يواصل القضاء المصري في عهد المنقلب عبد الفتاح السيسي، ارتكاب جرائم جديدة تنال من نزاهته التي سقطت إبان الانقلاب؛ بسبب تدخل السيسي والجيش في الأحكام والقضايا التي يصدره قضاة لصالح النظام المجرم.
آخر تلك القضايا ما كشفت عنه سلطات الانقلاب العسكري، في القضية 441 لسنة 2018، والخاصة بالصحفيين والاعلاميين والحقوقين والسياسيين المناهضين لحكم رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي داخل مصر وخارجها.
ضمت تلك القضية الهزلية عدد من المعارضين للسيسي علي رأسهم رئيس حزب مصر القوية والمرشح الرئاسي السابق، عبد المنعم ابو الفتوح، والمدون وائل عباس، والحقوقي عزت غنيم، والصحفي المعتز بالله ودنان، الذي أجري الحوار الشهير مع رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق المستشار هشام جنينة.
اتهامات مركبة
وطبقا لمحضر تحريات الأمن الوطني فإن نيابة أمن الدولة العليا قررت فتح القضية لضم آخرين وقتما تريد.
وبحسب مزاعم نيابة أمن الدولة العليا التي تتولي التحقيق بالقضية فقد تنوعت الاتهامات بين التمويل والتخابر مع دول أجنبية وتضليل الرأي العام في الداخل والخارج، والتخطيط لضرب الاستقرار وإشاعة الفوضى فى البلاد.
وتعد القضية واحدة من أكبر القضايا التي تضم صحفيين ومدونين وسياسيين من مختلف الاتجاهات، وأن التهمة الرئيسية فيها هي نقل الحقيقة التي يريد النظام طمسها.
ووسعت سلطات الانقلاب من دائرة المطلوبين على ذمة هذه القضية، التي تعد واحدة من كبري القضايا السياسية التي تشهدها مصر خلال الفترة المقبلة، كما أن الهدف من القضية هو تصفية حسابات سياسية مع كل مخالفي السيسي، سواء المنتمين للإخوان المسلمين أو التيارات الإسلامية بشكل عام، بالإضافة لشخصيات يسارية وعلمانية لهم مواقف ضد السيسي، وهو ما يمثل تطورا جديدا في شكل القضايا السياسية التي تشهدها مصر بالولاية الثانية للسيسي.
خطورة القضية
وتكمن خطورة القضية في أنها وسعت من دائرة الاتهام لتشمل مؤسسات وأشخاص داخل مصر وخارجها، كما أنها بمثابة تحذير للسياسيين المعارضين للسيسي بالظهور في وسائل إعلام لها ارتباط برافضي الإنقلاب خارج مصر مثل قنوات الشرق والعربي ومكملين والوطن والجزيرة، بحسب مراقبون.
كما تختلف القضية 441 عن القضيتين رقم 621 لسنة 2018، المتهم فيها المدوِن شادي أبو زيد، والناشطة اليسارية أمل فتحي، والناشط السياسي شادي الغزالي حرب، بتهم الانضمام لجماعة محظورة، ونشر أخبار كاذبة، وكذلك القضية رقم 718 لسنة 2018، المتهم فيها الحقوقي هيثم محمدين، مع 20 آخرين بتهم مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها، والتحريض على التظاهر، لأن القضية الجديدة تضم شخصيات لا يجمعهم انتماء سياسي واحد، وإنما انتماءات سياسية متضاربة بالإضافة للتركيز على الإعلاميين والحقوقيين.
من جهته قال الباحث السياسي حسين الكردي إن خطورة هذه القضية ليس على المستوي القضائي الذي يسيطر عليه النظام، وإنما على المستوي السياسي، لأن القضية تأتي استكمالا لوأد المعارضة والقضاء عليها بشكل كامل.
وأوضح أن الكشف عن هذه القضية بالتزامن مع قانون الصحافة الجديد، وإقالة وزير الدفاع السابق صدقي صبحي، ثم قانون الحصانة لبعض قيادات القوات المسلحة، كل هذا يصب في اتجاه السيسي نحو تعديل الدستور، وفرض نفوذه كاملا ليس على مفاصل الدولة فقط وإنما على مؤسساتها الفاعلة مثل الجيش والقضاء.
وتوقع الكردي أن تظل هذه القضية مفتوحة لضم عدد أكبر من معارضي السيسي، واستخدامها كورقة لإرهاب مخالفيه وتحديدًا الذين لهم حضور إعلامي مميز ومؤثر، لافتا إلى أن الهدف من ذلك أن تظل صورة معارضة السيسي محصورة في الإخوان وأنصارهم، بينما باقي قطاعات الشعب مؤيدة ومرحبة لقراراته وتحركاته.
أضف تعليقك