بقلم.. محمد هنيد
لموقف اليوم في المنطقة العربية منقسم عامة إلى قسمين أساسيين:
- الموقف الأول يتمثل في قناعة بأن المنظومة الاستبدادية القمعية قد عادت من جديد بل وبشكل أشد شراسة وعنفا من ذي قبل.
- الموقف الثاني لا يزال يؤمن بشعارات الثورة العربية ويرى أنها سائرة لا محالة في طريق تحقيق شعاراتها.
لا شك أن الموقف الثاني هو الطاغي اليوم رسميا وإعلاميا وسياسيا، خاصة بعد الثأر الكبير الذي أخذته قوى الاستبداد العربي من الثورة أو من خطوط إمداد الثورات والداعمين لها أو حتى من الذين رفضوا الانقلاب عليها.
فالانقلاب المصري وكل الخراب والدمار الذي تسببت فيه المنظومات الاستبدادية العربية في ليبيا وفي سوريا وفي اليمن ليس إلا محاولة جادة لتدمير الثورات ومخرجاتها حتى يقتنع عموم العرب بأن الاستبداد قدره وأنه ليس في الإمكان أفضل مما هو كائن.
المحاولات الانقلابية الفاشلة في تركيا وفي قطر وفي تونس تدخل هي أيضا في هذا الإطار من أجل تجفيف الروافد الحية التي قد لا تزال تلهم الحلم بالتغيير وبالخروج من النفق الذي تقبع فيه الأمة منذ عقود.
الموقف الثاني يمثل موقف الجمهور العريض الذي لا تمثله المنصات الإعلامية العربية الرسمية إلا نادرا، لكنه يظهر جليا على مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث المواقف الحرة والتعبيرات التلقائية التي لا تطالها غالبا عصا الرقابة والتوجيه.
هذا الموقف هو الأشد إيمانا بالثورات وشعاراتها ومطالبها؛ لأنه موقف يعيش الشروط التي أنتجت الثورة ونفخت في نارها فأوقدتها. الفقراء والمسحوقون والمعطلون من سكان هامش المدن وأحياء الصفيح هم الذين قامت الثورة من أجلهم وهم الذين دفعوا ثمنها من الشهداء ومن الجرحى ومن المساجين.
هؤلاء لا يزالون يؤمنون بها رغم كل المحاولات التي تقوم بها الثورة المضادة وتصرف عليها المليارات في وسائل الإعلام وغيرها من أجل تخدير الجماهير ومنعهم من التحرر.
إن نهاية الاستبداد العربي لا تتعلق بهذين الموقفين رغم أنهما يمثلان فواعل أساسية داخل المشهد العربي نفسه. نهاية الاستبداد العربي حتمية تاريخية لا مناص ولا هروب منها لسبب مبدئي وهي أنها تحمل بذور فنائها في داخلها.
الاستبداد قمعٌ ومصادرة لحرية الرأي ومنعٌ لكل أشكال الحريات التي لا يمكن للإنسان أن يعيش بدونها وفرضٌ لأمر واقع مناقض لإنسانية الإنسان وهو بهذه الشروط لا يمكن أن يستتب وأن يدوم بل هو مرحلة عابرة في عمر الحضارات والشعوب والدول وإن اعتقد أغلبنا غير ذلك.
أضف تعليقك