• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

في خطوة جديدة نحو مزيد من القمع وتكميم الأفواه، فاجأ رئيس مجلس نواب الانقلاب، علي عبد العال، أعضاء المجلس، أمس الأحد، بطرح مواد مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام الجديد للتصويت، الذي يستهدف فرض مزيد من التضييق على عمل الصحافيين والإعلاميين، وتقنين حبسهم احتياطيًا في جرائم النشر، بالمخالفة للدستور، في حالات التحريض على العنف، أو الطعن في أعراض الأفراد، أو في "الجرائم التي تمسّ الأمن القومي".

ولم يكن القانون مدرجًا في جدول أعمال برلمان الانقلاب، أو تم إطلاع النواب على مواده، وهو ما أدى لاعتراض عدد قليل من نواب الانقلاب على طرح القانون بشكل مفاجئ، خاصة لما سبّبه من غضبة بين جموع الصحافيين، والإعلاميين، وهذا الأمر ليس بجديد فكل القوانين المهمة، والمثيرة للجدل، لا تدرج في جدول أعمال المجلس الانقلابي حتى يطلع النواب على نصوصها، بل يتم التصويت والموافقة عليها بشكل مفاجئ وصادم للجميع.

قانون كارثي

نصوص القانون:

- بنص المادة ٣٩ من قانون تنظيم الهيئة الوطنية للصحافة ولأول مرة فى تاريخ الصحافة القومية، تم تقليص تمثيل الصحفيين فى مجالس إدارة المؤسسات إلى أدنى حد، ففى القانون الجديد عدد أعضاء مجلس الإدارة 13 عضوًا منهم صحفيان فقط.

- وفى القانون الجديد، عدد أعضاء الجمعية العمومية 17 منهم صحفيان فقط، "في الأهرام على سبيل المثال عدد أعضاء الجمعية الآن 35 شخصا بينهم 20 صحفيا".

- هذا النص يقتل هذه المؤسسات ويجعل إدارتها كارثة حقيقية، نفس النص ولأول مرة يجعل المؤسسات الصحفية القومية تدار بعناصر من خارجها، ففى القانون الجديد يتم تعيين نصف أعضاء مجلس الإدارة من خارج المؤسسة، وأعضاء الجمعية العمومية 17، منهم 11 من خارج المؤسسة.

- حسب نص المادتين ١٥ و٣٥، أصبحت الهيئة الوطنية للصحافة تقوم بإدارة المؤسسات مباشرة وتسيطر تماما على مجالس الإدارات والجمعيات العمومية، ولا تملك المؤسسة اتخاذ أى قرار مهم إلا بموافقة الهيئة، التى أصبحت تحصل لنفسها أيضا على 1% من إيرادات المؤسسة وليس أرباحها، ورئيس الهيئة هو رئيس الجمعية العمومية فى جميع المؤسسات.

- حسب نص المادة ٥ من القانون، تم تجاهل "المد الوجوبي" لسن المعاش للصحفيين إلى 65 عاما، وأعطى الحق للهيئة للمد لمن تراهم "خبرات نادرة"، وتم أيضا تجاهل الحديث عن مكافأة نهاية الخدمة للصحفيين (شهر عن كل سنة)، وعن الكادر المالى للصحفيين والاكتفاء فقط بالحديث عن تطبيق الحد الأدنى والأقصى الذي هو مطبق أصلًا.

- يتحدث القانون الجديد عن إتاحة الفرصة أمام الصحفيين للحصول على المعلومات، لكنه لا يفرض أى عقوبات على من يمنع المعلومات عنهم.

- يتعامل القانون الجديد فى معظم نصوصه مع المؤسسات القومية باعتبارها شركات هادفة للربح، وهو الطريق الأمثل للاتجاه لخصخصة هذه المؤسسات.

- هناك إبقاء على طريقة اختيار رئيس مجلس الإدارة ورؤساء التحرير، فكل شيء بيد الهيئة فقط، حسب نص المادة ٥ من القانون.

- رغم أن قانون نقابة الصحفيين يقصر عملية تأديب الصحفيين على النقابة فقط، إلا أن القانون الجديد منح المجلس الأعلى للإعلام حق توقيع عقوبات على الصحفيين، حسب نص المادة ٣٠ من قانون تنظيم عمل المجلس الأعلى للإعلام، فضلا عن أن المادة ١٩ من قانون المجلس الأعلى للإعلام منحت الحق فى مراقبة وحجب ووقف الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي التي يزيد عدد متابعيها على خمسة آلاف شخص.

- المادتان ٤ و٥ من القانون الخاص بتنظيم الصحافة تصادران على الحريات الصحفية بكلمات فضفاضة من نوعية بث الكراهية والتحريض وتهديد الديمقراطية والمواد الإباحية، وغيرها من كلمات غير منضبطة وغير مفهومة.. والمادة ٢٩ أعادت الحبس الاحتياطي في قضايا النشر بعد أن تم إلغاؤه من القانون في السابق.

مزيد من القمع 

ويأتي القانون في محاولة لاستكمال فرض هيمنة الدولة على الصحافة والإعلام، وتوسيع سلطات الجهات الإدارية بصورة أوسع تحت مسمى حماية الأمن القومي في مراقبة ومتابعة وسائل التواصل الاجتماعى والصفحات الشخصية، بجانب ما يتضمنه القانون المعيب من فرض قيود مالية ضخمة على إصدار الصحف والمواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية، وفي عجائب لا نشهدها سوى في بلاد الواق واق التي دخلت مصر قائمتها بجدارة بعهد الانقلاب العسكري، يفرض القانون ضريبة على المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي لنشرها إعلانات، كما يمنح السلطات الإدارية الحق في غلق الصفحات الخاصة للأفراد، بجانب توسيع سلطات المجلس الأعلى للإعلام ومنحه صلاحيات كبيرة في محاسبة الوسائل الإعلامية والصحفية، كما يلزم المواقع الإلكترونية بتسليم المجلس الأعلى للإعلام نسخة من المواد المنشورة بها.

ويأتي القانون الجديد وسط بيئة من القمع المعرفي والمعلوماتي، وسجن عشرات الصحفيين، وإغلاق آلاف الصفحات والحسابات الشخصية، وحجب أكثر من 500 موقع وصحيفة إلكترونية.

ولعل القيود المشددة المستمرة عبر قوانين يسنها نواب الانقلاب ويطبقها قضاة الانقلاب تغلق المجال العام تمامًا أمام أي مصري للكلام وليس المعارضة، حتى على مواقع التواصل التي لا يملك الانقلاب سلطة حجبها أو التشويش عليها.

تلك الحالة من القمع وقضم الحريات ومنع الكلام واستمرار القتل العمدي في السجون وعبر الإعدامات المسيسة، سيؤدي في النهاية إلى انفجار مرجل الغضب الشعبي في وجه الانقلاب، ويجعل تصورات الثورة المقبلة دموية بامتياز؛ بسبب عدم وجود أي مجال للتنفيس في مواجهة القمع والفساد والنهب المنظم لموارد مصر وإضاعة حقوقها وتقزيمها دوليًا.

أضف تعليقك