كشفت صحيفة العربي الجديد، أن مصلحة السجون بدأت بتطبيق سياسة صارمة ضد المعتقلين المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من التيارات الإسلامية، الرافضين للاندماج في المبادرة التي أطلقتها أجهزة الانقلاب للإفراج عن عدد كبير من المعتقلين مقابل اعترافهم بقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي رئيسا، والتوقيع على وثائق صاغها جهاز الأمن الوطني، تتضمن بنوداً واضحة للابتعاد عن العمل السياسي والتنظيمي، والتعهد بالإبلاغ عن أي أنشطة معادية للانقلاب في الدوائر المحيطة بهم.
ونقلت الصحيفة عن مصادر متطابقة من أهالي المعتقلين وضباط بمصلحة الأمن العام، أن مصلحة السجون شددت شروط إدخال المأكولات والمشروبات المعدة في المنازل والأجهزة الكهربائية إلى هؤلاء المعتقلين، على وجه التحديد بداية من يوليو الحالي، رغم أن الشروط كانت تُخفف بشكل دائم خلال أشهر الصيف، خشية تعرض المعتقلين إلى مشاكل صحية قد تودي بحياتهم نتيجة الحر الشديد.
كما تم رفع أسعار المأكولات والمشروبات، بصفة عامة، في مقاصف السجون، وأُخطر الأهالي بتقليل عدد الزيارات من دون علم مسبق، إلى حد منع عشرات الأسر من الزيارة بعد وصولهم للسجون، عكس ما كان يعمل به من قبل.
وأوضحت المصادر الأمنية أن هذه السياسة ليست وليدة تشديدات مؤقتة بسبب حداثة تولي وزير داخلية الانقلاب، محمود توفيق، بل بسبب رغبة النظام في تعميم التوقيع على وثائق ترك العمل السياسي وتأييد السيسي، لتقليل عدد السجناء السياسيين أو المنتمين إلى تيارات سياسية بحلول العام المقبل، حيث سيتم تضمين الموقعين في قرارات العفو الجديدة.
ولفتت المصادر إلى أن مصلحة السجون منحت وضعاً خاصاً للمعتقلين الذين قبلوا بتوقيع الوثيقة، إذ تم نقل بعضهم إلى عنابر ذات ظروف معيشية أفضل، وسمح لهم بالزيارة وبدخول الأطعمة والمشروبات وبعض الأجهزة الكهربائية والكتب، كما تم نقل عدد منهم من سجن العقرب، شديد الحراسة، إلى سجن مزرعة طرة.
كما تكثف داخلية الانقلاب، في جميع السجون، من إلقاء محاضرات دينية للشباب الأحدث سناً، تركز على طاعة الحاكم وضرورة عدم الخروج عليه، وتعيد تعريف التظاهرات الرافضة للانقلاب، واعتصامات رابعة العدوية والنهضة بين عامي 2013 و2014، باعتبارها محاولة للخروج على إجماع الأمة، وإقحاماً للسياسة في الدين.
وكانت مصادر حكومية وأمنية قد كشفت، لـ"العربي الجديد"، أن السيسي ومدير مكتبه السابق، عباس كامل، الذي أصبح رئيساً لجهاز المخابرات العامة، شكلا، منذ عدة أشهر، لجنة سياسات مشتركة بين ممثلين لوزارات الداخلية والعدل والخارجية والأوقاف بحكومة الانقلاب والأزهر والمخابرات العامة، فضلاً عن مستشاري السيسي للشئون الأمنية، أحمد جمال الدين، وللأمن القومي، فايزة أبو النجا، وللخطاب الديني، أسامة الأزهري.
وكلفت هذه اللجنة بوضع "خطة لخلخلة التماسك التنظيمي للإخوان وغيرها من الجماعات في السجون، ودمج عدد من المعتقلين في مبادرة جديدة للاعتراف بالسيسي ونبذ العنف والمعارضة.
وتضمنت أعمال هذه اللجنة التنسيقية "دراسة إمكانية إعطاء بعض المميزات الدراسية والمهنية للأشخاص القابلين للاندماج في هذه المبادرة بعد خروجهم من السجن، بحيث تبرهن الدولة عن إمكانية طي صفحة الماضي مع الأجيال الشابة من جماعة الإخوان، خصوصاً مواليد التسعينيات وما تلاها، وقطع الصلات بينهم وبين أفكار التنظيم القديمة.
ونوهت المصادر إلى أن من الأسباب التي دفعت النظام الانقلابي لإطلاق هذه المبادرة رصده التقارب بين المئات من الشباب الذين انشقوا عن جماعة الإخوان المسلمين، والذين دخلوا السجون في قضايا تظاهر وهم دون سن الرشد (21 سنة)، وبين المتهمين بالانتماء إلى خلايا تكفيرية، تابعة فكرياً أو تنظيمياً إلى "داعش"، وذلك بعدما كانت السجون تشهد في السنوات الثلاث الماضية تصعيداً دائماً بين "الإخوان" من ناحية والتكفيريين من ناحية أخرى، بسبب تكفير الخلايا "الداعشية" لـ"الإخوان"، واتهامهم بالمسئولية عما آلت إليه الأوضاع السياسية في مصر وإفشال مشروع الإسلام السياسي.
يذكر أن آخر قرار عفو أصدره السيسي، بعد بدء هذا البرنامج منذ شهرين، تضمن 331 شخصاً فقط من المحبوسين في قضايا تظاهر وعنف، بعضهم ليسوا من "الإخوان"، ما عكس تعثر هذه المبادرة وعدم تفاعل معظم السجناء المحكومين معها، ليس فقط بسبب تعارضها مع ما يؤمن به معظمهم بافتقار السيسي للشرعية، ولكن أيضاً بسبب الشروط التي تضع السجناء تحت سطوة أجهزة الشرطة لمدة طويلة بعد خروجهم من السجن.
أضف تعليقك