة الورقية انتهت، فلا معنى لبقاء المبنيين!
لقد توافرت الرغبة في منافسة «الجزيرة»، مع افتقاد القدرة فكانت نهاية «النيل الأخبار» مبكراً، تماماً كـ «النعجة دولي».
برنامج سما المصري
انتهى النصف الأول من شهر رمضان، ودخلنا في النصف الثاني، دون أن يسأل أحد عن البرنامج الديني للراقصة «سما المصري»؟، فلم يكن لها برنامج كما توقعت، فهي في كل سنة تتحدى الملل، وتكافح النسيان بالاعلان عن برنامج ديني لها في شهر رمضان، دون ذكر اسم القناة التي ستذيع هذا البرنامج، ويجدها جماعة المتدينين فرصة للصياح: «واسلاماه»، وسينتهي رمضان هذا العام، كما انتهى رمضان العام الماضي، وفي رمضان القادم ستعلن نفس الراقصة عن برنامج ديني، فيتصايح القوم من جديد: «واسلاماه»، ويلطموا الخدود لهذه المصيبة التي حلت بالإسلام!
المصائب التي حلت بنا أكثر من أن تعد، ومع ذلك يجد البعض فرصته في هذا الإعلان الزائف في كل عام، فيقيم مأتماً وعويلاً للمهانة التي لحقت بدين الله، ولأسباب أعتقد أن علم النفس هو الأكثر قدرة على التعامل معها!
أرض – جو
لجنة الدراما في المجلس الأعلى للإعلام قالت إن دراما رمضان أساءت إلى ضباط الشرطة. المجلس الأعلى للإعلام ذاته قال إن المخابرات راجعت دراما رمضان. انتهت النشرة بصوت جميل عازر.
أضف تعليقك