عادت صحيفة "نيويورك تايمز" لتسليط الضوء على الانقلاب العسكري على أول رئيس منتخب ديمقراطيا الدكتور محمد مرسي، من منصبه، كاشفة عن تواطؤ ضمني جرى بين الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس السابق، باراك أوباما، وأنظمة عربية تعتبر "الإسلام السياسي" خطرا يهدّد استمرارها.
وفي مقالها التحليلي الذي يحمل عنوان "البيت الأبيض والرجل القوي"، نقلت الصحيفة تفاصيل جديدة عن وقوف إدارة أوباما مكتوفة الأيدي أمام تهاوي الديمقراطية الوليدة بمصر، وتعبيدها الطريق أمام إدارة الرئيس دونالد ترامب لاحتضان الطغاة، في إشارة إلى المنقلب الخائن عبد الفتاح السيسي، وتبعات ذلك على المنطقة ككل.
واعتبر المقال، الذي أعدّه مدير مكتب الصحيفة السابق بالقاهرة، ديفيد كيركباتريك، أن عقيدة ترامب المتمثلة في الإيمان بأن القوة الغاشمة هي الردّ الوحيد على التطرف، وتبنيه مواقف "صقور المنطقة"، بإسرائيل وبعض دول الخليج، بدأت تتشكّل معالمها خلال فترة حكم أوباما، حينما دعم حلفاء ترامب الإقليميون الانقلاب العسكري في 2013 على مرسي والإخوان المسلمين.
وفي المحصلة، أوضح كيركباتريك أن الانقلاب مثّل تحولاً لافتاً في المنطقة، بعدما قضى على آمال وأحلام تحقق الانتقال الديمقراطي وعزّز في المقابل سطوة الدكتاتورية والتطرّف.
وأضاف أن ذلك تزامن مع تحول في سياسة الإدارة الأميركية أدى إلى تقوية موقف من كانوا داخل البيت الأبيض: "يقولون إنه يتعيّن سحق هؤلاء الأشخاص (الإخوان المسلمين)"، وفق تعبير أندروا ميلر، الذي كان مسؤولاً عن متابعة الملف المصري داخل مجلس الأمن القومي الأمريكي خلال فترة أوباما.
كذلك لفت مدير مكتب "نيويورك تايمز" السابق إلى أن أشدّ المناصرين العلنيين في واشنطن للانقلاب العسكري تقلّدوا مناصب عليا داخل إدارة ترامب، ومنهم وزير الدفاع، جايمس ماتيس، ومايكل فلين، الذي شغل منصب أول مستشار في الأمن القومي لدى ترامب.
وحكى كيركباتريك أنه كان مدير مكتب الصحيفة خلال فترة الانقلاب، ومن خلال عودته للأحداث سنوات بعد ذلك بدأ يستوعب أكثر دور واشنطن، وكيف أن دعم إدارة أوباما لانتفاضات الربيع العربي تعرض لمقتل منذ البداية، بسبب الخلافات حول الملفات نفسها التي تشكّل الآن سياسة ترامب الخارجية، أي طبيعة التهديد الذي يشكّله الإسلام السياسي، ومدى الولاء للحلفاء الثيوقراطيين، كالإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ومدى صعوبة تحقيق الانتقال الديمقراطي بمصر والمنطقة
وعن دور دول الجوار في الانقلاب، عاد كيركباتريك ليكشف أن السعودية والإمارات، اللتين يخشى حكامهما الانتخابات، ويمقتونها أكثر إن انتهت بفوز الإسلاميين، قادوا حملة ضغط شديدة لإقناع واشنطن أن مرسي والإخوان المسلمين يشكلون خطراً على المصالح الأميركية.
وكشف أيضًا أن المسؤولين الأميركيين خلصوا في وقت لاحق إلى أن الإمارات كانت تقدم دعماً مالياً سرّياً للمتظاهرين ضدّ الرئيس محمد مرسي.
أضف تعليقك