بقلم: عز الدين الكومي
بعد إحالة أوراق 75 شخص دفعة واحدة، في حلقة جديدة من مسلسل الإعدامات بالجملة والقطاعى، لمفتى الدم ليبصم على قرار المحكمة، كما هو دوره المرسوم له، بشأن فض رابعة، للتأكيد على أن مصر تعيش في ظل شريعة الغاب، حيث أصبحت الإعدامات جزء من الحياة اليومية للشعب المصرى، وبعد أن تحوّلت مصر بكاملها إلى سجن كبير، وليوجه رسالة إلى أسياده، بأن من أفلت من القتل على يد ميليشيات الانقلاب المسلحة يوم فض رابعة، لن يفلت من ميليشيات الانقلاب القضائية، فلا فرق إذاً بين مجرم يقتل الأبرياء بالرصاص الحى، ومجرم يقتلهم بأحكام جائرة، تفتقد لأبسط قواعد العدالة، بشهادة المنظمات الحقوقية الدولية، كما أن النظام الانقلابى، يريد أن يبرهن على مصداقية احتلال مصر لذيل قائمة الدول في مؤشر مشروع العدالة العالمية (WJP)، حيث حلّت مصرفي المرتبة ال 110 من مجموع 113 دولة، من حيث نزاهة القضاء وسيادة القانون، متذيّلة ترتيب الدول العربية والأفريقية التي شملها قياس الأداء المستند إلى مؤشرات السيطرة على الحكومة، وغياب الفساد، والحقوق الأساسية، والنظام والأمن، والعدالة المدنية، والعدالة الجنائية، وتقدمت مصر على كل من: أفغانستان، وكمبوديا، وفنزويلا التي حلت في المرتبة الأخيرة.
وسيذكر التاريخ أن الدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، والذي قال بعد صدور حكم الإعدام في أحد التهم المزيفة والملفقة على يد جلاوزة الشرطة: لو أعدموني ألف مرة والله لا أنكص عن الحق.
إننا لم نكن نهذي حين قلنا إن الموت في سبيل الله أسمى أمانينا. اللهم فاقبل.. اللهم فاقبل.
وعندما قال له أحد قضاة جهنم: أنا أجلس على هذا الكرسي وأعرف معنى العدل: "أنا أجلس في هذا القفص من الستينيات وأعرف معنى الظلم".
وكما قال الشاعر الشهيد هاشم الرفاعى:
الحــــرُ يعــــرف ما تريــــد المحكمـــــة
وقُضاتــــها سلفـــــــــاً قـد ارتشفــوا دمه
لا يرتجي دفعاً لبهتان رمـــاه به الطغـــــاة
المجرمون الجالسون على كراسي القضـــــاة
حكموا بما شاءوا وسيق أبوك في أغلالــــه
قد كان يرجو رحمـــة للنــاس من جـــلاده
ما كان يرحمه الإلــــه يخون حب بـــلاده
لكنه كيـد المُدِل بجنـــده وعتـــاده
المشتهى سفك الدمـــاء على ثـــــرى رواده
كذبوا وقالوا عـــن بطولتـــه خيانـــة
وأمامنا التقريــر ينطـق بالإدانــــة
هذا الذي قالوه عنه غداً يردد عـن ســواه
ما دمت تبحث عن أبِيٍّ في البلاد ولا تــراه
ومن أدلة الثبوت التي استندت إليها النيابة العامة، التي تواطأت مع المحكمة لإعدام الأدلة التي تحمل براءة المتهمين وتدين داخلية الانقلاب، والمسئولين عن فض الاعتصام بالقوة، إلى أحد التقارير الصادرة عن "مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية"، الذى يمتلكه المتصهين "سعد الدين إبراهيم"، حول فض اعتصام رابعة وما صاحبه من أحداث من وجود مسلحين في التجمهر واستخدام السلاح بكثافة ضد قوات الشرطة ... كما ينفي ذلك عن المتجمهرين صفة السلمية، وانتقاء قصد القتل ضد قوات الشرطة لأن الأمر لا يعكس توجها عاما لدى الدولة أو يكشف قصد عام في ارتكاب جريمة القتل، فوجهت النيابة إلى المتهمين اتهامات عديدة، من بينها: تدبير تجمهر مسلح والاشتراك فيه بميدان رابعة العدوية وقطع الطرق، وتقييد حرية الناس في التنقل، والقتل العمد مع سبق الإصرار للمواطنين وقوات الشرطة المكلفة بفض تجمهرهم، والشروع في القتل العمد، وتعمد تعطيل سير وسائل النقل.
ومن العجيب العجاب، أنه في الوقت الذي يتم فيه إحالة أوراق إعدام 75 من خيرة علماء وشباب مصر إلى مفتى الدم ليبصم عليها، تمت ترقية الخائن "محمد أحمد زكى" قائد مجزرة الحرس الجمهوري" ليكون وزيراً للدفاع، ويمنح رتبة فريق أول، في جامعة القاهرة إذاناً بعسكرة الجامعات!!
وقد وصفت منظمة العفو الدولية "أمنيستي" قرار محكمة جنايات الانقلاب، بإحالة أوراق 75 معارضاً إلى المفتي، لاستطلاع رأيه في إعدامهم، بأنه يفتقر إلى أدنى ضمانات العدالة.
وقالت المنظمة الدولية: بينما تم تأجيل الحكم على المصور الصحافي شوكان، إلى 8 سبتمبر القادم وإحالة أوراق 75 شخصا إلى المفتي في قضية فض رابعة في محاكمة جماعية تفتقر لأدنى ضمانات المحاكمة العادلة، فحتى الآن لم تتم محاسبة أحد من قوات الأمن على مقتل ما لا يقل عن 900 شخص خلال فض اعتصامي رابعة والنهضة.
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد اتهمت محاكم نظام الانقلاب باستصدار أحكام بالإعدام على 1450 شخصاً من دون محاكمة عادلة، خصوصاً أنهم متهمون بقضايا على خلفية انتمائهم السياسي، ومن دون مراعاة تحقق شروط النزاهة في تلك المحاكمات، ما يثبت فشل مصر في احترام تعهداتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، خصوصاً في ما يتعلّق بالإجراءات القانونية الواجبة، وضمانات المحاكمة العادلة.
لكن وكلاء الانقلاب الحصريين، والداعمين لنظام الانقلاب، وعلى رأسهم أمريكا، يغضون الطرف عن كافة الانتهاكات، طالما أن النظام الانقلابى يقوم بواجباته في حماية الصهاينة!!
وهذا هو حال الطغاة في كل زمان ومكان، فقد مات ابن تيمية ولكن لا تزال كلماته التي قالها لتلاميذه يرجع بها الصدى: ما يفعل أعدائي بي؟ إن جنتي وبستاني في صدري.. إن قتلي شهادة، وسجني خلوة، ونفيي سياحة!!
أضف تعليقك