• الصلاة القادمة

    العشاء 17:29

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم: عامر شماخ

لا أظن بلدًا بعد النازى قد ابتُلى بالتحريض الإعلامى والدعاية السوداء مثل المحروسة على مدى السنوات السبع الماضية. لقد تربع على عرش الأداة الإعلامية بمختلف أشكالها حفنة من المرتزقة الذين انحصرت مؤهلاتهم فى التحريض والنفاق، والكذب والتهويل فتحول الإعلام على أيديهم إلى ماخور كبير تعددت فيه صور الغش والبهتان.
انظروا كيف يُباع ويُشترى هؤلاء الإمعات، وكيف يُدارون؛ كبيرهم وصغيرهم، بـ (الريموت) من رتبة صغيرة من إحدى غرف (الجهة السيادية!!)، وكيف أنهم لا يستطيعون عصيان أمر، بل يلبون صاغرين، ولو قيل لهم إن الشمس تشرق من المغرب لقالوا أجل، وما ذاك إلا لنقصان فى الدين وخراب فى الضمير.

وإذا كانت آلة العسكر الحربية هى التى استحلت الدماء والأعراض والأموال؛ فإن ذلك لم يتم إلا بتمهيد الأجواء، وتزوير الحقائق، وتغييب الوعى؛ وهى المهمة التى قام بها هؤلاء العبيد،. ثم قاموا بمهمة أقذر بعد ذلك وهى تبرير هذا القتل والتخريب؛ معتمدين -كما ذكرت- على مواهب فائقة فى الكذب والخداع، والقدرة على التدليس؛ كأنهم أصحاب حق، وصدق الله إذ يقول: (وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) (المنافقون: 4).
وددت لو قام فريق عمل بتسجيل جرائم هؤلاء الأقزام الذين غرّهم علو أسيادهم وقد غيبوا القانون وداسوا على الدستور، ومنعوا الرقابة على المخطئين؛ فعاثوا فى الأرض فسادًا، مطمئنين ألا يطالهم العقاب، بل إن ما يفعلون هو عين ما يرضى عنهم تلك (الجهات السيادية) فتزيد بذلك دخولهم، وتفتح أمامهم الأبوب لمزيد من الشهرة، ويُقدموا للجماهير باعتبارهم أبطالًا قيضهم الله لإنقاذ مصر من الإخوان فى لحظة فارقة من لحظاتها التاريخية!! فأكثرهم مداهنة أقربهم إلى العسكر مكانة. وفى ذلك فليتنافس المتنافسون.

وإذا كان الله قد عافانى من رؤية تلك الوجوه الشائهة، وكان ذلك قرارى من قبل قيام الثورة؛ فإنه تصلنى بين الحين والآخر (فيديوهات) لبعضهم؛ فأسأل الله أن يشفى صدور قوم مؤمنين؛ فإن هؤلاء لا تقل جرائمهم بحال عن جرائم من باعوا الأرض وهتكوا العرض. هؤلاء شركاؤهم ولسان حالهم، وهم من قووا شوكتهم، وشدوا عزائمهم، وقد سحروا أعين الناس واسترهبوهم، وجاءوا بما لم يجئ به الأولون والآخرون من فنون الاستخفاف بالجماهير وتخويفهم، وتهديدهم وتصوير الأمور على غير حقيقتها؛ لأجل إعلاء كلمة الباطل وإخفات صوت الحق.

لا يتحدث أحدٌ عن مواثيق شرف أو لوائح نقابية، أو أعراف مهنية فتلك أمور ديست بالأقدام بعد أن تسيّدت النفايات وأُخرت الكفايات. هناك بلطجة إعلامية بمعنى كلمة بلطجة، هذه البلطجة قضت على كل نبتة طيبة، وأظهرت فى المقابل المدمنين و(العواطلية) كقادة رأى ورءوس الإعلام فى مصر. هم أبناء النظام و(رجاله)، ولك أن تتخيل مدمنًا أو جاهلًا وهو على رأس مؤسسة إعلامية؛ فلا تظن أنه يمكن أن يقدم أعمالًا أو برامج مختلفة عما يتم تقديمه الآن فى سوق الإعلام المصرى الملىء بالتفاهة والكذب وسائر أعمال الفحش ومساوئ الأخلاق.

ولا تتحدث عن موضوعية وحيادية؛ فتلك لا يعرفها إلا الأحرار. أما هؤلاء فعبيد؛ ولا يعرفها إلا الأسوياء. وهؤلاء مرضى مضطربون؛ ولا يعرفها إلا أصحاب ضمائر يقظة ودين. وهؤلاء نسوا الله فأنساهم أنفسهم. وانظر إن شئت إلى ما يجرى فى إذاعة القرآن الكريم وقد أنشئت لغرس الأخلاق فى نفوس مستمعيها بإذاعة الكتاب الكريم والسنة وعلومهما، وقد سارت على هذا المنوال لأكثر من خمسين سنة. أما الآن فقد انقلبت مسخًا بفضل هؤلاء الأفاعى الذين أصبحوا طوع أمر العسكر الذين زرعوا لهم فى مقر الإذاعة رقيبًا منهم ربما لا يحسن الغسل والوضوء؛ هو من يمنح ويمنع، ويوافق ولا يوافق ولا حول ولا قوة إلا بالله.

إن من (الدروشة) أن يفلت هؤلاء بجرائمهم، أو يُتركوا ينعمون بما اغتصبوا من أموال الشعب وقد حازوا شهرة وصيتًا. بل الواجب أن يوضع لهم سجل بما صنعوا، حتى وإن نحوا جانبًا أو تواروا عن الأنظار؛ فإن تلك الجرائم لا تسقط بالتقادم، وعلى الأحرار ألا ينخدعوا باختباء البعض أو توبة البعض الآخر؛ فإن ما جرى لا يغفره إلا القصاص. هذا فى الدنيا، وفى الآخرة عذاب شديد ومقت من الله.

أضف تعليقك