• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

تمر الذكرى الخامسة على مذبحة القرن، ولا نريد أن نجعل منها بكائية ولطمية، كما يفعل الشيعة في يوم عشوراء، فقد ميزت رابعة بين فسطاط أهل الإيمان الحق، وبين فسطاط أهل الزيغ والضلال والنفاق، فقد فضحت أهل الباطل من أدعياء السلفية والديمقراطية والليبرالية والحرية، ونزعت عنهم آخر أوراق التوت، التي تستروا وراءها طويلاً، وكشفت عن خيانة وعمالة العسكر، وشيوخ السلاطين، ونخب العار العفنة، والإعلام المضلل المطبل المأجور، فاقد الضمير والإنسانية….

رابعة متعرفش انكسار
رابعة الصمود رابعة الأمل
لكل حر بقت شعار
حلم الكرامة مهوش بعيد
يتعيش بطل يتموت شهيد
يا كل أحرار الوجود
رابعة إشارة للصمود
رابعة وطن مالهوش حدود

وكما قال الشيخ سلمان العودة بعد المجزرة: إن من شأن سفك الدماء أن يصنع ثأراً لدى الشعوب يصعب نسيانه، فالقتل جريمة عظمى وعدوان كبير، خاصة إذا صدر بحق أبرياء يريدون التعبيرعن مطالبهم المشروعة بطرق سلمية، والذى يتهرب من استنكار القتل لأنه يراه في صالحه فهو شريك في الجرم، ومن أعان القاتل بقول أو فعل أو مال أو إشارة أو تسويغ فهو شريكه، وخاطب الراقصين على الدماء والأشلاء قائلاً: ألا أيها المستبشرون بقتلهم، أطلت عليكم غمة لا تفرج.

وقد أطلت الغمة، كما تنبأ الشيخ، وطالت كل من ساهم في هذه المجزرة، فبعد خمس سنوات من المجزرة، أحمد شفيق قيد الإقامة الجبرية، وهو أحد المشاركين في غرفة العمليات التي جهزت للإنقلاب على الرئيس مرسى، من الإمارات، وصدقى صبحى، وأحمد وصفى وأسامة عسكر والتراس وغيرهم، كلهم قيد الإقامة الجبرية، ونشطاء السبوبة، دومة وماهر تم التخلص منهم، وتواضروس الذى وجه ثلاثية الشكر لعسكر كامب ديفيد شكرا شكرا شكرا لمن فتح أبواب الأمل أمنا جميعا جيش مصر العظيم شرطة الرائعة شعب مصر العظيم، كل يوم فضيحة في الأديرة، وكل أعضاء جبهة خراب مصر، تم ركلهم والتخلص منهم، والأذرع الإعلامية المأجورة تم إبعادهم، بعد كل هذا النباح، وأما الشعب الثانى الذى رقص وطبل وحمل البيادة على رأسه، يذوق الأمرين، من ضنك العيش والغلاء، والذل والهوان.

أما شهداء رابعة، فهم شهداء الحق، الذين دافعوا عن الدين والوطن والحرية والكرامة الإنسانية، بذلوا أرواحهم رخيصة حسبة لله تعالى، لاينتظرون جزاء ولا شكورا من أحد، وقد رأت إحدى الأخوات صبيحة يوم المجزرة، أن أرض الميدان سوداء محروقة، والتفتت فإذ برسول الله -صلى الله عليه وسلم-قادم حزين، فسألته فقال لها صلى الله عليه وسلم: رابعة بيضاء في السماء سوداء في الأرض، اللهم إنى راضٍ عن شهدائها، اللهم ارحم مصابيها وأحيى من بقى، ثم أشاح بوجهه عنها حتى لا ترى بكاءه -صلى الله عليه وسلم-!

فقد مات أصحاب الأخدود فانتصرت مبادئهم من بعدهم، غلام كان موقفه سببا في إيمان أمة، حين قتل الغلام والراهب وجليس الملك، جرب الملك مع الغلام وسيلتين للقتل فنجا منهما، فدعا الملك أن يربطه بجذع نخلة ويجمع شعبه كله في صعيد واحد، ثم يطلق السهم ويقول باسم الله رب الغلام، ففعل الملك المقالة وأصاب السهم صدغ الغلام، فسقط شهيدا فقال الناس أجمعون: أمنا بالله رب الغلام ولم يكن موقف الغلام دافعا إلى إيمان أمته فحسب، بل دفعها إلى الإصرارعلى هذا الإيمان، حين شق لهم الملك الأخاديد وأضرمها بالنيران وخير شعبه بين الرجوع عن دينهم أو الإلقاء في النار، ففضلوا جميعا أن يلقوا في النيران على أن يرجعوا عن الحق الذي آمنوا به وخلد القرآن قصتهم في سورة البروج قال تعالى:{قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ} (3) {النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ} (4) {إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ} (5) {وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ} (6) {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} (7).

ووحدث بعد غزوة أحد، أن طمع الأعداء في المسلمين، فقدم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بعد أحد رهط من عضل والقارة فقالوا: يا رسول الله إن فينا إسلاماً فابعث معنا نفراً من أصحابك يفقهوننا في الدين، ويقرئوننا القرآن، ويعلموننا شرائع الإسلام، فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معهم نفرا من أصحابه، فقتلوا وفد رسول الله- صلى الله عليه وسلم – جميعهم، وكانوا ستة من القراء.

ثم بعث رسول الله أصحاب بئر معونة، على رأس أربعة أشهر من أحد، وقتل فيه سبعون صحابياً من خيار المسلمين غدراً وخيانة.

بلاء على إثر بلاء، ولكن الدعوة مستمرة، والمنهج محفوظ، يختار الله من يشاء من المخلصين إلى جواره، وتبقى بقية القافلة في سيرها إلى الله كما أمرها الله.

ومع كل ماحدث من قتل وسفك للدماء في رابعة وأخواتها من مذابح على يد العسكر، فلا مجال لليأس والقنوط والإحباط، لأن اليأس أخو الكفر كما قال تعالى: (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) [سورة يوسف: 87].

وكما قال أحد الحكماء:إذا رأيت الليل يسّود ويسّود، فاعلم أن الفجر قريب.
وإذا رأيت الحبل يشتد ويشتد، فاعلم أن انقطاعه قريب.
وإذا رأيت الكرب يحتد ويحتد، فاعلم أن الفرج قريب.

فإن الفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا، ومن يدرى أن هذه المحنة تنطوى على منحة ربانية كبرى، وفتحا ونصرا للإسلام والمسلمين!

أضف تعليقك