الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه .. وبعد؛
فقد وضع الانقلاب العسكري الدموي الأمة أمام أزمة كبيرة، ومحنة عظيمة، وبخاصة بعد الكوارث التي صنعها، والكبائر التي اقترفها، والفتنة التي يسعى لإدخال الأمة في دوامتها، مما يستوجب التوقف والتأمل وحسن النظر؛ لنخرج بأنفسنا وبأمتنا من هذه الفتنة أصفى وأصلب وأقوى بإذن الله.
أولاً: الابتلاء سنة إلهية
لو شاء الله لنصر الحق بغير ابتلاء (ولَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ ولَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ)(محمد:4) ليتميز المؤمن بالله من غيره(وكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنْ بَيْنِنَا)(الأنعام:53) وليتبين صبر المؤمن على عقيدته(وجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ)(الفرقان :20) وليتحرر صدق الإيمان بالله في نفس المؤمن (ولَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الخَوْفِ والْجُوعِ ونَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ والأَنفُسِ والثَّمَرَاتِ وبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إنَّا لِلَّهِ وإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ ورَحْمَةٌ وأُوْلَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ)(البقرة:155–157) وليتميز المجاهد الصادق من المدعي (ولَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ المُجَاهِدِينَ مِنكُمْ والصَّابِرِينَ ونَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ)(محمد:31)،(الـم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وهُمْ لا يُفْتَنُونَ * ولَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا ولَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ)(العنكبوت:1-3)، وليرفع الله في الدرجات من يستحق الرفعة، ففي الحديث الصحيح عند البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «من يرد الله به خيرًا يصب منه».
وهذا الابتلاء يكون أشد كلما كان الإنسان أصدق إيمانًا، وأصح دينًا، وأكمل معرفة بالله، ولهذا كان الأنبياء أشد الخلق بلاءً، فما من أحد منهم بدءًا من آدم حتى محمد صلى الله عليه وسلم إلا شدد الله عليه البلاء، حتى قُتل بعضهم كزكريا ويحيى، وحتى قال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الترمزي وغيره: "ما أوذي أحد ما أوذيت في الله"، وقال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الترمذي وصححه عن سعد بن أبى وقاص رضي الله عنه:"أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلي الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبًا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة".
وأعظم ما يكون هذا الابتلاء في تسليط الظالمين على المؤمنين ليفتنوهم عن دينهم، وعن الحق الذي آمنوا به، وقد قال الله تعالى (واحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إلَيْكَ)(المائدة:49)، وربما اشتد هذا البلاء حتى يتحير الحليم (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ ولَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ والضَّرَّاءُ وزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)(البقرة:214)
ثانيا : الابتلاء حلقات متشابهة تاريخيًا
فليست هذه المحنة التي تعيشها الأمة الآن أولى الشدائد والمحن، بل سبقتها محنٌ كثيرة قاسية انتهت بفضل الله إلى عز للإسلام والمسلمين.
ففي غزوة الأحزاب بلغت الشدة حد قول الله تعالى (وإذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ وتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ وزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا)(الأحزاب: 10-11)، ومع سقوط المنافقين في هذه المحنة فإن المؤمنين قد ازدادوا فيها إيمانا (ولَمَّا رَأَى المُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وعَدَنَا اللَّهُ ورَسُولُهُ وصَدَقَ اللَّهُ ورَسُولُهُ ومَا زَادَهُمْ إلا إيمَانًا وتَسْلِيمًا * مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ)(الأحزاب:22–23).
ولما ارتقى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى تعرضت الأمة لفتنة عظيمة، إذ ارتدت معظم قبائل العرب، فتصدى أبو بكر لهذه الفتنة حتى قمعها الله على يديه، وعادت كل القبائل إلى الحق.
ولما سقطت بغداد والخلافة على يد التتار ظن البعض أن راية الإسلام قد سقطت، حتى إن بعض المؤرخين كتب أنه ينعي الإسلام، لكن لم تمض سنتان اثنتان حتى اندحر التتار وعز الإسلام، بل دخل التتار في الإسلام.
ولما سقطت الخلافة في بداية القرن العشرين، وتمدد الاستعمار في البلاد الإسلامية، ظن البعض أن الإسلام قد أصبح مجرد ثقافة من الماضي ولا سبيل لعودته إلى الحياة، لكن الله قيض للإسلام صحوة كبرى في أنحاء العالم الإسلامي أعادت تعريف الجماهير بحقيقته، وتجميعهم على رسالته، حتى دخل الإسلام كل أقطار الدنيا بفضل الله رب العالمين.
هذا وغيره كثير يجعلنا نطمئن إلى أنه مهما بلغ الكيد لهذا الدين ولهذه الدعوة فإن الله جاعل لأهله فرجًا ومخرجًا، فتلك (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ ولَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً)(الفتح:23).
ثالثًا: عهدنا مع الله
حين حملنا رسالة الحق إلى الخلق فقد عاهدنا الله على احتمال المشاق، والصبر على متاعب الطريق، والرضا والتسليم لما يجري علينا، والصبر واليقين بالنصر، فقد قال تعالى (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وأَنفُسِكُمْ ولَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ ومِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وإن تَصْبِرُوا وتَتَّقُوا فَإنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ(البقرة:186)، وقد أيقنا أن "عظم الجزاء مع عظم البلاء، وأن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط"، هكذا أخبرنا الحبيب صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الترمذي، فليس الابتلاء بالمحنة إلا بابا من أبواب التربية الإلهية على صدق الإيمان وتمام اللجوء إلى الله تعالى، والتهيؤ للقيام برسالة الحق على الوجه الأكمل، يخرج منه المؤمن أشد ثباتًا ورسوخًا من الجبال الراسيات، وأكثر عزمًا وتصميمًا على مواجهة العقبات، ويرحم الله مصطفى صادق الرافعي الذي قال: "ما أشبه النكبة بالبيضة، تُحسب سجنا لما فيها، وهي تحوطه، وتربيه، وتعينه على تمامه، وليس عليه إلا الصبر إلى مدة، والرضا إلى غاية، ثم تفقس البيضة،فيخرج خلقا آخر، فتبارك الله أحسن الخالقين، وما المؤمن في دنياه إلا كالفرخ في بيضته" وصدق والله، وسنخرج بإذن الله من هذه الشدة التي صنعها الانقلابيون أصفى نفوسا وأصلب عودًا، وأقوى إيمانًا، وأشد عزيمة، ليحقق الله لنا وبنا وعده ونصره للإسلام والحق والخير إن شاء الله، فما علينا إلا الصبر والتقوى، وحسن اللجوء إلى جناب الله، والاستمساك بمبادئنا وأخوتنا ووحدة صفنا، واتخاذ كل الأسباب لاستمرار مسيرتنا وتواصلنا وتكافلنا، ورعاية إخواننا المصابين، وأسر إخواننا الشهداء، والتواصل المستمر مع أبناء أمتنا، وعدم التوقف عن أي نشاط خيري أو اجتماعي أو دعوي أو إنساني بدأناه لخدمة أمتنا، مهما حاول المفسدون الانقلابيون الحيلولة بيننا وبين شعبنا الحر الكريم.
علينا أن نذكر دائما عهدنا مع الله على العمل في سبيله لخدمة هذا الشعب، والتضحية من أجل حريته وسعادته، والسير معه في طريق العزة والتقدم، وعلينا أن نبذل غاية جهدنا مع كل أبناء شعبنا في النزول إلى الميادين والشوارع، وفي ابتكار كافة الوسائل والأساليب السلمية لكسر هذا الانقلاب الدموي، واستعادة الشرعية، وتحقيق الديمقراطية، وتأكيد سيادة الشعب وإردته الحرة، وعلينا أن نؤكد للجميع في الداخل والخارج على عدم شرعية الانقلابيين، وأن نتواصل مع كل الأحرار من قوى الوطن السياسية والاجتماعية لتأكيد حرمان الانقلاب من الشرعية، وتوسيع دائرة المشاركة الشعبية السلمية على مستوى كل أرجاء الوطن، لاستعادة ثورة الخامس والعشرين من يناير بكل مكتسباتها، واستكمال تحقيق باقي أهدافها، ولنثق دائما أن "يد الله مع الجماعة" وأنه كلما توحدت فصائل العمل الوطني على هذا الهدف؛ تسارع الفشل الذريع إلى الانقلاب والانقلابيين بإذن الله تعالى.
رابعا : اشتدي أزمة تنفرجي
إن الأمة تمر بعملية ولادة جديدة، وللميلاد مخاض يشتد ويعسر، لكن يعقبه الفرج والفرح إن شاء الله، شريطة أن نحقق أمرين: تقوى الله، والصبر (وإن تَصْبِرُوا وتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا)(آل عمران:120)،(وإن تَصْبِرُوا وتَتَّقُوا فَإنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ)(آل عمران:186)،(ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * ويَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ ومَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْجَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)(الطلاق:2-3)، (ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا)(الطلاق:4).
وإذا كانت المحنة قد اشتدت فذلك بشير الفرج إن شاء الله (حَتَّى إذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ولا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ)(يوسف:110)
إن الشدائد إذا تتابعت انفرجت، وإذا توالت تولَّت، وقد أخرج مالك في الموطأ:أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه: "أما بعد، فإنه مهما ينزل بعبد مؤمن من مُنْزَل شدة يجعل الله بعده فرجا، وأنه لن يغلب عسر يسرين، وإن الله تعالى يقول في كتابه:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وصَابِرُوا ورَابِطُوا واتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(آل عمران:200).
فكم من شدةٍ ذهبتْ وفقرِ
وكم يُسْرٍ أتى من بعد عسرٍ
ففرَّج كُرْبةَ القلبِ الشَّجِيِّ
وكم هَمٍّ تعاظَمَ ثم راحا
وكم أمرٍ تُساءُ به صباحًا
وتأتيك المَسَرَّةُ بالعَشِيّ
وهذا حبيبنا، وزعيم دعوتنا المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول فيما أخرجه أحمد: "واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرًا كثيرًا، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا".
وقال علي رضي الله عنه: "عند تناهي الشدة تكون الفرجة، وعند تضايق حِلَق البلاء يكون الرخاء".
وإن الأعمى يقول لابنه: يا بني كيف نحن من الليل؟ فإذا قال له : قد أسودّ الليل؛ قال: قد قرب الفجر، وقيل لعمر رضي الله عنه: اشتد القحط وقنط الناس، فقال : "الآن يمطرون" أخذ ذلك من قوله تعالى (وهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا ويَنشُرُ رَحْمَتَهُ وهُوَ الوَلِيُّ الحَمِيدُ)(الشورى:28).
وقد اشتد أمل يعقوب في العثور على يوسف عليهما السلام بعد أن بلغت الشدة أوجها بفقد الولد الثاني فقال:(فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إنَّهُ هُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ)(يوسف:83)، وبث في بنيه اليقين والأمل في روح الله، وقال (يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وأَخِيهِ ولا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إنَّهُ لا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إلا القَوْمُ الكَافِرُونَ)(يوسف:87)، وحقق الله رجاءه وجمعه بابنيه بعد أن كان البعض يعتبر الحديث عن يوسف لونا من الخرف والضلال.
توقَّعْ صُنْـعَ ربك سوف يأتي
بمــا تهـواه من فـــرجٍ قريبِ
ولا تيْـأَسْ إذا ما نـاب خَـطْبٌ
فكم في الغيبِ من عَجَبٍ عجيبِ
وأبلغ من كل ذلك قوله تعالى (فَإنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا * إنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا)(الشرح:6) وقوله تعالى (إنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ المُحْسِنِينَ)(الأعراف:56).
إذا اشتملتْ على اليأس القلوبُ
وَضَاْقَ بِمَا بِهِ الصَّدْرُ الرَّحِيْبُ
وأوطنت المكارهُ واستقرت
وَأَرْسَتْ فِي أَمَاكِنِهَا الخُطُوْبُ
ولم ترَ لانكشاف الضرِّ وجهاً
ولا أغنى بحيلته الأريبُ
أتاكَ على قنوطٍ منك غوثُ
يمنُّ به اللطيفُ المستجيبُ
وكلُّ الحادثاتِ اذا تناهتْ
فَمَوْصُولٌ بِهَا فَرَجٌ قَرْيَبُ
ومن تمام الثقة بنصر الله أن يُذَكِّر بعضنا بعضا بواجب الدعاء والتضرع لله سبحانه، فذلك أهم الأسلحة التي نواجه بها هذه الفتنة وهؤلاء الانقلابيين المفسدين، والله تعالى يقول (أَمَّن يُجِيبُ المُضْطَرَّ إذَا دَعَاهُ ويَكْشِفُ السُّوءَ ويَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ)(النمل:62)، فندعو الله ونتغوث به تغوث الغريق الذي يخشى على نفسه الغرق فيتعلق بالله الذي يكشف الفتنة وينجي من المحنة، ونقنت قنوت النوازل في الصلوات، ونذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر اشتد في الدعاء جدا حتى أشفق عليه أبو بكر رضي الله عنه، وجعل صلى الله عليه وسلم يقول "اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم نصرك"، وأبو بكر من ورائه يسوٍّي عليه رداءه الذي سقط عن منكبيه، ويقول له: يا رسول الله كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك"، فندعو الله ونحن واثقون من نصره للصادقين، ومن إلحاق الهزيمة والفشل بالمفسدين الظالمين؛ الذين سفكوا الدماء البريئة بغير حق، ولنحفظ دعوات تفريج الكروب وندعو بها في كل حين، ولئن نزغ الشيطان في قلبك بأن الأمة كلها تدعو ولا يتحقق شئ فاذكر ما قاله ابن عطاء الله السكندري في حكمته "لا يكن تأخر أمد العطاء مع الإلحاح في الدعاء موجبا ليأسك، فهو ضمن لك الإجابة فيما يختاره لك، لا فيما تختاره لنفسك، وفي الوقت الذي يريد، لا في الوقت الذي تريد، وصدق الله العظيم (وقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)(غافر:60) .
وفي الختام فعلينا أن نذكر دائما، وأن نُذَكِّر شعبنا الحر الثائر أن سلميتنا سر قوتنا، وأننا أبدًا لن ننجر إلى أي عنف مهما بلغ استفزاز الانقلابيين، وأن تغييب قياداتنا لن يؤثر في عزيمتنا ولا في سلمية خطتنا وثورتنا، حتى يحقق الله لنا النصر إن شاء الله(فَسَيُنْغِضُونَ إلَيْكَ رُءُوسَهُمْ ويَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا)(الإسراء:51) .
والله أكبر وتحيا مصر حرة مستقرة
وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
------------
نشرت هذه الرسالة على موقع إخوان أون لاين في أواخر العام 2013
أضف تعليقك