يبدو أن المجتمع المصري مقبل على كارثة حقيقة، تجعل المصريين يأكلون بعضهم البعض بعد موجة الغلاء الفاحش في الأسعار، نتيجة قرارات السيسي "بطل العالم في رفع الأسعار" بزيادة أسعار الوقود، وهو ما ظهر جليا بعد سقوط عدد من قتلي التعريفية الجديدة.
وسقط اليوم الضحية الثانية للتعريفة الجديدة، حيث لقي مواطن مصرعه اليوم، الإثنين، وأصيب 5 آخرون في مشاجرة بين مجموعة من المواطنين وسائقي سيارة أجرة؛ إثر خلاف وقع بينهم على زيادة تعرفة الركوب.
كما لقي سائق تاكسي بالمنصورة مصرعه، أمس الأحد، بسبب مشاداة بينه وبين أحد الركاب على الأجرة، حيث اختلف على الأجرة مع "خالد.ب"، البالغ 18 عاما، بموقف طلخا الجديد، حيث طلب السائق 60 جنيها وأصر الراكب على دفع 30 جنيها فقط، وتطور الخلاف فطعن الراكب السائق بمطواة وفر هاربًا، وتم ضبط الجاني وتحرر المحضر اللازم بالواقعة.
وتوالت بيانات التحذير لنظام الانقلاب من عواقب زيادة أسعار الوقود في مصر، واعتبرت أن تلك الزيادة تؤذن بـ”انفجارات عفوية غير مأمونة العواقب على الجميع”.
عواقب وخيمة
زداد عدد المصابين بأمراض نفسية في مصر، على خلفية الضغوط الاقتصادية وتفاقم الأعباء المالية على الأسر بسبب الغلاء الفاحش الناجم عن سياسات العسكر الفاشلة منذ انقلابهم عام 2013، ويأتي ذلك بعدما تجاوزت نسبة الفقر في البلاد حاجز 45 في المائة، نتيجة انخفاض قيمة العملة والرقعة الزراعية، الأمر الذي أدى بالتالي إلى انخفاض معدل الصناعات وارتفاع معدل البطالة بين المصريين وتزايد التردد على العيادات والمراكز النفسية الخاصة في محافظات مصر.
تفيد نتائج المسح القومي للصحة النفسية ومعدّل انتشار الاضطرابات النفسية لعام 2018 بأنّ "سبعة في المائة من المصريين مصابون بأمراض نفسية"، في حين أنّ "24.7 في المائة من المصريين لديهم مشاكل وأعراض نفسية". وهذا ما يشير إلى أنّ ربع المصريين تقريباً في حاجة إلى مساعدة ودعم في مجال الصحة النفسية.
وحذرت رئيسة أمانة مستشفيات الصحة النفسية في وزارة الصحة الدكتورة منى عبد المقصود، من أنّ ذلك "مؤشر خطير إلى زيادة هذا النوع من الأمراض، الأعلى بين الأمراض الأخرى، لأنّ كثيرين مصابون بالإحباط".
وترتبط زيادة عدد المرضى النفسيين في مصر بزيادة حالات الانتحار، خصوصًا في أوساط الشباب.
وقد سجّلت في محافظة القاهرة أعلى نسبة وقائع انتحار أو الشروع فيه (محاولات انتحار)، تلتها محافظة الإسكندرية ثمّ محافظة الجيزة ومحافظة الغربية ومحافظة أسيوط في صعيد مصر.
ويعيد خبراء في علم النفس والاجتماع الأمر إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الشباب، وارتفاع معدلات البطالة بالنسبة إليهم، فإنّ هذه من أبرز العوامل التي تساعد على الانتحار.
غلاء فاحش
نقلت شبكة "d w" الألمانية عن بيانات الجهاز المركزي المصري للإحصاء، أن نسبة فقراء مصر شكلت في عام 2015 نحو 29 بالمائة من السكان، أي حوالي 25 مليون مصري.
وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن بطاقات الدعم التمويني والاجتماعي الحكومي للمحتاجين ما تزال تشمل حتى الآن 70 مليون مصري، فإن عدد الفقراء ازداد بعدما وصل إلى فئات كانت في عداد الطبقة الوسطى؛ بسبب ارتفاع الأسعار الذي أنزلها عدة درجات في السلّم الاجتماعي لمستويات المعيشة.
وأكدت أن هذه الأرقام تعكس تدني مستوى الدخول وارتفاع نسبة البطالة التي ما تزال متفشية في صفوف الشباب.
وتطرقت الشبكة لتصريحات سلطات الانقلاب، موضحة أنه إذا ما قام المتابع للوضع في مصر باستثناء الوعود الكثيرة العامة عن قرب تحسن المستوى المعيشي للمصريين، والإشارة إلى مخاطر الفقر والبطالة وتدني مستوى المعيشة التي تشكل قنبلة موقوتة يمكن أن تُفجر مظاهرات واحتجاجات في أية لحظة. بالمقابل يلاحظ المتابع التغنّي بشكل شبه يومي في إنجازات السيسي المزعومة، بالحديث عن زيادة الاحتياطات بالعملات الصعبة إلى أكثر من 44 مليار دولار، وارتفاع معدلات النمو إلى 5 بالمائة، وزيادة تدفق الاستثمارات الخارجية في البورصة، وضخ المزيد من غاز البحر المتوسط وتحقيق وفر في الموازنة. وإذا كانت هذه البيانات تثير حماس ومديح صندوق النقد الدولي والدائنين والمستثمرين، فإن غالبية الناس تسأل، لماذا لا تنعكس هذه الإنجازات بسرعة أكثر على مستويات الأجور والدخول؟.
وأشارت إلى مباركة صندوق النقد الدولي هذا البرنامج، الذي قدم قرضا لمصر بقيمة 12 مليار دولار على دفعات مقابل شروط تتلخص في اتباع سياسة تقشقية صارمة تقود إلى رفع الدعم الحكومي لأسعار السلع الأساسية والخدمات العامة وزيادة الضرائب. وكان آخر هذه الزيادات رفع أسعار الكهرباء بنسبة 26 بالمائة بعد رفع أسعار المياه والبنزين قبل ذلك.
وينتظر المصريون المزيد من ارتفاع الأسعار خلال العامين الماضيين الباقيين لتنفيذ الشروط المذكورة أعلاه. ومما يعنيه ذلك في حال عدم مضاعفة الأجور على الأقل، استمرار تدني مستوى معيشة غالبية المصريين وانسداد الآفاق أمام مستقبلهم ومستقبل أبنائهم.
أضف تعليقك