بدلا من إصدار قانون يعزز حماية الملكية العامة، يهرع نظام الانقلاب لاستغلال تلك الأملاك واستثمارها بالتأجير تارة والبيع تارات أخرى، وصولاً إلى إنشاء صندوق سيادي غير خاضع للرقابة، لاستغلال ما يصفه السيسي منذ منتصف العام الماضي، بـ"أصول الدولة غير المستغلة".
وتحيا حكومة الانقلاب، وفق العربي الجديد، قانون إنشاء الصندوق المسمى "صندوق مصر" إلى برلمان العسكر خلال ساعات، بعد حصولها على موافقة قضائية من مجلس الدولة على تفاصيله.
وعلى الرغم من أنّ تجربة الصناديق السيادية المطبقة بنجاح في بعض دول العالم، تعتمد في الأساس على الفوائض المحققة في ميزانيات الدول لتعظيم الاستفادة منها، إلا أنّ الصندوق السيادي المصري الجديد لا يعنى بفوائض الميزانية لأن الدولة مدينة بالأساس ولا تحقّق أي فائض، بل يعنى فقط باستغلال واستثمار طائفة كبيرة من الأملاك العامة التي من المفترض -دستورياً- أنّ الدولة تديرها بالنيابة عن الشعب، بحجة أن تلك الأملاك في حقيقتها أصول غير مستغلة، وأنّ الدولة عاجزة عن استغلالها بالصورة المثلى.
وبتأسيس هذا الصندوق ستنقل العديد من الأملاك العامة من حيزها العام إلى الحيز الخاص، وستضفي عليها صفة أنها من أملاك الدولة الخاصة. ومعنى هذا أنّ حصيلة استغلال تلك الأملاك لن تخصص للمنفعة العامة، بل سيعاد تدويرها واستغلالها في أنشطة الصندوق الأخرى التي ستمارس بمعزل تام عن الأجهزة الرقابية.
وتبين أن معظم الأملاك غير المستغلة عبارة عن عقارات وأراضي فضاء، كانت تحت إدارة الشركات القابضة والشركات التابعة لها، فضلاً عن مصانع ومعامل تم تخمينها منذ بدء برنامج خصخصة القطاع العام في تسعينيات القرن الماضي.
وبحسب تقارير رسمية نشرت العام الماضي فإن الأراضي والعقارات غير المستغلة تتجاوز قيمتها تريليوني جنيه (نحو 112 مليار دولار)، علماً أنّ هذا السعر تقديري ولم يتم تسعير تلك الأراضي بمعرفة هيئة الخدمات الحكومية المختصة بذلك.
وسيكون الصندوق الجديد معفيا تماما في تعاقداته من إتباع القواعد القانونية للمناقصات والمزايدات، وستكون كل تعاملاته بالأمر المباشر، ما يفتح الباب لزيادة الشراكات الغامضة غير المراقبة بين أجهزة الدولة والجيش والمستثمرين الخليجيين، وتحديداً الإماراتيين والسعوديين.
ومن الأملاك التي يطمع فيها المستثمرون منذ العقد الماضي والتي ستضم لأملاك الصندوق السيادي؛ الأراضي المملوكة لشركات: "الحديد والصلب المصرية" (بقيمة 500 مليون جنيه)، "النصر لصناعة الكوك" و"النصر لصناعة المطروقات"، "الأهلية للإسمنت بأبو زعبل"، "المصرية للجباسات"، "القابضة للغزل والنسيج" وشركاتها في المحافظات، "القابضة للنقل البحري والبري"، "القابضة للتأمين"، "القابضة للتشييد والتعمير"، "القابضة للأدوية"، "القومية للإسمنت" (منها 800 فدان بحلوان).
أضف تعليقك