• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانيتين

بقلم د. محمد عمارة

في عام 1220هـ (1805م) بلغت مظالم الجند العثماني وفوضاهم الذروة، وأمام ضعف الوالي العثماني "خورشيد باشا" ومظالمه هو الآخر، تصاعدت الثورة الشعبية الدستورية التي قادها العلماء، فأضرب علماء الأزهر وطلابه عن حلقات الدرس، وماجت القاهرة بالمظاهرات التي قصدت منازل العلماء.

وكان "مجلس الشرع" هو القيادة الشعبية للأمة منذ الحملة الفرنسية على مصر عام 1213هـ (1798م)، ومن أبرز علمائه السيد عمر مكرم، والشيخ محمد السادات، والشيخ عبد الله الشرقاوي، والشيخ محمد المهدي، والشيخ محمد الأمير، والشيخ مصطفى الصاوي، والشيخ سليمان الفيومي.

وفي صبيحة يوم الأحد 12 صفر 1220هـ (12 أيار/ مايو 1805م) انعقد "مجلس الشرع" في "بيت القاضي" - دار الحكمة الكبرى - وسط جماهير الشعب الثائرة، والتي بلغ عددها أربعين ألفا، وتمثل طبقات الأمة وأجيالها، وكان هتاف الجماهير وصراخها: "شرع الله بيننا وبين هذا الباشا الظالم".. "يا رب يا متجلي أهلك العثمنلي".. "يا لطيف يا لطيف".. "حسبنا لله ونعم الوكيل".

وطلب "مجلس الشرع" من "القاضي" استدعاء وكلاء الوالي العثماني، فحضر "سعد آغا الوكيل" و"بشير أغا" و"عثمان أغا كتخدا" و"الدفنار" و"الشمعدانجي".

وأصدر "مجلس الشرع" الوثيقة التي سماها المؤرخون "وثيقة الحقوق"، والتي التزم بها أركان الدولة ووكلاء الوالي خورشيد باشا، وهي الوثيقة التي تعتبر أولى وثائق حقوق الإنسان بالشرق في العصر الحديث.

ويحدد "الجبرتي" المظالم التي صار ضدها الشعب، والتي اجتمع لأجل رفعها "مجلس الشرع" فيقول إنها: تعدي طوائف العسكر وإيذاؤهم للناس، وإخراجهم من مساكنهم، والمظالم والإتاوات التي فرضوها على الناس، وتحصيل المال الميري قبل مواعيده، ومصادرة أموال الناس بالدعاوى الكاذبة.

أما المؤرخ الفرنسي "فولابل"، صاحب كتاب "مصر الحديثة"، وواضع الجزء التاسع والجزء العاشر من كتاب "وصف مصر"، والذي سمى الوثيقة التي وضعها "مجلس الشرع" "وثيقة الحقوق"، فإنه يحدد مطالبها، فإذا هي:

1- ألا تفرض من اليوم ضريبة إلا إذا أقرها العلماء وكبار الأعيان.

2- وأن يجلو الجنود عن القاهرة، وتنتقل حامية المدينة إلى الجيزة.

3- وألا يُسمح بدخول أي جندي إلى القاهرة حاملا سلاحه.

4- وأن تعاد المواصلات في الحال بين القاهرة والوجه القبلي.

وهكذا تحركت الجماهير ضد المظالم السياسية والاقتصادية وضد أجهزة القمع، وهكذا كان "مجلس الشرع" السلطة القائدة للأمة، منذ الثورة على الحملة الفرنسية وحتى الثورة على مظالم الولاة العثمانيين.

أضف تعليقك